بينما الإبادة تتواصل في غزة.. أنظار العالم تتجه نحو طهران

موقع صنعاء سيتي – متابعات – 21 ذو الحجة 1446هـ

 

في خضم المواجهة بين إسرائيل وإيران، يجد قطاع غزة نفسه في قلب معادلة سياسية وأمنية معقدة، حيث تتواصل الاعتداءات والجرائم الإسرائيلية دون هوادة، وسط تراجع ملحوظ في الاهتمام الإعلامي والدولي، ودون حديث عن أي أفق لمفاوضات تتعلق بوقف الحرب.

ويرى كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات في أحاديث منفصلة مع “ے”، أن هذا الانشغال بالمواجهة الإيرانية الإسرائيلية، منح تل أبيب مساحة واسعة لتكثيف عدوانها على قطاع غزة في محاولة لفرض وقائع جديدة على الأرض، في ظل صمت دولي مثير للقلق.

ويشير الكتاب والمحللون والمختصون وأساتذة الجامعات إلى أن المفاوضات بشأن التهدئة في غزة رغم ما كانت تواجهه من تعثر قبل اندلاع المواجهة بين إيران وإسرائيل، إلا أن التحول في الأولويات الدولية دفع إسرائيل إلى وقف أي تقدم في هذا المسار، مكتفية بإدارة الحرب على غزة بما يخدم أجنداتها الداخلية والإقليمية.

ويلفتون إلى أنه في الوقت الذي تتحدث فيه بعض الأطراف عن احتمالات لـ”رزمة شاملة” لحل الأزمات، لكن تزداد المخاوف من أن استمرار هذا التهميش بحق غزة سيؤدي إلى تفاقم الكارثة الإنسانية في القطاع، في ظل حصار خانق واستهداف مباشر للمدنيين ومراكز الإغاثة، وبينما تُغلق نوافذ الحلول السياسية، تتسع دائرة القتل والتجويع، ما يُنذر بكارثة أكبر إن لم يُكسر الصمت ويُفرض على المجتمع الدولي التحرك العاجل.

 

المفاوضات أداة لإدارة الأزمات الداخلية في إسرائيل

يقول أستاذ العلوم السياسية في جامعة الخليل د. بلال الشوبكي أن مفاوضات التهدئة في قطاع غزة كانت متعثرة وغير فعالة حتى قبل اندلاع الحرب بين إسرائيل وإيران، نافيًا أن تكون العمليات العسكرية الإسرائيلية ضد طهران السبب الرئيسي لتراجعها.

ويوضح الشوبكي أن إسرائيل استخدمت هذه المفاوضات خلال الأشهر الماضية كأداة لإدارة التوترات الداخلية وتنظيم علاقتها مع الولايات المتحدة، وليس كوسيلة لتحقيق تقدم حقيقي نحو التهدئة.

ويشير الشوبكي إلى أن الحرب الحالية مع إيران لم تُعطل المفاوضات، بل جعلت إسرائيل تشعر بأنها لم تعد بحاجة إلى استغلالها لأغراض داخلية أو لتحسين صورتها أمام واشنطن، نظرًا لانشغال الرأي العام الإسرائيلي والإدارة الأمريكية بتطورات الصراع الإقليمي.

ويقول الشوبكي: “إسرائيل وظّفت المفاوضات سابقًا لإدارة أزماتها الداخلية وعلاقتها مع الولايات المتحدة، لكن الحرب مع إيران أزاحت الحاجة إلى هذه المناورات، حيث أصبح التركيز منصبًا على الجبهة الإيرانية”.

وفيما يتعلق بالوضع في غزة، يؤكد الشوبكي أن العمليات العسكرية الإسرائيلية مستمرة دون توقف، مع استمرار ارتفاع عدد الشهداء يوميًا بنفس الوتيرة التي كانت عليها قبل الحرب. ويشير الشوبكي إلى أن الاختلاف الوحيد يكمن في تراجع الإضاءة الإعلامية على غزة، وهو أمر متوقع في ظل التطورات السريعة للحرب مع إيران.

ويقول الشوبكي: “الإعلام الدولي والإقليمي منشغل بالصراع الجديد، لكن هذا لا يعني أن الجرائم الإسرائيلية في غزة توقفت أو خفت حدتها”.

ويحذّر الشوبكي من أن إسرائيل قد تستغل انشغال العالم بالحرب لفرض وقائع جديدة في غزة، مثل تصعيد العمليات العسكرية أو تعميق الحصار، دون أن يثير ذلك اهتمامًا دوليًا كبيرًا.

الاهتمام الدولي لم يوقف معاناة أبناء القطاع

ويتساءل الشوبكي عما إذا كان الاهتمام الدولي السابق بغزة قد أثمر فعليًا عن نتائج إيجابية للفلسطينيين، مشيرًا إلى أنه حتى عندما كانت غزة القضية الأولى عالميًا، لم يترجم ذلك إلى تحسينات ملموسة على الأرض.

ويقول الشوبكي: “الحديث عن تأثير الحرب السلبي على غزة يتجاهل حقيقة أن الاهتمام الدولي السابق لم يكن كافيًا لوقف معاناة الفلسطينيين”.

ويرى الشوبكي أن نتائج الحرب بين إسرائيل وإيران ستكون حاسمة ليس فقط لقطاع غزة، بل للمنطقة بأسرها.

ويوضح الشوبكي أنه إذا خرجت إسرائيل منتصرة، فستكون النتائج كارثية على الفلسطينيين وعلى الإقليم ككل، بينما إذا فشلت إسرائيل في تحقيق أهدافها، فقد يفتح ذلك الباب أمام مفاوضات جديدة تشمل الملف الفلسطيني.

ويشير الشوبكي إلى أن الولايات المتحدة قد تكون الدافع الرئيسي وراء هذا التصعيد، بهدف إنهاء ملفات إقليمية عالقة، بما في ذلك غزة، لكن هذه الاحتمالات تبقى غير مؤكدة في ظل حداثة الحرب بين إسرائيل وإيران، ولا يمكن الجزم بنتائجها أو تأثيراتها النهائية على غزة والمنطقة.

 

الحرب مع إيران والأولويات السياسية والإعلامية 

من جانبه، يحذّر الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي هاني أبو السباع من تصعيد إسرائيل لجرائمها في قطاع غزة، مستغلة انشغال العالم بالمواجهة العسكرية بين إسرائيل وإيران، التي أعادت تشكيل الأولويات الإعلامية والسياسية الدولية.

ويشير أبو السباع إلى أن اندلاع هذه الحرب قلّص فرص التوصل إلى هدنة في غزة، مما سمح لإسرائيل بتكثيف انتهاكاتها ضد المدنيين العزل، في ظل تراجع ملحوظ في التغطية الإعلامية المحلية والدولية.

ووفقًا لأبو السباع، لجأت إسرائيل إلى تعطيل شبكة الإنترنت في القطاع، بهدف عزل سكانه عن العالم الخارجي، وفي الوقت ذاته، التغطية على جرائمها المستمرة.

ويقول أبو السباع: “إسرائيل تستغل انشغال العالم بالحرب مع إيران لتصعيد عملياتها العسكرية، بما في ذلك استهداف المدنيين في محيط مراكز توزيع الغذاء، التي تحولت إلى مصائد للجائعين”.

ويؤكد أبو السباع أن هذه العمليات تمثل “جريمة مركبة”، حيث يُقتل المواطنون جوعى في أماكن يُفترض أنها آمنة.

ويستند أبو السباع إلى تقارير وزارة الصحة الفلسطينية التي أظهرت ارتفاعًا مقلقًا في أعداد الشهداء نتيجة القصف الإسرائيلي المستمر، خاصة في المناطق المحيطة بمراكز توزيع المساعدات الغذائية.

ويشير أبو السباع إلى أن هذه الاستهدافات تُضاعف معاناة أهالي قطاع غزة الذين يعانون من حصار مشدد وتجويع ممنهج، في ظل غياب رد فعل دولي قوي.

 

المواقف الأوروبية خجولة

وينتقد أبو السباع التصريحات الأوروبية التي وصفها بـ”الخجولة”، مؤكدًا أنها لا ترتقي إلى مستوى المجازر التي يتعرض لها الشعب الفلسطيني، فيما يشير إلى تقصير عربي رسمي في تحمل المسؤولية، حيث اقتصرت الجهود على حراك شعبي لم يتجاوز التأثير المعنوي.

وفي سياق المواجهة بين إسرائيل وإيران، يوضح أبو السباع أن إسرائيل تسعى من خلال هذه الحرب إلى تحييد البرنامج النووي الإيراني بالقوة وفرض هيمنتها على المنطقة، بينما تدافع إيران عن برنامجها النووي الذي كلّفها عقوبات وحصارًا اقتصاديًا لعقود.

ويؤكد أبو السباع أن هذا الصراع الإقليمي يُلقي بظلاله على غزة، حيث يتفاقم الحصار والقصف والتجويع، مع تراجع الأمل في انفراجة قريبة. ويحذّر أبو السباع من أن استمرار هذه المواجهة، مع احتمال توسعها لتشمل دولًا أخرى، سيُعيد تشكيل معالم الشرق الأوسط بناءً على نتائجها.

ويعتقد أبو السباع أن إسرائيل ستستغل هذا الوضع لتكثيف استهدافها للمدنيين في غزة، في ظل غياب رادع دولي حقيقي، داعيًا إلى تحرك عاجل لوقف الجرائم الإسرائيلية وكسر الحصار عن القطاع.

 

الحرب الحالية تهدد بتوسيع الصراع

بدوره، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي عدنان الصباح أن تصاعد الحرب بين إيران وإسرائيل قد طغى على جميع القضايا الإقليمية، لكنه يرى أن هذا التصعيد يعزز حضور قطاع غزة في المعادلة السياسية، حيث لم تعد الحرب في القطاع معزولة، بل أصبحت جزءًا من ديناميكيات إقليمية أوسع.

ويشير الصباح إلى أن الحرب الحالية تهدد بتوسع الصراع ليشمل المنطقة بأكملها، مما يستدعي البحث عن حلول شاملة لا تقتصر على إنهاء المواجهة بين إيران وإسرائيل، بل تمتد إلى غزة ولبنان وسوريا واليمن والعراق.

ويوضح الصباح أن إسرائيل، بدعم أمريكي، تستغل هذا التصعيد لتعزيز صورتها كقوة إقليمية مهيمنة، لكنها في الوقت ذاته بدأت تدرك أن استمرار العمليات العسكرية قد لا يكون مستدامًا.

ويقول الصباح: “إسرائيل بحاجة إلى تقديم نفسها كالأقوى، لكن التصعيد العسكري سيفاقم خسائرها، خاصة في غزة، بالتوازي مع استمرار الجرائم بحق المدنيين”.

ويؤكد الصباح أن الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، تسعى لاستغلال هذا التصعيد لتعزيز دورها كوسيط رئيسي، حيث يطمح ترامب إلى أن يظهر كـ”بطل” يوقف الحرب، سواء في غزة أو على الجبهة الإيرانية، بهدف التغطية على الجرائم المستمرة خاصة في قطاع غزة.

ويشير الصباح إلى أن غزة باتت حاضرة بقوة في المعادلة الإقليمية، لأنها لم تعد تواجه إسرائيل بمفردها، بل أصبحت جزءًا من صراع أوسع يشمل مكونات محور المقاومة، بما في ذلك إيران واليمن.

 

ضرورة تبني موقف موحد وإدارة ناضجة للأزمة

ويعتبر الصباح أن هذا الوضع يمثل فرصة إيجابية لتعزيز موقف هذه القوى، لكنه يشدد على ضرورة تبني موقف موحد وإدارة ناضجة للأزمة، مع استقطاب دعم دولي من لاعبين رئيسيين مثل روسيا والصين وتركيا.

ويؤكد الصباح أن طرح القضايا الإقليمية برمتها، وعلى رأسها غزة وإيران، أصبح ضرورة ملحة للوصول إلى حلول مستدامة.

وفيما يتعلق بالمفاوضات، يوضح الصباح أن الوساطات الجارية بين إيران وإسرائيل، بدعم أمريكي، قد تكون بمثابة مقدمة لمفاوضات أكثر فعالية تشمل غزة.

ويتوقع الصباح أن تكون إيران اللاعب الرئيسي في تحديد آليات هذه المفاوضات، سواء كانت ثنائية مباشرة، أو جماعية، أو عبر مؤتمر دولي، أو من خلال الأمم المتحدة.

ويؤكد الصباح أن هذه الآليات ليست شكلية، بل ستؤسس للحلول التي ستخرج منها، مشيرًا إلى أن نجاحها يعتمد على قدرة الأطراف على إدارة المفاوضات بجدية ووضوح.

ويحذّر الصباح من أن استمرار التصعيد العسكري سيؤدي إلى تفاقم الأوضاع في غزة، حيث تستمر سياسات التجويع والقتل والتهجير.

ويدعو الصباح إلى ضرورة التحرك العاجل لضمان وصول المساعدات الإنسانية، وإيجاد حلول شاملة تأخذ بعين الاعتبار جميع الساحات الإقليمية لمحور المقاومة.

ويرى الصباح أن نتائج هذه الحرب بين إيران وإسرائيل ستشكل مستقبل المنطقة، مع التأكيد على أهمية دور إيران ومحور المقاومة في صياغة هذا المستقبل.

 

إسرائيل تركز حاليًا على الجبهة الإيرانية

من جهته، يرى أستاذ العلوم السياسية في جامعة بيرزيت د. سعد نمر أن هناك تراجعاً بمفاوضات التهدئة في قطاع غزة نتيجة تصاعد الحرب بين إسرائيل وإيران، مشيرًا إلى أن إسرائيل تركز حاليًا على الجبهة الإيرانية، مما أدى إلى تجميد النقاشات حول غزة.

ويوضح نمر أن هذا التراجع يفاقم معاناة أهالي قطاع غزة، حيث تتحكم إسرائيل وشركتان أمريكيتان بتوريد المواد الغذائية والمساعدات الإنسانية، ما يزيد من حدة الأزمة الإنسانية.

ويؤكد نمر أن أي تقدم الآن في المفاوضات مرهون بنتائج الحرب الإسرائيلية-الإيرانية، التي بدأت مؤخرًا ولا تزال تطوراتها محاطة بالغموض.

ويقول نمر: “إذا انتصرت إسرائيل في هذه الحرب، فستفرض شروطًا قاسية على المقاومة في غزة، مما سيصعّب التوصل إلى اتفاق، أما إذا لم تحقق إسرائيل أهدافها، فقد تتغير المعادلة لصالح القطاع”.

 

إحياء المفاوضات قد يتطلب صفقة شاملة

ويؤكد نمر أن أي إحياء للمفاوضات قد يتطلب صفقة شاملة تتضمن وقف الحرب على إيران وغزة معًا، لكن هذا السيناريو غير مرجح في الوقت الحالي.

ويشير نمر إلى أن إسرائيل، التي أبدت اهتمامًا محدودًا بمحادثات غزة قبل الحرب، أوقفت فعليًا أي نقاش حول القطاع لتركز على الصراع مع إيران.

ويوضح نمر أن هذا التجاهل يعني استمرار الحصار والمعاناة في غزة، حيث يعتمد السكان على مساعدات محدودة تخضع لسيطرة إسرائيلية.

ويحذّر نمر من أن الوضع سيظل معلقًا حتى تتضح نتائج الحرب، التي ستحدد مسار الأحداث في غزة والمنطقة.

ويدعو نمر إلى مراقبة تطورات الحرب الإيرانية-الإسرائيلية، مؤكدًا أنها العامل الحاسم في تحديد مصير مفاوضات غزة ومدى إمكانية التخفيف من معاناة سكان القطاع.

 

الحرب مع إيران ذات طابع مصيري

ويؤكد الكاتب والمحلل السياسي سري سمور من أن الحرب الدائرة بين إسرائيل وإيران طغت على جميع الملفات، بما في ذلك الوضع في قطاع غزة والضفة الغربية، مما أدى إلى تراجع الاهتمام الإعلامي والسياسي بالمعاناة الفلسطينية.

ويشير سمور إلى أن إسرائيل تستغل هذا الوضع لتكثيف عدوانها على غزة، حيث يستمر التجويع والقتل، بينما تشهد الضفة الغربية إغلاقات مشددة منذ بدء المواجهة مع إيران.

ويوضح سمور أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو حول “تقدم” في مفاوضات غزة كانت مجرد مناورة، مؤكدًا أن هذه المفاوضات تراوح مكانها بسبب إصرار إسرائيل على شروط “مستحيلة”.

ويقول سمور: “إسرائيل تريد استعادة الأسرى لدى المقاومة، ثم استئناف عمليات القتل والتدمير والتهجير، وهو ما لا يمكن لعاقل أن يقبله”.

ويعتبر سمور أن إسرائيل، تحت ضغط الحرب مع إيران، قد تخفف من حدة عملياتها في غزة أو تتراجع عن شروطها الصلبة، لكن ذلك ليس مؤكدًا.

ويوضح سمور أن الحرب مع إيران ذات طابع مصيري، وقد ترتبط نتائجها بشكل غير مباشر بتطورات الوضع في غزة.

 

الأفق ينذر بمزيد من التصعيد والمعاناة

ومع ذلك، يتوقع سمور استمرار إسرائيل في عدوانها العسكري على القطاع، لكنه يشير إلى أن أي توغل بري إضافي سيؤدي إلى خسائر كبيرة في صفوف الجنود الإسرائيليين، مما سيترك أثرًا نفسيًا عميقًا، خاصة مع استمرار الحرب على الجبهة الإيرانية.

ويرى سمور أن الوضع في غزة سيشهد المزيد من القتل والدمار والنزوح والجوع، مع تفاقم الأزمة الإنسانية.

ويشير سمور إلى أن هناك إمكانية للتوصل إلى حل “معقول” بشأن المساعدات الإنسانية لغزة، لكنه يستبعد حلولاً فورية شاملة.

ويلفت سمور إلى أن هناك احتمال بالتوصل إلى “رزمة شاملة” تنهي الحرب مع إيران وتشمل وقف العدوان على غزة، لكن ذلك سيتم بشكل تدريجي وغير مضمون.

ويؤكد سمور أن الأفق ينذر بمزيد من التصعيد والمعاناة، داعيًا إلى مراقبة التطورات في الأيام المقبلة لفهم اتجاه الأحداث.

 

مساعٍ إسرائيلية لتهميش القضية الفلسطينية

بدوره، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي المختص في الشأن الإسرائيلي نهاد أبو غوش أن هناك مساعي لإسرائيل لتهميش القضية الفلسطينية، وخاصة الحرب على قطاع غزة، مستغلة تصاعد المواجهة الإقليمية مع لبنان وسوريا واليمن وإيران.

ويوضح أبو غوش أن إسرائيل تسعى للحفاظ على استفرادها بغزة، من خلال عرقلة التدخلات الدولية، سواء عبر منع تقديم المساعدات الإنسانية أو إحباط المبادرات السياسية، بما في ذلك مشاريع قرارات مجلس الأمن لوقف الحرب.

ويشير أبو غوش إلى أن إسرائيل تدّعي أن غزة أصبحت قضية هامشية مع اشتعال الجبهات الأخرى، خاصة الحرب غير المسبوقة مع إيران وحِدّة المواجهات مع حزب الله.

ويشدد أبو غوش على أن القضية الفلسطينية تبقى الحلقة المركزية في الصراع الإقليمي، مشيرًا إلى أنه لا يمكن إنهاء التوترات في المنطقة دون حل عادل للقضية الفلسطينية.

 

إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها في غزة

ويقول أبو غوش: “إسرائيل فشلت في تحقيق أهدافها المعلنة والمضمرة في غزة، وبقاء الأسرى لدى المقاومة يمثل علامة فشل كبرى لقيادتها السياسية والعسكرية”.

ويشير أبو غوش إلى أن تراجع الاهتمام بمفاوضات صفقة تبادل الأسرى ووقف الحرب على قطاع غزة أمر طبيعي في ظل الحرب مع إيران.

ويحذّر أبو غوش من أن إسرائيل ستحاول استغلال أي إنجازات محتملة في هذه الحرب لتعزيز هيمنتها الإقليمية وفرض حلول نهائية في غزة تتماشى مع رؤيتها.

ويقول أبو غوش: “معضلة إسرائيل الأساسية تكمن في استحالة تحقيق أهدافها العسكرية أو استعادة أسراها دون صفقة تنهي الحرب، وهو ما يعكس محدودية خياراتها”.

وعلى صعيد الأوضاع في غزة، يبرز أبو غوش استمرار المذابح الإسرائيلية واستخدام التجويع كسلاح حرب، رغم موجات التضامن العالمية المتزايدة مع فلسطين، التي تجلت في تظاهرات جماهيرية واسعة، وحملات مقاطعة، وتحركات مثل سفينة “مادلين” والقافلة المغاربية لكسر الحصار.

ويشير أبو غوش إلى أن إسرائيل قد تكون سارعت إلى شن الحرب على إيران لخلط الأوراق وصرف الأنظار عن جرائمها في غزة، بهدف توحيد الجبهة الداخلية الإسرائيلية وتشتيت الاهتمام الدولي.

 

القضية الفلسطينية لن تُحل بالقوة العسكرية

ويؤكد أبو غوش أن الحرب على إيران ستستأثر مؤقتًا بالاهتمام العالمي، مما سيؤثر سلبًا على غزة في المدى القريب، لكنه يشدد على أن القضية الفلسطينية لن تُحل بالقوة العسكرية.

ويقول أبو غوش: “ما عجزت إسرائيل عن تحقيقه خلال ثمانية عقود، بما في ذلك 20 شهرًا من الحرب الوحشية على غزة، لن تحققه طالما الشعب الفلسطيني متمسك بحقوقه”.

ويشدد أبو غوش على أن صمود إيران وقدرتها على احتواء الضربات الإسرائيلية قد يغير المعادلات الإقليمية، مؤكدًا أن الحرب تكشف مجددًا طبيعة إسرائيل كدولة “غير طبيعية” تخدم مصالح الغرب الاستعماري، وتعمل كأداة للهيمنة الأمريكية في المنطقة.

ويدعو أبو غوش إلى تعزيز التضامن الدولي مع غزة، والضغط لكسر الحصار، ودعم المبادرات السياسية لوقف الحرب، مؤكدًا أن القضية الفلسطينية ستبقى محورية مهما حاولت إسرائيل تهميشها.

التعليقات مغلقة.