التصعيد الإسرائيلي الإيراني.. قراءة في التداعيات والتوقعات المستقبلية

موقع صنعاء سيتي – متابعات – 18 ذو الحجة 1446هـ

 

تتسارع وتيرة الأحداث على وقع المواجهة المتصاعدة بين دول. الاحتلال الإسرائيلي وإيران، وسط تحذيرات من انزلاق الأوضاع نحو صراع إقليمي مفتوح.

 

ويرى محللون سياسيون أن التطورات الميدانية والتبدلات في لغة الردع بين الطرفين تنذر بمرحلة جديدة من المواجهة، لا تقتصر على ضربات متبادلة، بل تفتح الباب أمام تدخلات إقليمية ودولية، خاصة مع تزايد الحديث عن الدور الأميركي المرتقب وحدود انخراطه في هذه الأزمة المتفجرة.

 

*التداعيات المحتملة 

أكد المحلل السياسي حازم عياد أن “التطورات الأخيرة تشير بوضوح إلى أننا أمام حالة حرب حقيقية بين الكيان الإسرائيلي وإيران، وذلك بعدما نجحت طهران في احتواء الصدمة الأولى للضربة الإسرائيلية والرد عليها بقوة، في مشهد يعكس حالة من الفعل وردّ الفعل المتبادل”.

 

وأوضح عياد أن هذا النمط من التصعيد “يرسّخ ملامح مواجهة عسكرية قد لا تكون قصيرة الأمد، خاصة مع عجز إسرائيل عن حسم المعركة أو فرض شروطها، سواء من خلال عنصر المفاجأة أو من خلال محاولة إعادة ترتيب طاولة المفاوضات بدعم أمريكي”.

 

وأضاف أن “انسحاب إيران من مسار التفاوض وتوجهها نحو الرد العسكري الشامل شكّل نقطة تحوّل خطيرة في مسار الأزمة”.

 

وأشار إلى أن “الحرب مرشّحة للتصاعد، لا سيما مع احتمال انزلاقها نحو صراع إقليمي شامل، يتضمن إغلاق الممرات البحرية واستهداف القواعد الأمريكية، في حال قررت واشنطن التدخل المباشر”.

 

وأكد أن “التداعيات قد تكون كارثية إذا استمر التصعيد على هذا النحو، خاصة في ظل وجود مؤشرات على أن إيران قد ترفع من سقف برنامجها النووي وصولًا إلى امتلاك القنبلة النووية”.

 

ونوّه عياد بأن “الأمور تتدحرج بسرعة، رغم وجود جهود وساطات خفيّة، إلا أن المشهد الحالي يحمل سمات مواجهة إقليمية مفتوحة وقابلة للتطور نحو مزيد من الخطورة، ما لم يتم احتواؤها دبلوماسيًا”.

 

ولفت إلى أن “طهران قد تسعى إلى رفع شروطها ومطالبها التفاوضية بعد أن وصلت الأمور إلى حافة الانفجار، وهو ما يشكّل مصدر قلق كبير للإدارة الأمريكية خصوصا أن إدارة دونالد ترامب كانت تتوقع أن تخضع إيران بعد الضرب المفاجئة التي واجهتها”.

 

وفي سياق متصل، رأى عياد أن من “أبرز التداعيات المحتملة لهذه المواجهة هي إعادة إحياء روح المقاومة في المنطقة، لاسيما لدى حزب الله في لبنان والفصائل العراقية، بعد فترة من الضعف والجمود”.

 

وقال إن “الاحتفالات التي شهدتها الضاحية الجنوبية لبيروت عقب الضربات الإيرانية تعكس هذا التحوّل المعنوي”.

 

وأضاف أن “هذه التطورات ليست في صالح إسرائيل، لأنها تفتح الباب أمام احتمال توسّع المواجهة، وتهدد بنسف ما تدّعيه من إنجازات خلال الأشهر الثمانية الماضية”. وتابع: “الواقع الذي تشكّل مؤخرًا بات معرضًا للتبدل، ومعه قد تتغير موازين القوى في المنطقة”.

 

واختتم عياد بالتحذير من أن “الصراع قد يتخذ بعدًا دوليًا مع اتساع نطاق الاصطفافات الدولية، ما قد يؤدي إلى صراع مفتوح وطويل الأمد، يحمل مخاطر جمّة على الاستقرار الإقليمي والدولي”.

 

*هل تدخل أميركا على خط المواجهة؟

من جانبه، استبعد رئيس مركز “ريكونسنس” للبحوث (مستقل مقره الكويت)، عبدالعزيز العنجري، أن تنخرط الولايات المتحدة في حرب عسكرية مباشرة مع إيران من أجل إسرائيل، مشيرًا إلى أن “واشنطن تفضّل إدارة التصعيد عن بعد، من خلال الدعم الاستخباراتي والسياسي واللوجستي، دون التورط في مواجهة ميدانية مباشرة”.

 

وأوضح العنجري، وهو عضو في نادي الصحافة الوطني بواشنطن، أن “الموقف الأميركي يبقى مرهونًا بعدم تعرّض مصالح الولايات المتحدة أو قواتها لهجمات مباشرة من قبل طهران”. وأضاف: “ما دامت إيران لا تستهدف واشنطن بشكل مباشر، فإن الأخيرة لن تبادر إلى التصعيد العسكري الواسع.”

 

غير أن الخطر الحقيقي، بحسب العنجري، “لا يكمن في السلوك الإيراني بقدر ما يكمن في احتمالات التصعيد غير المباشر من الجانب الإسرائيلي، عبر سيناريوهات معقدة، منها تنفيذ هجمات منسوبة إلى “وكلاء إيران”، أو عمليات استخباراتية دقيقة تُنفَّذ داخل دول مثل العراق أو سوريا وتُصمَّم بعناية لتبدو وكأنها تستهدف مصالح أميركية، بهدف جرّ البيت الأبيض إلى حرب لا يريدها”.

 

ولفت الباحث الكويتي إلى سابقة تاريخية تُعزز هذا القلق، وهي حادثة استهداف السفينة الحربية الأميركية USS Liberty عام 1967، التي أسفرت عن مقتل 34 جنديًا أميركيًا. وقال: “الوثائق كشفت لاحقًا أن الهجوم نُفّذ عمدًا من قبل إسرائيل، في محاولة لإلصاق التهمة بأطراف عربية، بهدف خلق مبرر لتدخل عسكري أميركي مباشر في الحرب.”

 

وأضاف: “بمعنى أوضح، قامت إسرائيل باغتيال جنود أميركيين بدم بارد من أجل صناعة ذريعة سياسية، ورغم أن الحادثة أُغلِقت رسميًا تحت عنوان الخطأ، فإن الحقائق التي كشفتها الوثائق تؤكد أنها كانت عملية مقصودة، ومع ذلك لم تُحاسب إسرائيل، بل أفلتت من أي مساءلة.”

 

وبيّن العنجري أن “هذه الديناميكية غير المتكافئة في العلاقة الأميركية الإسرائيلية، حيث تُغتفر لتل أبيب أخطاء لا تُغتفر لغيرها، تجعل التعامل معها بالغ الحساسية”.

 

وتابع: “نجاح إسرائيل في فرض إرادتها على حلفائها لم يكن استثناءً عابرًا، بل أصبح سلوكًا متكررًا يعكس ميزان قوى مختلاً، يصعب التنبؤ بعواقبه.”

 

وفي وقت سابق من فجر اليوم، أطلقت إيران دفعة من الصواريخ باتجاه إسرائيل، حيث سُجلت إصابات مباشرة، تزامناً مع تصدي الدفاع الجوي الإيراني لهجمات إسرائيلية.

 

ومنذ فجر الجمعة، بدأت إسرائيل، وبدعم ضمني من الولايات المتحدة، هجوما واسعا على إيران بأكثر من 200 مقاتلة، أسمته “الأسد الصاعد”، وقصفت خلاله منشآت نووية وقواعد صواريخ بمناطق مختلفة واغتالت قادة عسكريين بارزين وعلماء نوويين.

التعليقات مغلقة.