موقع صنعاء سيتي – متابعات – 21 ذو الحجة 1446هـ
تواصل سلطات الاحتلال الإسرائيلي خطواتها التصعيدية تجاه المسجد الأقصى، مستغلة انشغال المنطقة بالمواجهة التي افتعلتها مع إيران، لفرض مزيد من السيطرة على أحد أقدس المقدسات الإسلامية.
الإغلاق المستمر لأبواب المسجد لليوم الخامس على التوالي لم يعد إجراءً أمنيًا عابرًا، بل أصبح عنوانًا لسياسة ممنهجة تهدف إلى تكريس “السيادة الإسرائيلية” على الحرم الشريف، وتغيير الواقع القائم فيه تحت ذرائع الحرب.
مختصون في الشأن الفلسطيني، أكدوا أن هذه الإجراءات تندرج ضمن “مخطط طويل الأمد يسعى إلى إعادة تعريف الوضع القائم في المسجد، ليس فقط من خلال الإغلاق، بل عبر التدخل في إدارة شؤونه، وتهميش دور دائرة الأوقاف، وتحويله إلى ساحة خاضعة بالكامل لإرادة الاحتلال وأجهزته الأمنية”.
غطاء أمني
في هذا السياق، قال الباحث في شؤون القدس، علي إبراهيم، إن “سلطات الاحتلال تواصل إغلاق أبواب المسجد الأقصى المبارك أمام المصلين لليوم الخامس على التوالي، متذرعةً بالإجراءات الأمنية المرتبطة بالحرب الدائرة مع إيران، في خطوة تُعد انتهاكًا صارخًا للحقوق الإسلامية الأصيلة في المسجد، وتدخلاً سافرًا في صلاحيات دائرة الأوقاف الإسلامية”.
وأضاف في حديثه لـ”قدس برس” أن هذه الخطوة “تعكس محاولة ممنهجة من قبل الاحتلال لفرض مزيد من السيطرة على المسجد الأقصى، عبر منع المصلين من أداء شعائرهم الدينية، وحصر الصلاة داخله بعددٍ محدود من الموظفين والحراس”.
وأوضح أن “الذرائع الأمنية التي يسوّقها الاحتلال أصبحت غطاءً لانتهاكات متكررة تهدف إلى تغيير الواقع الديني والإداري في المسجد”.
وأشار إلى أن “قرارات إغلاق الأقصى ليست جديدة، فقد تكررت في السنوات الماضية، لا سيما عقب تنفيذ عمليات فلسطينية قرب المسجد أو في البلدة القديمة، باستثناء الإغلاقات التي شهدها خلال جائحة كورونا. إلا أن المستجد هذه المرة يتمثل في توظيف ذريعة الحرب لتبرير الإغلاق وفرض الأمر الواقع”.
وتابع إبراهيم: “يحاول الاحتلال من خلال هذه الخطوة تكريس السيطرة الكاملة لأذرعه الأمنية على شؤون المسجد، بما في ذلك قرار فتحه أو إغلاقه، في ظل غياب أي مساءلة أو اعتراض دولي أو إسلامي فعّال”.
وحذر من أن “الاحتلال يستغل حالة التصعيد الإقليمي وانشغال الأطراف المختلفة في صراعات خارجية لفرض وقائع جديدة على الأرض في مدينة القدس، وعلى وجه الخصوص في المسجد الأقصى”.
وقال: “هذا الانفراد الإسرائيلي يطرح تساؤلات مباشرة حول مدى تصاعد عدوانه على الأقصى في ظل هذا الصمت، وعدم وجود ردود فعل حاسمة تجاه هذه الإجراءات المجحفة”.
وأضاف: “إن التعامل مع هذه الخطوات على أنها مؤقتة أو ظرفية، سواء من قبل الجهات الرسمية التي تمثل الوصاية على المقدسات، أو من خلال الفتور الشعبي، يشجع الاحتلال على المضي قدمًا في فرض مزيد من الإجراءات القمعية والاستفزازية”.
وختم محذرًا من أن “الاحتلال قد يعمد إلى تكرار إغلاق الأقصى أمام المصلين مستقبلًا، بذريعة الحفاظ على الأمن خلال الأعياد اليهودية أو غيرها من المناسبات التي تراها الجماعات المتطرفة فرصة لفرض وجودها على المسجد، في ظل غياب الردع الحقيقي”.
أبعاد خطيرة وراء الإغلاق
وفي السياق ذاته، كشف المتخصص في شؤون القدس، زياد ابحيص، عن أبعاد خطيرة تتجاوز الإجراءات الأمنية المعلنة.
وقال ابحيص، في منشور على /فيسبوك/ إن “رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، ألقى قبل نحو أسبوعين من بدء العدوان على إيران، خطابًا أمام قادة الصهيونية الدينية خلال احتفال مركزي في مؤسسة (هاراف) بالقدس، تعهد فيه صراحة بأنهم سيدخلون المسجد الأقصى، ليرد الحضور بالغناء: سيُبنى الهيكل وستمتلئ صهيون”.
وأضاف أن “نتنياهو، بحضور وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش، شبّه الحرب الحالية بما أسماها (حرب القيامة)، معتبرًا أن مسارها الصاعد سينتهي ببناء (الهيكل)”، في إشارة واضحة إلى أن الهيمنة على الأقصى تقع في صميم أهداف هذه الحرب، وإن لم يُعلن ذلك صراحة.
وأشار إلى أن “نتنياهو اعتاد منذ عام 1996 تجنب الحديث علنًا عن نواياه تجاه الأقصى، وكان يفرض سياساته أمرًا واقعًا، إلا أن تصريحه الأخير يُعد من المرات النادرة التي يربط فيها صراحةً بين الحرب وبين مشروع بناء “الهيكل” المزعوم، وهو ما قوبل بترحيب واسع من تيار الصهيونية الدينية”.
وختم ابحيص بالقول: “استهداف الأقصى جاء في صميم العدوان الإسرائيلي منذ لحظاته الأولى، حيث طردت شرطة الاحتلال المصلين فجر الجمعة، ومنعت إقامة صلاة الجمعة، وأغلقت المسجد لأيام، في محاولة لتكريس عزلة المسجد وفرض السيادة الصهيونية عليه كأمر واقع لا يخضع لأي منازعة دينية أو قانونية”.
التعليقات مغلقة.