بفعل الإغلاقات وبوابات الاحتلال في الضفة.. مشوار الخطوة الواحدة يحتاج إلى ألف ميل

موقع صنعاء سيتي – متابعات – 23 ذو الحجة 1446هـ

لطالما استخدم المحفزون والملهمون عبارة: “مشوار الألف ميل يبدأ بخطوة”، غير أن هذه العبارة، في الضفة الغربية المحتلة، انقلب معناها وتغير سياقها، نتيجةً للإغلاقات التي تفرضها قوات الاحتلال على مداخل المدن والقرى، وزرع الطرقات بالبوابات و”المحاسيم”، وتخصيص الطرق للمستوطنين. أصبحت الحركة بين القرى والمدن تبدو وكأنها سفر طويل؛ ففي الضفة، “مشوار الخطوة الواحدة يحتاج إلى ألف ميل”.

يروي الفلسطيني محمد الحمامي، من مدينة نابلس شمال الضفة الغربية، ويسكن في منطقة “الجبل الشمالي”، تفاصيل معاناته اليومية للوصول إلى مكان عمله في مدينة رام الله وسط الضفة، قائلاً: “الوقت المعتاد للوصول إلى رام الله ومكان عملي في الأيام العادية لا يتجاوز 45 دقيقة إلى ساعة بالمركبة الشخصية… اليوم أضطر لاستخدام وسائل النقل العام للانتقال بين نابلس وقراها وصولاً إلى رام الله… يستغرق الأمر عدة ساعات الآن”.

أما الشاب سالم دويكات، الذي يعمل في إحدى الشركات بمدينة أريحا، فله حكاية مختلفة مع حواجز الاحتلال المقامة على مداخل المدينة. يؤكد أن رحلة السفر من أريحا شرق الضفة إلى نابلس شمالاً لم تكن تستغرق أكثر من 50 دقيقة في الوضع الطبيعي، “إلا أنني اليوم أضطر إلى المبيت في أريحا”.

وبيّن دويكات أنه عندما يقرر أحياناً العودة إلى مكان سكنه في مدينة نابلس، يضطر للتنقل من حاجز إلى آخر وسلوك طرق وعرة، قائلاً: “أحتاج إلى ما يقارب خمس ساعات للوصول إلى مدخل نابلس، لأُصطدم بعدها بحاجز آخر على المدخل الشمالي، المعروف بحاجز الحمراء سيئ الصيت والسمعة”.

ويشدد دويكات على أن جنود الاحتلال المتواجدين على الحواجز حول أريحا يتعمّدون إغلاق البوابات بشكل كامل، ويكتفون بالنظر إلى طوابير السيارات المنتظرة لساعات، قبل أن يسمحوا بمرورها بعد تفتيش مذل. بعد ذلك، تبدأ معاناة من نوع آخر على حواجز أخرى، حيث يصل في معظم الأيام إلى منزله في ساعات متأخرة من الليل.

وفي السياق ذاته، يقول عوني الباشا، الذي يعمل في إحدى الشركات الخاصة بقرى جنوب نابلس، إن يومه موزّع بين الانتظار على الحواجز صباحاً ومساءً. فهو يضطر يومياً إلى الخروج في ساعات الفجر المبكرة لينال دوراً على الحواجز العسكرية المحيطة بالمدينة، ويواجه الأمر ذاته عند العودة، ما يجعله يقضي ساعات طويلة كان من المفترض أن تكون مع عائلته.

من جانبه، قال الكاتب والمحلل المتابع للشأن الإسرائيلي، عزام أبو العدس، إن كل ما يجري في الضفة الغربية من إغلاق وحصار يندرج ضمن سياسة ممنهجة لخلق حالة من اليأس والقهر، تدفع نحو ظروف محفّزة على الهجرة الطوعية.

وأشار أبو العدس، في حديثه إلى أن “الاحتلال صرّح ولمّح بأنه سيستخدم كل الوسائل الممكنة لممارسة الضغط الاقتصادي والسياسي والعسكري على الفلسطينيين في الضفة الغربية، بهدف تحويلها إلى منطقة غير قابلة للحياة”.

وشدد على أن “فكرة تحويل الضفة إلى كانتونات ومعازل تديرها حواجز عسكرية يسيطر عليها جنود الاحتلال، تمثل بداية مستقبل أسود ينتظر أهالي الضفة، تمهيداً للضمّ الكلي، وتحويل المدن الفلسطينية إلى إدارات مدنية محاطة بالحواجز، أشبه بالسجون”.

ووفق أحدث المعطيات الصادرة عن “هيئة مقاومة الجدار والاستيطان” التابعة للسلطة الفلسطينية، فإن هناك 898 بوابة وحاجزاً بأنواع وتصنيفات مختلفة تقطع أوصال الضفة الغربية، من بينها 224 حاجزاً وبوابة جديدة نُصبت أو تغير نمطها بعد السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.

التعليقات مغلقة.