نفير القبائل اليمنية.. جُهوزيةٌ عالية

صنعاء سيتي | مقالات| نبيل الجمل

 

 

في لحظةٍ حرجة تمر بها الأُمَّــة، يطلّ اليمن مجدّدًا حِصنًا منيعًا ورمزًا للعزة والاستعصاء، حَيثُ تتصاعد وتيرةُ النفير العام بين قبائله الأصيلة؛ استجابةً لتصاعد التهديدات وعزم قوى العدوان الصهيوأمريكي على التصعيد.. فاليمن، الذي سطّر عبر التاريخ فصلًا خالدًا في المقاومة، يعود اليوم ليؤكّـد أنه لن يكون أرضًا سهلة أمام أي غزاة أَو طامعين.

تشهد المحافظات اليمنية كافة حالةً من الجهوزية العالية والاستنفار الشامل، لا كردٍّ فعلٍ آني على تطورات الأحداث، بل كاستدعاءٍ واعٍ لتاريخ القبيلة اليمنية المجيد.

فالقبائل، التي شكّلت على الدوام عصب المجتمع اليمني وخط الدفاع الأول عن السيادة، تعلن اليوم استعدادها الكامل لمواجهة أية محاولات جديدة للوصاية أَو الاجتياح، متمسكةً بثوابتها الوطنية والدينية.

والقبيلة اليمنية، بجذورها الضاربة في عمق التاريخ العربي، عُرفت دائمًا بصلابتها في وجه الغزاة.

ولم يغب هذا الدور عن وعي القوى الاستعمارية المتعاقبة؛ فقد سجّل الرومان، ثم البرتغاليون، وغيرهم من الغزاة، تجاربَهم المريرة في اليمن، ووصفوها بالعبارة التي أصبحت خالدةً: “مقبرة الغزاة”.

وذلك ليس تفاخرًا، بل حقيقةً كُتبت بدماء الغزاة أنفسهم، الذين حاولوا فرض إرادتهم على شعبٍ أبى أن يركع، فكان مصيرهم الانكسار والاندحار.

واليوم، يكتسب النفير القبلي بعدًا جديدًا؛ إذ لم يعد مقتصرًا على الدفاع عن الأرض فحسب، بل يشمل أَيْـضًا نصرة المظلومين في فلسطين ولبنان.

فبعد الموقف المشرف الذي اتخذه الشعب اليمني وقيادته في دعم أهل غزة، أصبحت الجهوزية القبَلية تعبيرًا عن التزام أخلاقي وديني أصيل، يرفض الصمت أمام الظلم أينما كان.

القبائل اليمنية، بتمسكها بمبادئها، تعلن أن الدين والأرض والعرض والقرار المستقل خطوطٌ حمراء لا تُناقش.

وهذا الاستنفار الشامل يُرسِل رسالةً قاطعة إلى تحالف العدوان -المكوَّن من السعوديّة والإمارات وأمريكا وكَيان الاحتلال- مفادُها أن مصيرَهم لن يختلفَ عن مصير الغزاة الذين سبقوهم.

فكما تحطّمت طموحات الأباطرة على صخور اليمن الوعرة، ستتحطم محاولات هذا التحالف أمام إرادَة شعبٍ موحّد، جيشًا وقبائل وقيادةً وشعبًا.

اليمن اليوم يثبت أن زمن الاستعمار والغزو قد ولّى إلى غير رجعة.. فالمقاومة ليست خيارًا، بل هُوية.

والصمود ليس ممارسةً تكتيكية، بل إيمانٌ راسخ بالحق وبالكرامة.

وفي هذه المعركة، لن يكون النصر إلا لمن يملك الإرادَة، ويحمل في قلبه نور الإيمان، ويرفض أن يكون عبدًا لأحدٍ سوى الله.

في عالمٍ يكثر فيه التراجع والتخاذل، يقف اليمن -بقبائله وجيشِه وشعبِه- شامخًا كالطود، ليذكّر الأُمَّــة بأن العزة لا تُوهب، بل تُنتزع بإرادَة لا تلين، وأن شرف الأُمَّــة لا يُحرس إلا بالدم واليقين.

التعليقات مغلقة.