مئات الضحايا بنيران سعودية: الرياض لا تلتزم باتفاقية ظهران الجنوب
صنعاء سيتي | صحافة
عشر سنوات مضت على توقيع اتفاقية ظهران الجنوب بين الرياض وصنعاء، والتي نصّت على تحييد مناطق حدودية واسعة بين محافظة صعدة، معقل حركة «أنصار الله»، شمال اليمن ومنطقة جيزان جنوب المملكة من الصراع، لكنّ الاتفاقية لم توقف القتل اليومي الذي تمارسه قوات حرس الحدود السعودي بحق سكان المناطق الحدودية الواقعة في نطاق محافظة صعدة.
وعلى العكس من ذلك، تصاعدت خروقات اتفاق وقف إطلاق النار في المناطق الحدودية الواقعة بين صعدة وجيزان، وصارت المناطق المُحيّدة من الصراع، مقابر جماعية لليمنيين الذين يتم قتلهم بدم بارد، بذريعة التسلّل غير المشروع إلى الأراضي السعودية، على الرغم من أن ظاهرة الهجرة غير الشرعية لم تتوقّف منذ عشرات السنوات، والعقوبة التي يفرضها القانون السعودي لا تنص على إطلاق النار بشكل متعمّد تجاه المتسلّلين وغالبيتهم من اليمنيين والإثيوبيين.
ممارسة القتل اليومي من قبل حرس الحدود السعودي في مديريات شدا ورازح ومنبه الواقعة على الحدود مع الجانب السعودي، دانها عدد من المنظمات الدولية، أبرزها «هيومن رايتس ووتش».
ويؤكد المتحدّث باسم وزارة الصحة في صنعاء، أنيس الأصبحي، لـ»الأخبار» أن «قوات حرس الحدود السعودي ترتكب انتهاكات جسيمة بشكل يومي»، مشيراً إلى رصد الجهات المعنية في صعدة بشكل يومي سقوط 3 إلى 4 قتلى وعدد من الجرحى. ولفت إلى أن السلطات الصحية تعاني من ضغط كبير نتيجة لارتفاع أعداد ضحايا العنف السعودي ضد المدنيين. وأوضح الأصبحي أن «ارتفاع سقف الانتهاكات السعودية ضد سكان القرى الحدودية يُراد منه إنشاء منطقة عازلة بين السعودية واليمن»، واصفاً ما يحدث بأنه «مخطّط تهجير ممنهج»، مشيراً إلى أن القوات السعودية تمنع المواطنين في المناطق الحدودية من العودة إلى أراضيهم.
«الانتهاكات السعودية ضد سكان القرى الحدودية تهدف إلى إنشاء منطقة عازلة»
وتتحدّث الإحصائيات عن حجم الجريمة المنسية التي ترتكبها القوات السعودية في تلك المناطق، فتشير إلى مقتل 695 يمنياً وإصابة أكثر من 3600 آخرين، فضلاً عن مقتل 92 إثيوبياً وجرح 1417 آخرين، ممن حاولوا التسلّل إلى الأراضي السعودية، خلال الأشهر السبعة الأولى من العام الجاري.
ووفق المصادر، فإن حرس الحدود السعودي يتعمّد القتل الجماعي للمدنيين الذين يحاولون التسلّل للبحث عن فرص عمل، بعد أن تراجعت فرص العمل في اليمن جراء تداعيات الحرب والحصار. كما تمنع تلك القوات انتشال جثث الضحايا المدنيين، والتي تبقى في العراء حتى تتحلّل. ووفق مصادر محلية في منطقة آل ثابت في صعدة، فإن انتشال الجثث مهمة مكلّلة بالمخاطر، وإن بعض الأسر تضطر إلى المغامرة لدفن الضحايا في مكان قتلها.
كل هذه الجرائم جرت بعد توقيع صنعاء والرياض اتفاقية ثنائية تركّزت حول تحييد المناطق الحدودية في نيسان عام 2016. وعلى الرغم من صمود الاتفاقية عدة سنوات، إلا أن السعودية بدأت تتنصّل منها بشكل تدريجي منذ أربع سنوات. وأخيراً، تصاعدت خروقات اتفاق وقف إطلاق النار في المناطق الحدودية بشكل لافت.
وبالتزامن مع تصاعد القصف المدفعي الذي تنفّذه قوات حرس الحدود السعودي ضد القرى الحدودية في مديرية رازح وقرى أخرى تتبع مديريات شدي ومنبه وقطابر على الحدود مع جيزان السعودية، حشدت الرياض المزيد من الفصائل السلفية المتطرّفة في معسكرات موالية لها على حدودها الجنوبية قبالة محافظة صعدة، وعيّنت قيادة عسكرية سلفية متطرّفة على محورَي مران وكتاف الواقعيْن على الحدود مع محافظة صعدة، وهو ما يعكس رغبة السعودية في الاستفادة من حالة اللاحرب واللاسلم التي يعيشها اليمن منذ إعلان الأمم المتحدة اتفاق وقف إطلاق النار في نيسان 2022، والاستعداد لجولة جديدة من الحرب عبر الفصائل الموالية لها على أكثر من جبهة يمنية.
*رشيد الحداد : الاخبارية اللبنانية
التعليقات مغلقة.