كلمة السيد عبدالملك بدر الدين الحوثي بمناسبة يوم القدس العالمي 1433 هـ

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين القائل في كتابه المبين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ) والصلاة والسلام على رسول الله وخاتم أنبياءه محمد ابن عبد الله وعلى آله الطاهرين، ورضي الله عن صحبه المنتجبين

   أيها الإخوة والأخوات : السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته.وتقبل الله منا ومنكم الصيام والقيام وصالح الأعمال.

   أيها الإخوة الأعزاء : ونحن في خواتم هذا الشهر المبارك يجب أن نعي جيداً وأن نتأمل جيداً ما الذي استفدناه منه، وما الذي يجب أن نكون استفدناه من صيامه وقيامه وتلاوة كتاب الله فيه، وأجوائه المباركة والشعور فيه بالقرب من الله سبحانه وتعالى، والأثر الإيجابي في وجداننا في مشاعرنا، في صفاء الذهن، في محاسبة النفس، وبكلمة جامعة فإن أهم ما يجب أن نكون اكتسبناه من هذا الشهر المبارك هو التقوى، التقوى التي هي الغاية المرسومة لهذه الفريضة المهمة في الإسلام (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) ومن أهم ثمرات التقوى، ومن أهم ما يدل عليها، ومن أهم ما يدل على تحققها في نفسية الإنسان هو استشعار المسئولية والنهوض بها، التسليم لأمر الله سبحانه وتعالى، والإستعداد العالي للطاعة لله والإمتثال لأمره في القيام بما يأمرنا به، وفي مقدمة ذلك مسئوليتنا، مسئوليتنا كأمةٍ مسلمةٍ حددها لنا الله سبحانه وتعالى ورسمها لنا، وحدد معالمها، ليست رؤيةً مقترحة قُدمت لنا من شخصٍ هنا أو شخصٍ هناك.. لا . مسئولية مرتبطةً بإيماننا مرتبطة بعلاقتنا بالله سبحانه وتعالى، مسئوليةً نتحرك فيها من واقع عبوديتنا لله، من واقع انتمائنا للإيمان، من واقع ارتباطنا بكتاب الله وبرسوله الكريم صلى الله عليه وعلى آله، مسئولية نُسأل عنها ونُحاسب أمام الله سبحانه وتعالى في يوم السؤال والحساب، مسئولية تُمثل شرفاً كبيراً لنا، ولم يجعلها الله عبأً علينا، ولا تنكيلاً بنا، ولا ليحملنا أعباء في الحياة هكذا لمجرد أعباء.

    الله سبحانه وتعالى قال في كتابه الكريم (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) في هذه الآية المباركة حدد الله لنا طبيعة مسئوليتنا وعلى هذا التفصيل الواضح والدقيق يستهل هذه المسئولية بهذه العبارة المهمة (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) الله يريد لنا كأمةٍ مسلمةٍ مؤمنةٍ أن نكون خير الأمم، خير أمة، وخيريتنا هذه هي عائدة إلى طبيعة القيم والمبادئ والمشروع الرسالي الإلهي الذي نتحرك على ضوءه، ونتحرك من واقعه، ونتبناه، ونطبقه في واقع حياتنا (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ) الله أراد لكم أن تكونوا بين كل الأمم على الأرض، الأمة الخيِّرة، التي تتحرك بمشروعٍ هو قائم على الخير، فيما يتحرك الآخرون بشرهم (أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ) فلديكم مسئوليةٌ عالمية تتحركون بها، فأنتم كأمةٍ خيرةٍ تحمل الخير في مشروعها، تقيم الخير في واقعها، تتحرك في العالمين، بمسئولية عالمية، ولديها كل المؤهلات والمستلزمات المطلوبة لتكون في مستوى هذه المسئولية  (تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ) أمةً فاعلةً، أمةً قويةً، أمةً مؤثرةً تنطلق وهي آمرة، آمرة تأمر وتدعوا وتسعى إلى إقامة المعروف، المعروف بدائرته الواسعةِ جداً الذي يشمل كل ما فيه خير وصلاح للبشرية، يشمل أشياء كثيرة ومهمة جداً في مقدمتها العدل، العدل وإقامة العدل، المعروف دائرة واسعة في الإسلام فيه كل ما هو خير ويتطابع مع المبادئ والتعاليم الإلهية، ويتطابق مع الفطرة الإنسانية التي فطر الله الناس عليها فيما يعرفونه بفطرتهم، فيما ينسجم مع الفطرة، فيما ينسجم مع التعاليم الإلهية (وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ) أمة فاعلة ومؤثرة فهي تسعى إلى إقامة المعروف تأمر به، تسعى لأن يكون هو السائد في الحياة، هو القائم في الحياة، تسعى لنشره في العالم، وفي نفس الوقت أمة لها موقف من المنكر، لا تقبل به، لا تُذعن له، لا ترضى به، بل تنهى عنه، تسعى لإزالته، تعمد إلى تطهير واقع الحياة منه، والمنكر أيضاً دائرة واسعة، كل ما فيه شر وسوء وضر ومساوئ في واقع الحياة يشمل أشياء كثيرة في مقدمتها الظلم (وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ) ثم أنتم تنطلقون من خلال العمق الإيماني، مؤمنون بالله ومرتبطون به بالمشروع الإيماني بكله، في مبادئه في قيمه، في أخلاقه، فتتحركون هكذا وبإيمانكم الذي هو الصلة ما بينكم وبين الله سبحانه وتعالى.

   وعندما أراد الله لنا أن نكون هكذا، أمةً لها مشروع كبير، وعظيم، ومهم، ومؤثر، وفاعل، وإيجابي في واقع الحياة، أمةً تترك أثراً إيجابياً بطبيعة مشروعها، أمةً تتحرك وهي تحمل مسئولية كبيرة وعظيمة ومشرفة، أعطانا الله كل المقومات اللازمة لنكون بمستوى هذه المسئولية سواء على المستوى المعنوي أو على المستوى المادي.

    فعلى المستوى المعنوي هناك في الواقع الإيماني في القيم في التعاليم، في المشروع، كلما يؤهلنا لنكون بمستوى هذه المسئولية، فالإيمان بالله سبحانه وتعالى بما فيه من قيم، منها العزة، ومنها الإباء، ومنها النفسية الخيرة التي تحب الخير وتألف الخير، وتنشد الخير، والعزة والإباء الحالة التي تجعل عند الإنسان نفوراً من الباطل إستياءً من الظلم لا يقبل بالإذلال، لا يقبل بالضيم، لا يقبل بالهوان، عنده روح العزة، ومشاعر العزة، ومنعة العزة، وعنده الإباء، وغيرها من القيم التي تجعلنا من الناحية النفسية والتربوية مؤهلين لأن نكون أمةً تنهى عن المنكر، فهي تكره المنكر لا تقبل به ولا تقبل بكل ما يترتب عليه بكل ما يعتمد عليه المنكر من وسائل وأساليب ليثبت نفسه ويفرض وجوده في واقع الحياة، إضافةً إلى التعاليم، ارتباطنا بالإسلام بما فيه من تعاليم وأوامر من الله سبحانه وتعالى، أوامر تجعلنا نرفض المنكر نعمل على إزالته نواجهه، لا نقبل به ليسود في الحياة ويهيمن على الحياة، ندرك من خلالها سوئه وضره في الحياة، آثاره السلبية والمدمرة في واقع الحياة، نعرف من خلال تلك التعاليم واجباتنا ومسئولياتنا، ثم المشروع الأساسي لرسالة الله في واقع الحياة وهو إقامة العدل، وهذه قضية أساسية ورئيسية في رسالات الله سبحانه وتعالى وبشكل عام (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ) فالقيم الإيمانية والتعاليم في المشروع الرسالي الإلهي وطبيعة المشروع نفسه كلها تجعل ارتباطنا الإيماني يوفر لنا كل العوامل المعنوية التي تدفعنا إلى القيام بالمسئولية.

    إضافة إلى المقومات الأخرى المادية بالنسبة للأمة الإسلامية سواءً من حيث الثروة البشرية الأمة المسلمة أمة كبيرة واتسعت أعدادها بشكل كبير، وأصبحت تمثل شعوب متعددة وأمة كبيرة، أو المادية ما أعد الله لهذه الأمة من مقومات مادية تحتاج إليها في بناء واقعها لتكون أمةً قويةً، مقتدرةً، تتوفر لها المتطلبات المادية للقيام بمسئولياتها، أكبر مخزون من النفط على الأرض متوفر في هذه المنطقة، منطقة هذه الأمة، الخيرات الكبيرة والكثيرة في باطن الأرض وفي ظاهرها التي عندما تُستغل إستغلالاً صحيحاً وبأيادٍ أمينة ستكون كافيةً بالقدر الذي تحتاج إليه الأمة في واقع حياتها وفي واقع مسئوليتها، إضافة إلى أهمية الموقع الجغرافي، المسلمون والعرب بالذات لهم أهم موقع جغرافي له أهمية كبيرة جداً في أن يكونوا مؤثرين على المسرح العالمي وفي الواقع الدولي.

   وإضافة إلى ذلك كله العون الإلهي، الله جل شأنه عندما حملنا مسئولية لم يتركها عبأً علينا بل ليكون معنا، ليؤيدنا عندما نتحرك بالقيم العظيمة بالأخلاق بالمشروع الإلهي المقدس، لإقامة الخير بالمعروف، وللمعروف، وللنهي عن المنكر بدائرته الواسعة والسيئة، ونتحرك بهكذا قيم وأخلاق ومبادئ في مواجهة الشر، في مواجهة الفساد، في مواجهة الباطل، في مواجهة الظلم، حينها يكون الله سبحانه وتعالى معنا، ينصرنا يؤيدنا، وهو وعد بهذا وعداً مؤكداً في آيات كثيرة من كتابه الكريم منها قوله تعالى (إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) إذاً نحن كأمةٍ مسلمة ليس دورنا في الحياة فقط أن نقـتصر على البعض من العبادات مثل الصلاة والصيام والزكاة والحج، ثم نكتفي بهذا، هذه العبادات هي عونٌ لنا، وهي دائرة تربوية متكاملة تعيننا لنكون في مستوى القيام بمسئولية أساسية وكبيرة حملنا الله إياها، مسئولية نتحرك في واقع الحياة بالمشروع الإلهي الذي هو إقامة العدل في الحياة، الأمر بالمعروف في دائرته الواسعة، النهي عن المنكر في دائرته الواسعة، مواجهة الظلم، الفساد، الشر، الطغيان، العمل على أن نتحرك بهذه الرسالة على مستوى العالم، دور عالمي، دور كبير، دور مشرِّف، فما الذي حصل في واقع الأمة الإسلامية، فَرَّطت في مسئوليتها وقعدت عن القيام بهذه المسئولية لتكون أمة الخير تتحرك بالخير في العالمين، فماذا كانت النتيجة، تحرك أهل الشر بشرهم وعلى المستوى العالمي لينشروا الشر ويتحركون بالشر بالنزعة الإستعمارية بالتسلط، بالاستحواذ على خيرات الأرض بالاستعباد للناس، فتحركوا بشرهم على المستوى العالمي وأصبحوا قوةً عالمية، أصبحوا بما هم عليه من شر، بما يحملونه من شر، الشر في نواياهم، الشر في ممارساتهم، الشر في طبيعة المشروع الذي يتحركون به، أصبحوا هم قوةً عالميةً تتحرك بهذا الشر وتعممه في الأرض وتمارسه في الأرض ويعاني منه أهل الأرض في شتى بقاع الدنيا، وتحركوا بهذا الشر كقوة في ظل قعود الأمة الإسلامية، القعود الذي أضعفها، القعود الذي أذلها، القعود الذي أتاح للآخرين الذين تحركوا بشرهم أن يكونوا هم في موقع القوة، يبنون واقعهم ليكونوا قوة، ويستمرون في بناء واقعهم ليكونوا أكثر قوة، ليكونوا أكثر اقتداراً بالهيمنة والتسلط والقهر والإستعباد والتسلط على الشعوب، والإستحواذ على خيراتها ونهب ثرواتها ومقدراتها، وممارسة القتل والسجن والتضييق على الناس بكل ما يتضمنه الشر من ممارسات وسلوك.

   تحركوا هم بمنكرهم، بمنكرهم، ليس فقط على المستوى العالمي وفي واقع شعوبهم بل اخترقوا ساحتنا الإسلامية الداخلية، واقع الأمة الإسلامية اخترقوه هم سواءً بشرهم أو بمنكرهم بفسادهم بباطلهم، وأصبح واقع الشعوب الإسلامية والشعوب العربية في الأعم الأغلب ساحةً مفتوحةً لأولئك الأشرار، وأصبحوا هم نافذون فيه متسلطون فيه، أصبحوا هم آمرون وأصبحوا هم ناهون، وأصبحوا هم مسيطرون، متحكمون، وعلى كل المستويات أتوا إلى منطقتنا الإسلامية بكل شرهم، على المستوى العسكري يحتلون، يفرضون لهم وجوداً عسكرياً بشكل إحتلال بشكل قواعد، ويستغلون هذا التواجد العسكري للممارسة الضغط والقمع وفرض ما يريدونه من سياسات ثم هم يتحكمون في واقعنا فيفرضون منكرهم ويمارسون شرهم يقتلون، يدمرون، ينهبون الثروة، يفرضون علينا في واقع حياتنا في كل شؤوننا على المستوى السياسي يفرضون وهم مسيطرون على القرار السياسي للحكومات داخل المنطقة العربية والعالم الإسلامي إلا القليل منها، يفرضون ما يشاءون من سياسات، وسياساتهم كلها تزيد الأمة ضعفاً، تذل الأمة، ترهق الأمة، تظل الأمة، كل سياساتهم تتجه في إتجاه إضعاف الأمة أكثر، إذلالها، تفريقها، تجويعها، إفقارها، التنكيل بها، الأذى لها، يستهدفون الأمة على كل المستويات، كانت نتيجة التفريط بالمسئولية والتخلي عن المسئولية والتنصل عن المسئولية، أنها حولت واقعنا بدلاً من أن نكون أمةً قويةً، مؤثرةً، فاعلةً يحكمها في واقعها الداخلي الخير والعدل والمعروف، وواقعها الداخلي وساحتها الداخلية محصنة من المنكر والباطل والفساد والطغيان، واقع سليم يسوده القيم والمبادئ الإلهية العظيمة، فنتحرك من هذا الواقع بهذه المسئولية على المستوى العالمي، أمة مؤثرةً، نسعى إلى نشر الخير والعدل والحق في ربوع العالم، في ربوع الأرض، ونسعى إلى مواجهة الباطل والفساد والطغيان على المستوى العالمي، أصبحنا أمةً مخترقةً ساحتنا الداخلية ساحة مفتوحة يعبث بها الأشرار داخل مجتمعنا داخل أرضنا داخل مهدنا، يتحركون هم للإفساد، للتظليل، للتزييف، للإفقار، لممارسة الشر، لممارسة المنكر، وهكذا أصبحنا ساحةً مفتوحةً لهم يخترقوننا إلى العمق، يمارسون، الظلم يمارسون الفساد ثم يستهدفون الأمة في كل عوامل قوتها، لأنهم يريدون أن يقضوا على الأمة على كل عوامل قوتها، أن يوصلوها إلى نقطة أو إلى واقع من الضعف والعجز والإستسلام والظلال والفساد تكون بعيدةً كل البعد عن كل العوامل والمقومات التي تعيدها إلى طبيعة الموقع الذي أراده الله لها، أمةً قويةً مقتدرةً بأخلاقها بقيمها بمبادئها بإيمانها بمشروعها الرسالي العظيم، يريدون أن يوصلوها إلى نقطة اللاعودة، إلى نقطة العجز التام والإستسلام الكامل، ثم يستغلونها، يحاولون أن تكون أمة مستغلة.

    وفي ظل واقعٍ كهذا، وفي ظل نتيجةٍ كهذه للتخلي عن المسئولية، شهدت ساحتنا العربية والإسلامية أكبر مظلومية على الأرض في هذا العصر وهي مظلومية الشعب الفلسطيني العزيز واغتصاب المقدسات الإسلامية في فلسطين، في ظل تخاذل كبير للأمة الإسلامية، وكنتيجة حتمية للتفريط بالمسئولية بدلاً من أن نكون الأمة التي تعمل على مواجهة الظلم في أي بقعة من بقاع العالم، أن نكون الأمة التي تمثل سنداً وعوناً ونصيراً لكل المستضعفين في العالم في أي بقعةٍ كانوا من العالم، وصلنا إلى مستوى أن تكون ساحتنا الداخلية وفي قلب منطقتنا أكبر مظلومية ونتفرج عليها ونتخاذل وهي قائمة نشاهد، نشاهد نماذجها ونشاهد وقائعها على التلفزيون ربما في كل نشرة أخبار.

 نعم .. في هذا السياق مع خواتم الشهر الكريم وما يمكن أن يكون قد تركه من أثر إيجابي في أنفسنا، في وجداننا في مشاعرنا في استشعارنا للمسئولية، وفي آخر جمعة من شهر رمضان، والتماساً لبركة الشهر الكريم والتماساً لبركة ليلة القدر وما يقدر الله فيها لعباده أعلن الإمام الخميني رضوان الله عليه آخر جمعة من شهر رمضان المبارك ( يوم القدس العالمي ) أراده أن يكون يوماً لإحياء القضية المركزية للأمة وإعادتها إلى الأذهان قبل أن تكون نسياً منسياً، أن يكون يوماً لإعادة القضية الكبرى للأمة إلى دائرة الاهتمام، أن يكون يوماً لاستنهاض الشعوب للقيام بمسئوليتها تجاه قضيتها الكبرى، المظلومية الأكبر المنكر الأكبر الذي يجب أن تسعى الأمة من واقع المسئولية لمواجهته لتغييره، ألا تسكت عليه أن لا تتجاهله، مظلومية الشعب الفلسطيني وما هناك من انتهاك للحرمات واغتصاب للمقدسات، بكل ما لتلك المقدسات وفي مقدمتها الأقصى الشريف من رمزية كبيرة في مشروعنا الإسلامي الكبير في ديننا في علاقتنا بالله سبحانه وتعالى، أن يكون يوماً لإفشال كل المؤامرات من جانب الأعداء لتصفية هذه القضية، أن يكون يوماً لتبقى هذه القضية حيةً في نفوس المسلمين، يوماً تقول فيه الأمة كلمتها عن عدوها الحقيقي في ظل سعيٍ للَّبس على الأمة ولإدخال الأمة في مشاريع عدائية أخرى بعيداً عن مواجهة عدوها الحقيقي، يوماً لتبقى مشاعر الرفض لإسرائيل حية في نفوس المسلمين، فنستشعر من خلال استشعارنا لهذه المظلومية لهذه القضية، نحمل في نفوسنا مشاعر الرفض لهذا العدو الذي يمارس أكبر الظلم لأمتنا لشعبنا الفلسطيني العزيز، وأكثر من ذلك ليكون هذا اليوم منطلقاً لتحركٍ جادٍ مسئولٍ واعٍ نحو مشروع عملي لمواجهة هذا الخطر، لتغيير، هذا المنكر، لإزالة هذا الظلم، لطرد ذلك المغتصب، لأن الشعوب العربية من خلال الشعوب المسلمة بكلها من خلال إحياء هذه القضية في مشاعرها وإدخالها في دائرة إهتمامها في سلم أولوياتها كقضيةٍ مركزيةٍ رئيسيةٍ يمكن لها البحث عن الرؤى الصحيحة التي تُمثل حلاً ويمكن أن تحقق لها ما يتوجب عليها من مسئولية وموقف لتغيير ذلك الظلم المؤسف.

   وعندما نعود أيها الإخوة الأعزاء إلى هذا اليوم الذي يجب أن يتحرك فيه الجميع لإحيائه، يجب أن تتحرك الشعوب المسلمة من موقع المسئولية تحركاً جاداً فيه لتقول كلمتها، لتوصل صوتها، لتعيد تفعيل هذه القضية من جديد، عندما نتعامل مع هذه المناسبة كمنطلق وأفق واسع نطل من خلاله على هذه القضية بكل أبعادها، بكل مسبباتها لندرس ما هي العوامل التي جعلت واقع الأمة يتعاطى مع هذه القضية الكبرى من موقع الضعف والعجز والإضطراب والتجاهل إلى حدٍ كبير، ما هي العوامل السلبية المؤثر على موفق الأمة تجاه هذه القضية، ثم ما هي العوامل الإيجابية التي يمكن تفعيلها حتى تكون في المستوى المطلوب والمنشود والمستوى اللائق والمستوى الذي يمثل فعلاً استجابةً لله سبحانه وتعالى وانسجاماً مع هوية الأمة، الهوية المقدسة إلى إسلامها العظيم، عندما نطل من هذا الأفق الواسع إلى هذه القضية بكل أبعادها بالأسباب والمسببات والحيثيات والأبعاد والمستقبل نرى أن هناك عوامل كثيرة ومتعددة على مستوى الضعف، وهناك عوامل يمكن أن تكون عوامل قوة، فمقدمة العوامل السلبية المؤثرة على موقف الأمة يَبرُز التعاطي الرسمي للحكومات، الحكومات، والدول، والجيوش، والزعماء، في العالم الإسلامي في الأعم الأغلب تعاطت تعاطياً سلبياً لا مسئولاً مع هذه القضية، بل التخاذل التجاهل حذف هذه القضية عن مستوى الإهتمام بها وتحويلها إلى قضية هامشية، وأحياناً الإكتفاء بمجرد الإستغلال بالشكل الذي لا يضر بالعدو الإسرائيلي بل مستوى الإستهلاك والإستغلال في حالة ترميز وما شابة لدى الشعوب الإسلامية، على المستوى الأعم الأغلب لعبت الحكومات العربية والإسلامية إلا القليل منها دوراً سلبياً في إضعاف الموقف العام للأمة الإسلامية، وكان من ضمن التعاطي السلبي هو إقصاء الشعوب عن أن يكون لها دور تجاه هذه القضية التي تعنيها والتي تتحمل مسئولية تجاهها، ثم لعبت الحكومات في الأعم الأغلب الدور السلبي المتواطئ لتصفية هذه القضية تهميشها ومن ثم تصفيتها وإشغال الشعوب بقضايا ثانوية أخرى وإغراقها في مشاكل من الداخل تلهيها وتبعدها عن الالتفات إلى قضية بهذا الحجم وتمثل القضية المركزية و الرئيسية للأمة، الحكومات العربية في الأعم الأغلب، الحكومات الإسلامية إلا القليل منها خذلت الشعب الفلسطيني على كل المستويات، على مستوى الدعم السياسي، الدعم المعنوي الدعم المادي تواطأت مع العدو والبعض منها أقام علاقات قوية وحميمة مع إسرائيل، البعض في السر والبعض في العلن، والبعض قام بدور مشبوه في كثير من المواقف التي تضعف الموقف الفلسطيني وتساعد الإسرائيليين على استحكام سيطرتهم.

   فالتعاطي الرسمي اللا مسئول لبعض الحكومات كان سبباً مهماً في أن يكون موقف الأمة الموقف العام موقفاً سلبياً لا يليق بها ليس في مستوى المسئولية، بل يساعد العدو الإسرائيلي على أن تستحكم قبضته، ومن يتابع يعرف، من يتابع الموقف الرسمي للحكومات العربية والإسلامية في الأعم الأغلب إلا القليل القليل منها.

   الواقع الداخلية للأمة الإسلامية أيضاً له أثر كبير جداً في إضعاف موقف الأمة وفي أن تكون الشعوب في واقعها الداخلي أشبه ما تكون بمكبلة ومقيدة عن أي تحرك جاد في مستوى المسئولية وفي مستوى المظلومية الكبرى للشعب الفلسطيني العزيز وفي مستوى المسئولية تجاه المقدسات بكل ما للمقدسات من رمزية ومكانه وأهمية كبيرة في الوجدان الإسلامي وفي المشروع الإسلامي الكبير، الواقع الداخلي للشعوب العربية والإسلامية في الأعم الأغلب، واقع ملئه الظلم والمعاناة والشقاء، واقع يسوده حالة كبيرة من التفرق، حالة كبيرة من غياب الوعي، لا يوجد مشروع يبني الأمة بناءً سليماً صحيحاً، غياب الهدف في واقع الأمة، حكومات أقامة واقعها على الاستبداد والظلم وبالتالي كان كل همها إضعاف شعوبها لتكون هي القوية والأقدر على التحكم بشعوبها لتمارس الإستبداد وتمارس الظلم وتستطيع أن تبقى في موقع الحكم، في موقع الدولة، في موقع المسئولية، هذا الواقع المؤلم الذي يعود سبب جزء كبير من سببه إلى الحكومات نفسها الحكومات المستبدة والظالمة التي سعت ولا زالت تسعى وتواصل السعي على قهر الشعوب على إذلالها على استهدافها في عزتها في إبائها لتكون مدجنة لتكون عاجزة لتكون مستسلمة ليستمر للحكومات الهيمنة والإستبداد.

   عاملان مهمان ورئيسيان وأسهما بدور كبير في إضعاف موقف الأمة مع أن الشعوب العربية في وجدانها في عمق مشاعرها تحمل التعاطف والألم للشعب الفلسطيني والحال الغالب على الجمهور العربي هو أنه يتألم كلما يشاهد المآسي والمجازر، كلما يشاهد المظلومية بكل أشكالها داخل الشعب الفلسطيني، يتألم وهو يرى الأقصى الشريف، القدس الشريف رهينةً تحت سيطرة العدو الإسرائيلي، وهنا ندرك الضرورة القصوى ونرى الضرورة القصوى للدور الشعبي الفاعل، نرى ما يدلل على فاعليته على أهميته بعد أن يجب أن نستوعب أنه لا يمكن الرهان على الحكومات العربية بما هي عليه بتوجهاتها السياسية بواقعها الإستبدادي القمعي باعتمادها الإعتماد الكبير على الخارج وبالذات على الأمريكيين الذين هم سند أساسي ورئيس للكيان الصهوني الغاصب والمعادي، الواقع الرسمي لا يمكن الرهان عليه نهائياً، الحكومات لا يمكن الإعتماد عليها، يجب أن تكون ميئوسةً منها إلا إذا غُيرت بواقع جديد بحكومات جديدة تحمل في أولوياتها قضايا الأمة الكبرى.

   إذاً ندرك ضرورة الدور الشعبي الفاعل المؤثر ونرى شاهداً واضحاً على فاعليته، المقاومة الإسلامية في فلسطين، المقاومة الشعبية في فلسطين المقاومة في لبنان شاهدٌ حيٌ وواضحٌ على فاعلية الدور الشعبي في مواجهة هذا الخطر، نرى ما حققت المقاومة في فلسطين ما حققت المقاومة في لبنان ما أنجزته من إنجازات حقيقية في صراعها مع العدو الإسرائيلي هذا شاهد واضح شاهد حي على أهمية الدور الشعبي، وللشعوب الحق في أن تتحرك أولاً من واقع المسئولية هي تتحمل مسئولية بحكم انتمائها للإسلام وبحكم أنها متضررة أنها تعاني من الخطر الإسرائيلي والأمريكية تعاني من نتائجه، تعاني من ظلمه، تعاني من مساوئه وآثاره، فهي لها الحق، حق الدفاع عن النفس، حق مواجهة خطر حقيقي يهددها، يهدد وجودها، يهدد حقها في الحياة، حقها في الحياة الكريمة العزيزة، حقها في أن تكون شعوباً حرة، ثم بحكم انتمائها للإسلام الذي يفرض عليها مسئولية مواجهة الظلم، مواجهة الفساد، مواجهة الطغيان، مواجهة الإستعباد والإذلال والهوان.

   المقاومة في فلسطين والمقاومة في لبنان دليلٌ حيٌ وواضحٌ وقائمٌ على فاعلية دور الشعوب، وأنها إذا تحركة ستنتصر وستكون بعون الله وبإذن الله موفقة في حسم هذه المشكلة وفي إنهاء هذا الخطر، وفي دفع هذا الشر، وفي إزالة هذا الظلم، وفي إزالة هذا الفساد والطغيان، ما أنجزته المقاومة في فلسطين وفي لبنان بالرغم من الخذلان الكبير القائم على المستوى الرسمي وعلى المستوى الشعبي وبالرغم من حجم التآمر والتواطؤ الرسمي لبعض الدول العربية عليها، التواطؤ مع العدو الإسرائيلي والتآمر مع الإسرائيليين على قمع تلك الحركات المقاومة والمجاهدة.

    وهنا أيضاً على المستوى الشعبي وخاصةً مع قيام الثوراة الشعبية في عددٍ من الدول العربية نرى ضرورة أن يكون من أولوية هذه الثورات فيما تحمله من مشروع لتغيير هذا الواقع الذي تعاني منه الشعوب العربية هو تبني هذه القضية وأن تأخذ حيزها الصحيح ومقامها الصحيح في أولوية الأوليات، في أولوية الأوليات، هذه القضية هامة جداً، الشعوب العربية مثلت أملاً للشعب الفلسطيني المظلوم، ومثلت أملاً لكل الأحرار للأمة أن تكون بداية خير وأن تمثل تغييراً حقيقياً للواقع العربي بمساوئه الكبرى وفي مقدمتها هذه الحالة الموقف السلبي تجاه القضية الفلسطينية.

   ثم عندما نعود إلى هذه القضية ومسئوليتنا تجاهها نجد أن في مقدمة ما نحتاج إليه النظرة الواعية، النظرة الواعية هي أولى متطلبات الموقف الصحيح السليم تجاه هذه القضية، وأهم مرتكز لها قراءة الواقع متابعة الأحداث المتابعة الصحيحة والعميقة والواقعية، والرجوع إلى القرآن الكريم فيما يقدمه من هدى ونور وبصائر وفيما يرسمه من مواقف حكيمة وسليمة وصحيحة عُمقُها هو حكمة الله سبحانه وتعالى الخبير بعباده، الحكيم بعباده، الذي لا يخفى عليه شيءٌ في الأرض ولا في السماء، ومع هذه الرؤية التي يرسمها الله في القرآن الكريم من عمق حكمته من رحمته، الموقف الإلهي الذي هو سند لتلك الرؤية القرآنية.

    مما تعانيه شعوبنا المسلمة وشعبنا العربي الكبير تجاه قضية الصراع العربي الإسرائيلي، صراع الأمة الإسلامية مع العدو الإسرائيلي هو ضبابية الرؤية، ليس هناك متابعة جادة وإدراك واعٍ لحجم هذا الخطر، الخطر الإسرائيلي الأمريكي لأن هناك تلازم، تلازمٌ تام بين الخطر الأمريكي والإسرائيلي، أمريكا هي الداعم الأساس الداعم الأكبر لإسرائيل، هي تمثل الأم والأب للكيان الإسرائيلي، توفر له كل أشكال الدعم على المستوى السياسي، على المستوى العسكري، على المستوى الإقتصادي، وهي تلعب دوراً كبيراً في الضغط على الحكومات العربية وفي إرغامها أحياناً وإقناعها أحياناً أخرى في تبني مواقف لمصلحة الإسرائيليين، تخدم التوجه الإسرائيلي، تدجن الشعوب العربية وتهيئ المجال لإسرائيل للقيام بخطوات أكثر وأكثر في ظلم الشعب الفلسطيني وفي السيطرة على الأرض وفي بناء الجديد من المستوطنات وفي بناء الكثير الكثير من المستوطنات.

   الخطر الإسرائيلي الأمريكي يجب أن تكون النظرة إليه إلى أنه خطرٌ على الأمة الإسلامية بكلها وخطر على مقدساتها أجمع، ليس خطراً يقتصر على الواقع الفلسطيني على الشعب الفلسطيني، الإسرائيليون يجعلون من المنطقة الفلسطينية من الأرض الفلسطينية مرتكزاً يجثمون عليه لينطلقون من خلاله ليصلون بكل شرهم وفسادهم إلى المنطقة العربية بكلها، ويستحوذون على الواقع العربي بكله يكونون هم الأكثر تأثيراً والأبرز نفوذاً والأكثر سيطرةً وتغلباً، هذا واضح وهذه النظرة الواعية التي يجب أن تكون قائمة لدينا جميعاً، ندرك من خلالها مسئوليتنا وحجم مسئوليتنا في مواجهة هذا الخطر الذي هو خطر على أمتنا بكلها، خطر على شعوب المنطقة بكلها، ليس فقط على الشعب الفلسطيني العزيز المظلوم، ليس فقط على الأقصى الشريف ثالث الحرمين، بل هو خطر حتى على الحرمين الشريفين على كل المقدسات على الأمة بكلها على شعوب المنطقة بكلها، إدراك الأمة لهذا الخطر الإدراك العميق سيكون عاملاً مساعداً على التحرك الجاد والأمة تفقد الجدية في مواجهة هذا الخطر وإلا فالمنطقة العربية بكلها تدرك أن إسرائيل عدو وإن كان هنالك سعي حثيث لتغييب هذا من الذهنية العربية تماماً.

   أيضاً يجب أن تكون النظرة الواعية إلى طبيعة التحرك الإسرائيلي الأمريكي إلى أنه تحركٌ واسعٌ وشامل، ليس فقط التحرك الإسرائيلي والخطر الإسرائيلي لا يتمثل فقط باحتلال فلسطين وفي تهديد بعض المقدسات هو أكبر من هذا، مع أنه في ذلك المستوى كافٍ في أن تتحرك كل الأمة في مواجهته وهو مع ذلك خطر واسع وشامل يستهدف الأمة في كل مقومات نهوضها ونهضتها، يتحرك في كل الإتجاهات وفي كل المسارات، معرفة هذا بشكل كبير مهم والكثير يعرف لكن لا تتوفر العوامل المعنوية للقيام بالمسئولية، الكثير يعرف الخطر الإسرائيلي والأمريكي لا يقتصر فقط بمقدار ما يحتلونه من أرض أو بمقدار حرصهم على التموقع والتمركز في منطقتنا العربية لأهميتها الجغرافية، لأهميتها الإقتصادية فيما تختزنه في باطنها من ثروة هائلة من النفط وخيرات أخرى وعلى ظاهرها كذلك، أكثر من ذلك يستهدفنا كأمة ويستخدم كل الوسائل والأساليب مما وصفهم القرآن الكريم به وتحدث عنهم، يمثلون خطراً كبيراً كأعداء رئيسيين للأمة، يمثلون خطراً كبيراً على الأمة هو لبس الحق بالباطل أنهم قديرون جداً على لبس الحق بالباطل، هذه واحدة من الوسائل التي يعتمدون عليها في ضرب الأمة التزييف للفكر، التزييف للثقافة، التزييف للوعي، التزييف للإعلام، هذه قضية خطرة جداً جداً جداً، ووسيلة أساسية ورئيسية يضربون بها الأمة، من خلالها يتمكنون هم أن يتحكموا في صناعة التصور التفكير، الرؤية، وبالتالي طبيعة التفكير والموقف الموقف، في نهاية المطاف يدفعون هم فئات واسعة داخل المجتمع الإسلامي إلى تبني مواقف هي تخدمهم هي لمصلحتهم، فنكون نحن أمة نضرب أنفسنا بأنفسنا، نعمل ما يضرنا وما يخدم أعداؤنا نتحرك نحن بأنفسنا عملياً فيما يحقق سياسات تضربنا من الداخل تضعفنا من الداخل، تحقق لأعدائنا الكثير والكثير من المكاسب.

    هذه مسألة مهمة جداً من خلال وسائل الإعلام المقروءة، المسموعة، المرئية من خلال اختراقهم للجامعات والمناهج الدراسية والمشاريع التعليمية، كل العوامل التي من خلالها يمكن أن يصنعوا توجه الأمة هذا من أخطر ما يكون، أن يكونون هم بكل ما يحملونه من عداء للأمة بكل حقدهم، بكل الحالة العدوانية التي يعيشونها يحملونها تجاه الأمة، ويمارسونها تجاه الأمة، من يتحكمون في صناعة توجه الناس، في مواقفهم، في رؤاهم، حالة خطيرة جداً لا أسوأ منها ولا أخطر منها، لأنهم بالتالي هم يدفعوننا من الداخل إلى أن نضرب أنفسنا، إلى أن نتحرك بالشكل الذي يفيدهم يخدمهم، هذه واحدة من المجالات من الوسائل من الأساليب التي يركزون عليها.

   جانب آخر مما يركزون عليه إستهداف الأمة في إيمانها، بكل ما يحمله الإيمان من ارتباط قوي ووثيق بالله سبحانه وتعالى من تحلي بالقيم والأخلاق العظيمة الإلهي، مكارم الأخلاق، من مبادئ مهمة يتحركون في هذا المجال برغبة شديدة (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا) واستهدافهم للأمة في هذا المجال له وسائل وأساليب كثيرة جداً، إستهداف الشباب لتمييعهم لإفسادهم، نشر الفساد بكل أشكاله وفي مقدمته الفساد الأخلاقي، العمل على نشر حالة الإلحاد والبعد عن الله سبحانه وتعالى، وسائل كثيرة يعتمدون عليها في هذا المجال، وهذا شيء خطير جداً إبعاد الأمة الإسلامية والشعوب العربية عن إيمانها إبعادٌ لها عن تأييد الله عن النصر من الله سبحانه وتعالى، إغراقٌ لها في متاهات وضياع، فلا يبقى لها تلك القيم الإيمانية التي منها العزة ومنها الإباء ومنها مكارم الأخلاق.

   مما يتحركون فيه ويمثل خطراً كبيراً على الأمة إستهداف الأمة في اقتصادها، هم لا يريدون لنا أي خير لا يريدون لنا أي رخاء أي تقدم، هم لا يريدون إلى أن نصل إلى مستوى أن نصنع لأنفسنا أو أن نحقق الإكتفاء الذاتي في الإحتياجات الأساسية لحياتنا وفي مقدمتها، في مقدمتها مجال الزراعة (مَا يَوَدُّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ وَلَا الْمُشْرِكِينَ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْكُمْ مِنْ خَيْرٍ مِنْ رَبِّكُمْ) يستهدفون الأمة في اقتصادها بأشكال كثيرة، نهب الثروات، من هو أكبر مستفيد من النفط العربي.؟ هم الأعداء. ما مدى استفادة الأمة العربية من نفطها.؟  صفر. استفادة محدودة جداً، ما مدى استفادة الأمة العربية من كل ثرواتها.؟ من الذي يفرض سياسات اقتصادية تضرب الأمة وتضعف الأمة فلا يكون لها أي اقتصاد ولا أي نمو اقتصادي حقيقي يجعلها في مستوى المسئولية في مستوى المواجهة، في مستوى مواجهة الأخطار والتحديات، يتحول الواقع داخل الأمة الإسلامية في الحال الأعم الأغلب وفي كثير من الشعوب العربية بالنسبة للواقع الإقتصادي إلى واقع صعب جداً، والبعض من الدول العربية تعيش تحت خط الفقر لا تستفيد الأمة العربية من أي ثروة من ثرواتها، هل هي أمة بدون ثروات.؟ ليس هذا صحيحاً. من يتحدثون عن نقص حاد في الموارد الإقتصادية هم يكذبون على الشعوب، الأمة العربية غنية بمواردها، اليمن نفسه غني بموارده يملك احتياطي كبير من النفط والغاز، الغاز يمثل احتياطي كبير جداً في اليمن، الثروة البحرية نفسها الثروة السمكية، لكن أين تذهب معظم تلك الثروات.؟ من الذي لديه إحصائية صحيحة ودقيقة عن مستوى الإنتاج النفطي.؟ أين يذهب معظمه.؟ أين تذهب معظم الأموال من تلك الموارد.؟ الواقع أن الحال السائد هو أن الكثير من تلك الموارد تنهب فيما يتوفر منها، لا تستغل بالشكل الصحيح، لا توجد سياسات إقتصادية سليمة وصحيحة لبناء اقتصاد وطني صحيح، لا في اليمن ولا في معظم الشعوب العربية، حتى الشعوب العربية التي فيها شيءٌ من الرخاء الإقتصادي هو في حدود أنها أسواق..! أسواق ضخمة، لكن هل هذا الرخاء الإقتصادي لأننا أمة منتجة، منتجة إقتصادياً، مصنعون، مستفيدون من مواردنا من خيرات أراضينا فيما في الباطن وفيما في الظاهر، ليس كذلك، سياسات اقتصادية سيئة لا توجد أيادٍ أمينة تحفظ للشعوب تلك الثروة ولا سياسات حكيمة ولا يراد.. لا يراد ليس هناك لا إرادة ولا جدية في اعتماد سياسات اقتصادية سليمة تبني وضع الأمة الإقصادي من الداخل فتكون أمة منتجة مصنِّعة محققة لنفسها الإكتفاء الذاتي على مستوى الزراعة، بل سياسات تزيد من إفقار الشعوب من إفقار الدول، سياسات قائمة على اعتماد القروض الربوية المرهقة والمكلفة وتبديد تلك الأموال التي يحصلون عليها من خلال القروض في أشياء ليس لها عائد لا تنتج لا تفيد ليس لها عائد اقتصادي على الشعب، هل هم يقترضون تلك الأموال الكثيرة والهائلة المرهقة للشعب والتي هي رَبويةن هل هم ينفقونها ويفعلونها ويستغلونها فيما له عائد يسددها ويعود للشعب بالكثير الكثير من الخير.؟ أبداً. إنما يرهقون الشعب أكثر فأكثر، وتعتمد السياسة الغربية التي توظف الجانب الحكومي للحكومات العربية لتنفيذه تعتمد تلك السياسات على إفقار الشعوب العربية وتحويلها في الحال الكثير مع التخريب الأمني مع إثارة الحروب إلى مخيمات لاجئين ثم تعتمد على منظمات تقدم القليل القليل في مقابل الكثير الذي ينهب من ثروات هذه الشعوب، يعني تحول الشعوب العربية والدول العربية إلى دول متسولة في البعض وسوق في البعض الآخر، وهكذا الأمة عندما تضعف اقتصادياً تضعف بالتالي في مواجهة أعدائها، ثم تُستغل حالة الفقر والظروف الصعبة داخل الشعوب العربية لشراء الناس، لشراء مواقفهم على قاعدة – جوع كلبك يتبعك-، يحولون الشعوب العربية، ينظرون إليها هكذا أنها مورد نفس الشعوب، ثورة بشرية تستغل يعمدون إلى استهدافها في قيمها في أخلاقها، يضعفونها يفقرونها ثم يحاولوا أن يستغلوا الكثير منها في سبيل الدفع بهم إلى مواقف تضربهم من الداخل، تضعفهم من الداخل تشتتهم، تعمق حالة العداء فيما بينهم، إستغلال وهذا ما يريدونه، أمة كبيرة أمة واسعة يريدون أن يستغلوا فيها كل شيء، الأرض، الثروة، الموقع الجغرافي وحتى البشر يعتبرونهم مجرد ثروة تُستغل، ويريدون لهم حتى في المستقبل أن يجندوا الكثير منهم لمواجهة قوى ومواجهة دول تناهض الهيمنة الأمريكية والإسرائيلية والسياسات الأمريكية والإسرائيلية.

   النظرة الصحية التي يجب أن تكون قائمة لدينا كمجتمعٍ مسلم، كأمةٍ عربية وكأمة مسلمة، أن نعرف أن أولئك يحملون حالة عداء شديد، مهما سوقوا في وسائل إعلامهم أنهم أصدقاء وأنهم يريدون إقامة علاقات طبيعية أبداً، هم ماكرون أما الواقع فهم يحملون حالة عداء وحالة عداء شديدة جداً (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا) وبهذه الحالة العدائية الشديدة بما هم عليه من شر وإفلاس في القيم والأخلاق، بما هم عليه من منكر وباطل وسوء يتحركون لاستهداف الأمة في كل واقعها في كل مجالات وشئون حياتها، وإدراك هذا شيءٌ مهم، والتعامل معهم على هذا الأساس، يعني لا يكفي أن نقول صح الإسرائيليون أعداء، لا. يجب أن نتعامل معهم على هذا الأساس على أنهم أعداء، ندرك في كلما يتحركون فيه في كل مشاريعهم في كل مؤامراتهم أنها من واقع عدائي.

   عندما نتأمل ما حكاه الله لنا عن الشيطان (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا) يعني لا يكفي أن تقولوا صح عدو، بل تتحركون تحملون في أنفسكم الشعور العدائي تجاهه، ثم في طبيعة تعاملكم تجاهه على أنه عدو بكل ما تعني الحالة العدائية من موقف عدائي، من تحرك عدائي، هذا ما يجب أن يكون، وندرك أن تخريب الواقع الداخلي للأمة الإسلامية إستراتيجية أساسية لهم، تخريبه في كل شيء وفي مقدمة ذلك نشر حالة الفرقة والكراهية والعداء، هذه مسألة يركزون عليها ويوظفون لها كل العناوين ويوفرون لها كل الدعم، ومن هنا يتحركون على مستوى إثارة الفتنة الطائفية والعمل على إثارة حروب تحمل طابعاً طائفياً ليضربوا الأمة الإسلامية من الداخل، فتبقى هي في داخلها مقتتلةً متناحرة تستنفذ كل طاقتها في ضرب نفسها من الداخل، الأمة الإسلامية لها طاقة لها فاعلية لكن الطاقة والفعل توظف من خلال العدو نفسه مع غياب الوعي مع البعد عن المسئولية فيما يضرب الأمة من الداخل، ولهذا لا نجد القدر الهائل من الحماس والاستنفار في بعض المشاريع الطائفية التي تخدم العدو الإسرائيلي والأمريكي، لا نراها تجاها الخطر الإسرائيلي ولا الأمريكي، نرى الفاعلية ونرى الطاقة،نرى الفعل، نرى التحرك، نرى الإستنفار النشاط، فيتكلمون وينطقون ويتحمسون ويندفعون في المواقف الطائفية في العداوات الطائفية في إثارة الفتن الطائفية، لماذا لا تكونوا بكل هذا الحماس بكل هذا الفعل بكل هذه القدرة بكل هذه الإمكانيات هكذا في مواجهة الخطر الإسرائيلي، لا .. يغيب ذلك.

   إذاً هذه نظرة موجزة ورؤية موجزة عن طبيعة هذه القضية ببعض أبعادها، ما يهمنا جداً أن نذكِّر بأننا جميعاً كشعوب مسلمة نتحمل المسئولية ووجبنا أمام الله سبحانه وتعالى يملي علينا أن نتحرك تحركاً جاداً مسئولاً لمواجهة هذا الخطر في كل مجالاته في كل وسائله وأساليبه، المسألة واسعة، واسعة جداً نتحرك على المستوى الإعلامي، كم لدى الأمة الإسلامية من قنوات فضائية، من صحف، من مواقع على الإنترنت، من وسائل وأساليب إعلامية كم لديها من عاملين في الحقل الإعلامي، أين الأولوية للقضايا الكبرى للأمة في هذا العدد الكبير الهائل من القنوات والإذاعات والصحف والمجلات والمواقع، ما الذي يعطى زخم إعلامي كبير، الكتابات الأصوات المشاهد كلها في معظمها في الأعم الأغلب توظف فيما يخدم العدو الإسرائيلي والأمريكي، فلإذكاء فتنة طائفية أو مشكلة داخلية داخل شعب عربي مسلم أو داخل دولة مسلمة نسمع الكثير من الأصوات وبحماسة وبزخم كبير ترى الكثير من الكتابات، تقرأ الكثير من المقالات، التعليقات، إلى ما هناك، لكن هذه القضية ما الذي تعطاه من هذا الكم الهائل من وسائل الإعلام.؟ لا شيء.. ما هو القدر الذي تسهم وسائل الإعلام العربية والإسلامية في معظمها في صناعة رأي عالمي ضد الإنتهاكات الأمريكية والإسرائيلية، ضد الكيان الإسرائيلي، شيء طفيف جداً، يعني ليس هناك جدية للتحرك لمواجهة هذا الخطر الحقيقي على المسلمين على العرب جميعاً، شعوب بالدرجة الأولى، الشعوب هي المتضررة في المقام الأول، ثم حكومات ولو أن الكثير يوظف نفسه في إطار المشروع الأمريكي والإسرائيلي، إذاً بل تجد البعض يتحرك بل تجد البعض يتحرك للسخرية والإستهزاء عندما يسمع البعض يتكلم عن قضية هي تعنينا جميعاً، يسخرون ويستهزئون، وويل للساخرين والمستهزئين في مقام المسئولية ومسئولية كبرى وقضية مهمة لكل فرد من أبناء الأمة المسلمة ويل لهم يوم القيامة، ويل لهم مما توعد الله به الساخرين المستهزئين فيما حمَّلَنا إياه من مسئوليات، من يتعاملون بسخرية واستهزاء حتى عندما يسمعون أي صوت أو يرون أو يشاهدون أي تحرك هم لا مسئولون لا إباليون غافلون جاهلون مستهترون والبعض منهم متواطئ وعميل يسعى بإرادة وبقصد ومدفوع الأجر مسبقاً على أن يواجه أي تحرك، أي تحرك داخل الأمة، أي تحرك مسئول أو صوت حر، إذاً نتحرك بمسئولية وجدية وأمامنا آفاق واسعة للعمل.

    في مقدمة ما يجب أن تحرص عليه الشعوب المسلمة هو الوقوف مع المقاومة في فلسطين ولبنان، المقاومة في فلسطين المقاومة في لبنان، يجب أن تلتف حولها الشعوب العربية وتؤيدها وتناصرها على كل المستويات على المستوى السياسي، على المستوى الإقتصادي، المادي، المستوى المعنوي، في كل ما تحتاجه هذه المقاومة لرفدها لعونها، وفي المجال السياسي تحتاج هذه المقاومة لوقفة جادة معها، تعرضت المقاومة في فلسطين والمقاومة في لبنان لاستهداف كبير حتى من الواقع العربي من خلال بعض الحكومات، عمليات تشويه كبيرة إساءات كثيرة، محاولة لتقديمها وكأنها حركات مجرمة، إساءة إلى رموزها، تشويه لمواقفها، التكلم سواءً من بُعدٍ طائفي أو غيره، ما تعرضت له المقاومة في فلسطين من حصار خانق على غزة ساهمت فيه إلى حد كبير دول عربية، مقاطعة كبيرة لحكومة حماس التي فازت في الإنتخابات وتعامل معها معظم الدول العربية بالمقاطعة إرضاءً لأمريكا وطاعةً لها، واستجابةً لما يخدم إسرائيل، الوقفة الجادة من الشعوب العربية مع المقاومة سياسياً ومعنوياً ومادياً هذه خطوة مهمة ومطلوبة، الصوت الحر، التحرك الجاد على المستوى الشعبي وأن تكون ضمن الأولويات للثورات العربية، فتكون في صلب اهتمامها وفي أولوية عناوينها وشعاراتها ومشاريعها العملية.

    إعتماد مواقف جريئة تجاه الدور الأمريكي الداعم الأساس، والحامي الأساس للكيان الصهيوني، التحرك في كل المسارات على المستوى الداخلي للأمة إعلامياً فتفعيل الجانب الإعلامي بدلاً من أن يكون ساحة ومسرحاً مفتوحاً للتزييف والتظليل والخداع وتزييف واقع الأمة فليفعل في الإتجاه الصحيح، على المستوى الإقتصادي، على المستوى السياسي وهكذا في كل المسارات لبناء الأمة لتكون في مستوى المواجهة وفي مستوى المسئولية، وللأمة الحق لأنها تحمل قضية عادلة هي أمة مظلومة وقضيتها عادلة ومحقة.

   وهكذا يجب أن تتحرك الأمة ويكون هذا الاستهداف وهذا الخطر عاملاً يدفعها إلى بناء واقعها الداخلي وتصحيح مسارها بشكل صحيح منطلقةً من خلال مبادئها الصحيحة، من خلال العودة إلى القرآن الكريم، ثم ندرك في نهاية المطاف خطورة التخاذل والتنصل عن المسئولية.

    التخاذل والتنصل عن المسئولية هو موقفٌ لا ينسجم بحال مع المبادئ الإسلامية ولا مع الإنتماء الإيماني، عندما نتفرج تكون الحالة السائدة هي التفرج على ما يحصل هناك ويقع هناك لا صوت، لا تحرك على أي مستوى، هذه حالة مقيتة لا تنسجم أبداً مع الإسلام ولا مع المسئولية، الرسول صلوات الله عليه وعلى آله علمنا أن نكون أمة تهتم بواقعها تهتم بأبنائها وقال كلمته المشهورة {من لم يهتم بأمر المسلمين فليس من المسلمين، ومن سمع منادياً ينادي يا للمسلمين فلم يجبه فليس من المسلمين} وقال كلمة أخرى معروفة {المسلم أخو المسلم لا يخذله ولا يُسلمُه لمصيبةٍ إن نزلت به}.

   وفي نهاية المطاف على كلٍ منا أن يستذكر المحاسبة والمسائلة يوم الحساب عندما تتخذ قرارك بالتخاذل بالتنصل عن المسئولية بالقعود، بالجمود، بالتجاهل، أنت تتخذ القرار الخطأ الذي تدفع ثمنه باهظاً في عاجل الدنيا، فالتخاذل والتفريط بالمسئولية لا يفيد الأمة شيئاً، لا تنتهي المسألة بحدود اتخاذ القرار، فأنت قررت التخاذل والصمت والتجاهل وانتهى الأمر .. لا . يصل إليك هذا الخطر يطالك هذا الشر سواءً أم لم ترد، رغبت أم لم ترغب، تجاهلت لا يفيدك ذلك ويوم القيامة تبعات التقصير تبعات التفريط يوم الحساب يوم المسائلة، وستبقى هذه القضايا الكبرى في واقعنا في الحياة قضايا كبرى يوم القيامة، ومن أول ما يُسأل عنه الناس يوم القيامة، وصل الحال بنا كأمة مسلمة أن تظلم منا شعوب وتقهر شعوب، يفترض بنا أن نكون أمة تحرص على الفرد الواحد فيها، تسعى لدفع الظلم عنه، بل تسعى فيما وراءها في خارجها على أن تكون عوناً للمستضعفين كل المستضعفين فما وصل الحال إليه واقعٌ مؤسف يجب عدم القبول به وأن تتحرك الأمة تحركاً مسئولاً يرضي ربها، يغير واقعها، ينفعها هي في الدنيا والآخرة.

نسأل الله أن يوفقنا وإياكم لما فيه رضاه، أن يختم لنا بالحسنى

والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

التعليقات مغلقة.