سقوط شرعية «حكومة الفنادق»… صراع الوكلاء يكشف وهم الاستعادة ويفضح معركة النفوذ على ثروات اليمن
صنعاء سيتي | تقرير خاص
تشهد الساحة اليمنية تحولات متسارعة كشفت، بوضوح غير مسبوق، هشاشة ما يُسمّى بـ«الشرعية» المدعومة سعودياً، وعجزها البنيوي عن تمثيل اليمنيين أو إدارة شؤون البلاد، فالأحداث الأخيرة لم تُسقط الأقنعة فحسب، بل أظهرت حقيقة الصراع القائم بين رعاة هذه الحكومة، حيث برزت الخلافات السعودية–الإماراتية إلى العلن عبر أذرعهما المحلية، في سباق محموم على النفوذ والثروات، بعيداً عن أي هدف وطني حقيقي أو ادعاءات «استعادة الدولة».
تؤكد الوقائع أن ما يجري ليس خلافاً عابراً بين حلفاء، بل صراع مصالح عميق بين الرياض وأبوظبي، تُدار فصوله على الأرض اليمنية عبر قوى ووكلاء محليين، هذا الصراع يؤكد أن الهدف لم يكن يوماً إعادة ما تسمى «الشرعية» كما كانوا يدعون أو الحفاظ على وحدة اليمن، بل تقاسم مناطق النفوذ والسيطرة على الموانئ والجزر والموارد السيادية، في ظل تغييب كامل لإرادة الشعب اليمني.
من الناحية السياسية والقانونية، تُقاس الشرعية بمدى السيطرة الفعلية على الأرض والسكان، وبالقدرة على فرض الأمن وإدارة المؤسسات وحماية النسيج الاجتماعي، وبالمقارنة بين الواقعين، يتضح أن ما يُسمّى بحكومة الفنادق لا تملك أرضاً ولا سيادة ولا قراراً مستقلاً، فيما تفرض سلطة المجلس السياسي الأعلى في صنعاء حضورها على أغلب الجغرافيا والسكان، وتدير شؤون الدولة في ظروف حصار وعدوان، مع حفاظ كبير على الأمن والاستقرار المؤسسي.
إعلان ما يُسمّى بالمجلس الانتقالي الجنوبي مشروع الانفصال، وسيطرته على مساحات واسعة من المحافظات الجنوبية بتمويل ودعم إماراتي مباشر، شكّل ضربة قاصمة لما تبقى من ادعاءات ما تسمى الشرعية، الأخطر من ذلك هو عودة وزراء ومسؤولين محسوبين على الجنوب إلى واجهة المشهد وهم يعلنون، صراحة أو ضمناً، تأييدهم لمشروع الانفصال، ما يجعل ما يسمى مجلس الرئاسة المكوّن من ثمانية أشخاص كياناً متناقضاً وفاقداً لأي أساس سياسي أو وطني جامع، وبالتالي ساقطاً شرعاً وواقعاً.
في المقابل، تبرز سلطة المجلس السياسي الأعلى في صنعاء باعتبارها الجهة الوحيدة التي حافظت على وحدة الجبهة الداخلية، وصانت النسيج الاجتماعي، وفرضت قدراً من الأمن، وسعت – رغم الحصار الخانق – إلى تحقيق استقرار اقتصادي نسبي وإدارة الموارد المتاحة بما يخدم الصمود المجتمعي، هذه المعطيات تمنحها، وفق منطق الدولة ومعايير الشرعية الواقعية، موقع الشرعية الفعلية في اليمن اليوم.
إن انكشاف صراع الوكلاء وسقوط الأقنعة يضع الشعب اليمني أمام حقيقة لا لبس فيها: لا مشروع وطنياً لدى قوى الارتهان، ولا سيادة تُستعاد عبر الفنادق، وعليه، فإن الالتفاف الشعبي حول سلطة وطنية مستقلة القرار، تمسك بالأرض وتدير شؤون الناس وتحافظ على وحدة المجتمع، بات ضرورة وطنية لحماية اليمن من التقسيم، ولإفشال مشاريع الهيمنة ونهب الثروات.
وبذلك لم تعد ما تسمى «الشرعية» شعاراً قابلاً للتسويق في ظل واقع الانقسام والارتهان، ومع سقوط حكومة الفنادق ومجلس الرئاسة عملياً، تتكرّس سلطة صنعاء كعنوان للشرعية القائمة على السيطرة الفعلية والمسؤولية الوطنية، فيما يبقى الرهان الحقيقي على وعي الشعب والتفافه حول من يحمي سيادته ووحدته ومستقبله.
*نقلاً عن موقع يمني برس
التعليقات مغلقة.