تحفّز سعودي على الحدود: صنعاء تصدّ محاولات توغّل شمالاً

صنعاء سيتي | صحافة

 

أعادت التحركات العسكرية السعودية في الخط الصحراوي الممتدّ من شرق محافظة الجوف اليمنية، مروراً بمحافظة حضرموت، وصولاً إلى أقصى محافظة المهرة الواقعة على الحدود مع سلطنة عمان، حالة التوتّر على امتداد الخط الحدودي السعودي – اليمني الواقع في إطار محافظة الجوف. وأفشلت قوات صنعاء، خلال اشتباكات دارت في اليومين الماضيين، محاولة فصائل موالية للرياض إعادة الانتشار بالقرب من خطوط التماس شرق المحافظة، وبناء خطوط دفاعية في الخط الصحراوي بالقرب من المناطق النفطية الحدودية، التي كانت طلبت السعودية من الرئيس السابق، عبد ربه منصور هادي، التنازل عنها، وفق ما كشفته روايات قادة عسكريين سابقين في حكومة عدن.

وزاد الاهتمام السعودي بصحراء شرق الجوف بشكل لافت، بعد سقوط المحافظة التي تبلغ مساحتها نحو 39495 كيلومتراً مربّعاً تحت سيطرة حركة «أنصار الله» عام 2020؛ علماً أن المملكة قامت بسجن عدد من القيادات العسكرية الموالية لها إثر سقوط أكثر من 80% من أراضي الجوف. واستغلّت السعودية الهدنة الهشّة التي يعيشها اليمن منذ ثلاث سنوات، لتعيد ترتيب أوراقها العسكرية في هذه المنطقة، وذلك من خلال إنشائها تشكيلات عسكرية سلفية تحت مسمى «قوات درع الوطن»، تمّ تدريبها في منطقة الوديعة وتُعدّ الذراع العسكرية للرياض.

وخلال العامين الماضيين، دفعت الرياض بتلك الفصائل نفسها لفرض حضور عسكري في محافظتي حضرموت والمهرة، كما أرسلت عدداً من الألوية السلفية إلى شرق الجوف في محاولة منها لاستعادة مواقع استراتيجية واقعة على الخط الصحراوي.
وعلى الرغم من أن صنعاء اعتبرت ذلك إجراءات عدائية تعكس عدم رغبة الرياض في تنفيذ استحقاقات السلام في اليمن، ودعت المملكة إلى وقف تلك الأعمال العدائية وإنهاء كلّ مظاهر الاحتلال في الأراضي اليمنية، إلا أن السعودية استمرت في محاولاتها فرض واقع عسكري جديد على الخط الصحراوي، ما أدّى إلى عودة التوتر العسكري مع قوات صنعاء في الجوف، والذي امتدّ خلال الأيام الماضية على طول الحدود اليمنية – السعودية.

حراك عسكري سعودي على الخط الحدودي الصحراوي الذي يضمّ مناطق نفطية

وأكّد مصدر عسكري مطّلع، لـ»الأخبار»، أن قوات صنعاء خاضت اشتباكات مع الفصائل الموالية للرياض خلال اليومين الماضيين، وتمكّنت من السيطرة على أجزاء من خطوط التماس. وأشارت المصادر إلى استمرار التوتر العسكري بين الطرفين، وذلك نتيجة محاولات التقدّم والسيطرة من قبل تلك الفصائل.

تعظيم المكاسب

يرى مراقبون في صنعاء أن الحراك العسكري السعودي الأخير في الجوف يعكس رغبة سعودية في تعظيم مكاسب تدخّل المملكة العسكري في اليمن، وتنفيذ أجندات قديمة في السيطرة على المزيد من الأراضي اليمنية. وكانت السعودية ضمّت نحو 40 ألف كيلومتر مربّع من أراضي منطقة خرخير الواقعة في صحراء الربع الخالي، عام 2017، وذلك في مخالفة واضحة لاتفاقية الحدود التي بموجبها تمّ ترسيم الحدود من قبل لجان مشتركة من السعودية واليمن، وجرى تسليم منطقة خرخير والمعسكر التابع لها من قبل السعودية للجانب اليمني منتصف عام 2004.

أيضاً، لم يعد خافياً أن السعودية تطمح إلى بلوغ البحر العربي لكي تتمكّن من إنجاز العديد من المشاريع الاستراتيجية المتعثّرة، وأبرزها مدّ خط أنبوب نفطي من المملكة إلى ميناء نشطون الواقع على البحر العربي. وكانت أجرت شركة «أرامكو» دراسة حول هذا المشروع، إلا أنها اصطدمت بمعارضة واسعة من قبل قبائل محافظة المهرة التي أعاقت تنفيذه.

ومن خلال تحرّكات السعودية في محافظة حضرموت التي تنحو نحو فرض الحكم الذاتي بدعم عسكري من الرياض، يبدو أن المملكة تعمل كذلك على تنفيذ مشروع «قناة سلمان المائية»، ولكن ليس عبر الاحتلال المباشر، بل عبر فصل حضرموت ووضع المحافظة تحت الوصاية الكاملة. وسبق أن كشفت وسائل إعلام سعودية عن استكمال الخطوات الإجرائية لدراسة مشروع القناة البحرية التي تربط الخليج ببحر العرب عام 2016. ووفق تقارير سابقة لوسائل الإعلام تلك، فإن «قناة سلمان» ستكون الأكبر في تاريخ القنوات المائية الصناعية في العالم حيث يبلغ طولها 1000 كيلومتر، منها 600 كيلومتر داخل الأراضي السعودية ونحو 400 كيلومتر ضمن الأراضي اليمنية، وتحديداً أراضي محافظتي المهرة وحضرموت.

 

 

*رشيد الحداد: الاخبارية اللبنانية

التعليقات مغلقة.