الفصائل تتظاهر ضدّ السوداني: واشنطن غير راضية عن بغداد

صنعاء سيتي | متابعات

 

 

رغم تراجعها السريع عن القرار بداعي أنه «خطأ فني»، لم تهدأ تداعيات إدراج بغداد «حزب الله» وحركة «أنصار الله» على لائحة الإرهاب. إذ عبّرت وزارة الخارجية الأميركية عن «إحباطها» من هذا التراجع، مُطالبةً في بيان العراق، باتّخاذ «خطوات عملية» لضمان عدم استخدام أراضيه في هجمات من قِبل الجماعات المرتبطة بطهران. كما لم تمرّ الواقعة بهدوء داخل «الإطار التنسيقي»؛ فالفصائل، التي خرجت في تظاهرات لليوم الثالث في بغداد وجنوب البلاد رافعةً أعلام «حزب الله»، وجدت في «خطأ الوقائع» فرصةً لـ«محاصرة» رئيس حكومة تصريف الأعمال، محمد شياع السوداني، والضغط لمنعه من التجديد لولاية ثانية. ووصف رئيس مجلس الشورى السياسي لحركة «النجباء»، علي الأسدي، ما جرى بأنه «إهانة للشهداء»، فيما كتب ياسر صخيل، السياسي المقرّب من زعيم «ائتلاف دولة القانون» نوري المالكي، أنّ «إكرام الميت دفنه»، في إشارة واضحة إلى «دفن» الولاية المقبلة للسوداني.

ويدّعي مصدر سياسي مقرّب من الحكومة، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ «بعض الفصائل تحاول تقديم صورة سلبية عن العراق، لا سيّما بعد الاستعراضات المسلّحة الأخيرة»، مشيراً إلى أنّ «واشنطن، باتت تتحدّث صراحة عن ضرورة نزع سلاح الفصائل، وبعض قادتها سبق أن تعهّدوا للحكومة بتسليم السلاح بعد الدخول في العمل السياسي، لكنّ ذلك لم يحدث». ويرى المصدر أنّ «الهجوم على السوداني، يأتي من داخل الإطار نفسه، ضمن محاولة ممنهجة لتشويه سمعته قبل مفاوضات تشكيل الحكومة المقبلة». ويدافع بأنّ «العلاقة بين السوداني وواشنطن، هي علاقة دولتين، والرجل يحاول تجنيب العراق مصيراً مشابهاً للبنان أو فلسطين، حيث انهيار الدولة أمام قوة السلاح». ويتوقّع أن «تدفع واشنطن، في أثناء المرحلة المقبلة في اتجاه معالجة ملف الفصائل بصورة أكثر جدّية»، في ظلّ توثيق علاقة بغداد بواشنطن، عبر قنوات سياسية وأمنية مشتركة.

وفي السياق نفسه، يرى الباحث في الشأن السياسي، محمد الربيعي، أنّ «توقيت القرار كان كارثياً»، موضحاً، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ «نشر قائمة تضمّ «حزب الله» و»الحوثيين»، ثم سحبها بهذه السرعة، منح الفصائل ذخيرة سياسية هائلة ضدّ السوداني». ويعتقد الربيعي أنّ «واشنطن، التي لا تزال اللاعب الأكثر تأثيراً في القرار العراقي، تنظر إلى السوداني، باعتباره خياراً وسطياً يمكن التفاهم معه، لكن هذا الاضطراب في القرارات يهدّد موقعه داخل الإطار». ويضيف أنّ «تجّار الأزمات استغلّوا ثغرة الوقائع لتصوير الرجل وكأنه يسعى إلى كسب رضا الأميركيين، مقابل مكاسب شخصية».

أمّا السياسي المستقلّ، محمد الخالدي، فيرى أنّ ما يجري هو «انعكاس مباشر للصراع الأميركي – الإيراني، داخل العراق». ويقول لـ«الأخبار» إنّ «واشنطن، تريد تقليص نفوذ الفصائل تدريجياً، بينما تعتبر طهران أنّ أي خطوة من هذا النوع تستهدف محور المقاومة». ويعتبر الخالدي، أنّ «السوداني، يجد نفسه بين ضغطين: أميركي يريد خطوات ملموسة، وفصائلي يرى في أي تقارب مع واشنطن، تجاوزاً للخطوط الحمر». ويضيف: «هذه المعادلة تجعل المشهد هشّاً، وقد تكون لها تداعيات خطيرة على شكل التحالفات المقبلة».
أمّا القيادي المقرّب من «الإطار التنسيقي»، علي المسلماوي، فيقدّر أنّ «المرحلة المقبلة ستكون الأصعب على الإطلاق»، مشيراً، في تصريح إلى «الأخبار»، إلى أنّ «هناك امتعاضاً أميركياً وهذا واضح. واشنطن، لن تتراجع عن مطلبها حصر السلاح بيد الدولة، وقد نشهد ضغوطاً أكبر على الفصائل، وربما مواجهات سياسية – أمنية محسوبة». ويلفت إلى أنّ «الإطار ليس موحّداً بشأن تجديد ولاية للسوداني. ثمّة قوى تريد بقاءه، وأخرى ترى أنه تجاوز الدور المرسوم له». لكنه يؤكّد أنّ «إظهار الفصائل في موقف صدامي مع الحكومة لا يخدم أحداً».

ويترافق ذلك مع تحرّكات أميركية لافتة؛ فالمبعوث الخاص، مارك سافايا، سيصل إلى بغداد في أثناء أيام، في زيارة قال إنها «حاسمة»، داعياً إلى «إبعاد السلاح عن السياسة واحترام الدستور». أمّا المبعوث الأميركي إلى سوريا، توم برّاك، فذهب أبعد من ذلك، حين وصف النظام السياسي العراقي بأنه «هيكل مختلّ سمح للفصائل بأن تكون أقوى من البرلمان»، معتبراً أنّ السوداني «رجل كفوء لكنه بلا سلطة فعلية».

وردّاً على ما تقدّم، أبلغ وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، أمس، برّاك، الذي التقاه على هامش منتدى الدوحة، استغرابه من تصريحاته، في حين ردّ برّاك بالتأكيد أن ّالإدارة الأميركية تنظر بعين الاحترام إلى التجربة العراقية، وذلك وفق بيان لوزارة الخارجية. ومع اجتماع الائتلاف الحاكم المرتقب غداً، يُتوقّع أن تكون «فضيحة الوقائع» على رأس جدول الأعمال، فيما تستمرّ الفصائل في التظاهر والضغط، وتواصل واشنطن، البعث بالرسائل «التحذيرية»، ويجد السوداني نفسه محاصَراً بين كلّ هذه الضغوط، التي قد يحدّد مآلها مصير ولايته الثانية.

 

*فقار فاضل: الاخبارية اللبنانية

التعليقات مغلقة.