العدوان الإسرائيلي على إيران: بين الأوهام العسكرية وحقائق الردع

موقع صنعاء سيتي – متابعات – 25 ذو الحجة 1446هـ

 

مع استمرار العدوان “الإسرائيلي” على إيران، تتعاظم المخاوف من توسّع رقعة الصراع إلى جبهات جديدة. فبينما تراهن “تل أبيب” على توجيه ضربة حاسمة تُسقط المشروع النووي الإيراني، تردّ طهران برسائل صاروخية دقيقة تستهدف العمق “الإسرائيلي”، في مشهد يوحي بأن الحسابات قد لا تسير وفق ما خطّط له صانعو القرار في “تل أبيب”.

 

يرى المحلل والكاتب السياسي أحمد الحيلة أن الاحتلال “الإسرائيلي” قد يكون أخطأ في تقديراته بشأن الحرب التي أطلقها ضد إيران، مشيرًا إلى أن الأهداف التي أعلنها نتنياهو منذ اليوم الأول للعملية لم تتحقق حتى الآن، بل بدأت المؤشرات تنذر بتصعيد إقليمي مقلق قد يجرّ المنطقة إلى حرب شاملة.

 

وقال الحيلة في حديث لـ”قدس برس” إن الاحتلال أعلن منذ اللحظة الأولى أن أهدافه تتمثل في “القضاء على المشروع النووي الإيراني بالقوة، وتدمير المنظومة الصاروخية، وإحداث صدمة داخل إيران تُفضي إلى إضعاف النظام وتحريك الشارع ضده… وتغيير النظام”.

 

وأضاف أن القيادة “الإسرائيلية” كانت تراهن على تنفيذ ضربات نوعية تُشلّ البنية العسكرية والسياسية الإيرانية، من خلال استهداف قيادات بارزة ومواقع حساسة، إلى جانب التنسيق مع أطراف معارضة داخلية وخارجية، منها العائلة الملكية البهلوية التي حكمت إيران قبل الثورة الإسلامية عام 1979، في محاولة لدفع الإيرانيين إلى التمرّد على النظام القائم.

 

وبحسب الحيلة، فإن “تلك الحسابات سرعان ما انهارت، إذ تمكّن النظام الإيراني من استيعاب الضربة الأولى، وأعاد ترتيب صفوفه خلال 24 ساعة، مستفيدًا من عمق مؤسسات الدولة وخبرتها الطويلة في إدارة الأزمات”.

 

ورأى أن “الرد الإيراني جاء صاروخيًا وموجعًا، إذ استهدفت طهران مواقع حساسة داخل الأراضي المحتلة، من الشمال إلى الجنوب، بشكل أعاد ترسيخ معادلة توازن الردع، وأدخل الإسرائيليين في حالة من القلق المتزايد من سيناريو الاستنزاف طويل الأمد”.

 

وأشار إلى أن “تماسك الجبهة الداخلية الإيرانية شكّل عنصرًا مفاجئًا للاحتلال، إذ التفّت شرائح واسعة من الشعب حول النظام، وسط شعور عام بأن البلاد تتعرض لخطر خارجي يهدد سيادتها ووجودها”.

 

وأوضح الحيلة أن أمام “تل أبيب” وواشنطن ثلاثة سيناريوهات: الأول هو القبول بمعادلة توازن الردع والعودة إلى طاولة المفاوضات، وهو خيار ترفضه حكومة نتنياهو. والثاني يتمثل في استمرار “إسرائيل” في الحرب منفردة، بدعم أمريكي غير مباشر، وهو خيار مكلف وقد يؤدي إلى استنزاف يصعب تحمّله. أما الثالث، فهو انخراط الولايات المتحدة بشكل مباشر في الحرب، وهو السيناريو الذي يدفع نتنياهو باتجاهه بقوة، بحسب الحيلة.

 

لكنه حذّر من أن السيناريو الثالث ينطوي على مخاطر كبيرة، خاصة إذا توسّعت رقعة الاشتباك بانخراط “حزب الله” في لبنان، و”الحشد الشعبي” في العراق، و”أنصار الله” في اليمن، مما قد يحوّل المواجهة إلى حرب إقليمية مفتوحة.

 

كما أشار إلى أنه في حال انخراط قوى كبرى مثل الصين وروسيا بدعم غير مباشر لإيران، فإن ذلك قد يفتح باب استنزاف طويل الأمد للولايات المتحدة، في سياق صراع النفوذ العالمي.

 

ترامب ضلّل إيران… والمفاجأة لا تعني النصر

من جانبه، رأى الكاتب والمحلل السياسي أسامة أبو ارشيد أن موقف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب خلال التصعيد لم يكن متسقًا، بل شابه “قدر كبير من التضليل”، مشيرًا إلى التناقض بين تصريحاته قبل الضربة “الإسرائيلية” وبعدها.

 

وقال أبو ارشيد إن التصريحات الهادئة التي صدرت عن ترامب في الأيام الأولى للحرب ساهمت في مفاجأة طهران، ومهّدت الطريق لهجوم مباغت استهدف قيادات إيرانية بارزة، “لكنه سرعان ما بدأ يتراجع في لهجته بعد الرد الإيراني”.

 

وحذّر من أن دخول الولايات المتحدة على خط المواجهة “لن يكون نزهة، في ظل وجود عشرات الآلاف من الجنود الأميركيين وقواعد حساسة في المنطقة”، مشيرًا إلى أن “إيران تمتلك أدوات متعددة للرد، سواء بشكل مباشر أو عبر حلفائها”.

 

وشدّد على أن “إيران لا تمتلك القدرات العسكرية التقليدية التي تمتلكها إسرائيل أو الولايات المتحدة، لكنها تتفوق عليهما في القدرة على تحمّل الألم والاستنزاف”، الأمر الذي قد يجعل المعركة طويلة ومرهقة للطرفين.

 

التعليقات مغلقة.