غزة تغرق.. الأمطار تجتاح المخيمات والعدوان يفاقم المعاناة

صنعاء سيتي | تقرير خاص

 

تشهد مدينة غزة مأساة مزدوجة تجمع بين دمار العدوان الصهيوني وقسوة الطبيعة، حيث انهارت خمسة مبانٍ اليوم الخميس في مناطق متفرقة نتيجة الأمطار الغزيرة المصاحبة لمنخفض جوي عميق مستمر منذ أيام، وفي الوقت نفسه، غرقت آلاف الخيام التي يأوي فيها النازحون، وسط مخاوف حقيقية على حياتهم وسلامتهم، مع تفاقم المعاناة بسبب نقص حاد في المواد الأساسية والمستلزمات الطبية.

انهيار المباني وغمر الخيام

أوضح جهاز الدفاع المدني أن ثلاثة مبانٍ انهارت في حيي تل الهواء والنصر غرب المدينة، واثنان في حي الزيتون جنوب شرقها، وكانت تؤوي عدداً من الفلسطينيين النازحين، دون تسجيل إصابات، وحذر الدفاع المدني السكان من العودة إلى المباني المتضررة، مع استمرار هطول الأمطار الذي يزيد من خطر الانهيارات وتصدعات الجدران والأعمدة المتضررة بفعل القصف الصهيوني السابق، كما غمرت مياه الأمطار أكثر من 2500 خيمة للنازحين، وسط جهود طواقم الدفاع المدني لإخلاء السكان ونقلهم إلى مناطق أكثر أمانًا.

شبكات الصرف منهارة والركام يزيد الأزمة

أكد المتحدث باسم بلدية غزة، حسني مهنا، أن القدرة على تصريف مياه الأمطار لا تتجاوز 20% فقط، بعد تدمير سبع مضخات من أصل ثماني وتضرر نحو نصف شبكات الصرف الصحي، إضافة إلى خروج 40% من مصارف الأمطار عن الخدمة بسبب القصف الإسرائيلي.

وأشار مهنا إلى أن الركام الناتج عن العدوان وتكدس النفايات أدى إلى انسداد مسارات المياه، محولًا الشوارع إلى مستنقعات واسعة، ما يزيد من خطورة غمر الخيام والمباني، داعيًا المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتقديم دعم عاجل لمواجهة الكارثة.

الحاجة ماسة للمساعدات

كشف مدير المكتب الإعلامي الحكومي في غزة، إسماعيل الثوابتة، عن تفاقم الأزمة الإنسانية في المخيمات، حيث تضررت أكثر من 22 ألف خيمة بالكامل، فيما غمرت مياه المنخفضات الجوية عشرات آلاف الخيام الأخرى، وحوّلت المخيمات إلى مساحات غارقة بالطين والمياه.

وأوضح الثوابتة أن نحو مليون ونصف نازح يعيشون في هذه المخيمات، وأن العديد من الأسر يقيمون في خيام مهترئة تضررت بفعل العدوان والعواصف المتتالية، مشددًا على أن الوضع يحتاج إلى تدخل عاجل لتوفير المأوى، خاصة مع دخول فصل الشتاء، وأشار إلى أن القطاع بحاجة فورية إلى نحو 300 ألف خيمة جديدة، بينما لم تدخل سوى 20 ألف خيمة منذ بدء الأزمة.

الأونروا تحذر من تفاقم الكارثة

حذرت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (أونروا) من أن الأمطار والبرد يزيدان من خطورة الأوضاع المعيشية المتردية في المخيمات، خصوصًا مع الاكتظاظ وانعدام النظافة، مؤكدة أن هذه الظروف تهدد حياة الأطفال والنساء وكبار السن.

ودعت الوكالة المجتمع الدولي لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية دون عوائق، بما في ذلك المواد الطبية ومستلزمات المأوى، لضمان حماية العائلات من البرد وتخفيف معاناتها المتفاقمة جراء الأمطار والسيول.

الكيان الصهيوني يفاقم الأزمة

في الوقت الذي يكافح فيه النازحون الطبيعة، واصلت قوات العدو الصهيوني خرق اتفاق وقف إطلاق النار، حيث شنت قصفًا مدفعيًا كثيفًا في المناطق الشرقية لخانيونس، وأطلقت المروحيات النار بشكل مستمر على المناطق الجنوبية للمدينة، وأسفرت هذه الاعتداءات عن استشهاد خمسة فلسطينيين بينهم طفل وسيدة، ما يضاعف معاناة السكان ويزيد من حساسية الوضع الإنساني.

ودعت حركة حماس الدول الضامنة لاتفاق وقف إطلاق النار والوسطاء إلى الضغط على الكيان لإدخال مواد الإيواء إلى القطاع وفتح معبر رفح في كلا الاتجاهين، مؤكدة أن العدو الصهيوني يتحمل المسؤولية الكاملة عن الظروف المأساوية نتيجة منعه دخول الخيام والمواد الأساسية.

كارثة مزدوجة

مع استمرار المنخفضات الجوية، يعيش النازحون مأساة مزدوجة تجمع بين دمار العدوان وجحيم الطبيعة، وسط نقص حاد في المواد الأساسية والخيام والمستلزمات الطبية، وأوضح الدفاع المدني أن الأطفال والنساء والمسنين يواجهون أخطر الظروف، حيث يفتقدون الحد الأدنى من مقومات الحياة، وتتعرض خيامهم للانهيار مع استمرار الأمطار.

وأكد الدفاع المدني أن كل ساعة تمثل خطرًا حقيقيًا على حياة السكان، داعيًا إلى تدخل عاجل من المجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية لتوفير المأوى ومواد الإغاثة وحماية السكان من برد الشتاء والمياه الجارفة.

أرقام كارثية بعد عامين من العدوان

تجدر الإشارة إلى أن إبادة العدو الصهيوني في غزة استمرت عامين وانتهت باتفاق وقف إطلاق النار في 10 أكتوبر 2025، غير أن العدو لم يلتزم بالاتفاق، واستمر في خروقات ميدانية وإعاقة دخول المساعدات الإنسانية والخيام إلى المخيمات، وأسفرت هذه الجرائم عن سقوط أكثر من 70 ألف شهيد و170 ألف جريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إضافة إلى آلاف المفقودين ومئات آلاف النازحين.

وتقدّر الأمم المتحدة كلفة إعادة إعمار غزة بنحو 70 مليار دولار، في وقت يفتقر النازحون اليوم إلى أبسط مقومات الحياة وسط الشتاء القارس والأمطار الغزيرة.

 

*نقلاً عن موقع 21 سبتمبر

التعليقات مغلقة.