دراسة: 45% من البالغين يعانون من إرهاق مزمن
صنعاء سيتي | متابعات
تشير الدراسات إلى أن 45% من البالغين يعانون من إرهاق مزمن لا يزول بالراحة، ما يؤدي إلى انخفاض إنتاجية الأسرة بنسبة 37% وإنتاجية القوى العاملة بنسبة 54%، ورغم أن الرجال والنساء يتأثرون بهذه الحالة على حد سواء، إلا أن النساء أكثر عرضة بمقدار مرتين، ويرتبط ذلك بعوامل هرمونية، وضغوط العمل والأسرة، واضطرابات النوم.
وللتخفيف من هذه المشكلة، ينصح الأطباء بالالتزام بروتين نوم منتظم، واعتماد تغذية متوازنة، وممارسة نشاط بدني يومي مثل المشي، إلى جانب تقنيات الاسترخاء وإدارة التوتر، مع إجراء الفحوص الطبية اللازمة للكشف عن أي أمراض كامنة قد تزيد من حدة الإرهاق.
هناك مجموعة من العوامل البيولوجية والنفسية والاجتماعية التي تتقاطع معاً، وتسبب حالات التعب والإرهاق المزمن بصورة أعلى لدى النساء وعلى رأسها:
-
التغيرات الهرمونية
التغيرات الهرمونية التي تمر بها المرأة في مراحل حياتها المختلفة تُعدّ من أبرز العوامل المؤثرة على مستويات الطاقة والشعور بالتعب المزمن. ففي فترة ما قبل الحيض مثلًا، ينخفض هرمونا الإستروجين والبروجستيرون، وهو ما ينعكس في صورة تراجع الطاقة، إرهاق واضح، وتقلبات مزاجية، بينما تعاني بعض النساء من متلازمة ما قبل الحيض (PMS) التي يتصدرها التعب الشديد والنعاس.
أما أثناء الحمل، فإن ارتفاع مستويات البروجستيرون وزيادة حجم الدم ومجهود الجسم لدعم الجنين يؤدي إلى شعور بالخمول والإرهاق المستمر. وبعد الولادة، يطرأ انخفاض مفاجئ في الإستروجين، ما يفاقم التعب خاصة مع متطلبات الرضاعة وقلة النوم.
ولا تتوقف التغيرات عند ذلك، إذ يؤدي انخفاض الإستروجين في مرحلة سن اليأس إلى تراجع الطاقة، الأرق، وزيادة احتمالات الإرهاق المزمن. هذه الدورة المستمرة من التقلبات الهرمونية تجعل النساء أكثر عرضة للشعور بالتعب مقارنة بالرجال، وتسلط الضوء على أهمية الوعي والدعم الطبي والنفسي في مواجهة هذه التحديات
-
متلازمة التعب المزمن
وتُظهر الإحصاءات أن النساء أكثر عرضة للإصابة من الرجال بنسبة تصل إلى 4:1، وهو ما يرجَّح أن تكون للعوامل الهرمونية والجسدية دور في هذه الفجوة. كما ترتبط المتلازمة غالبًا باضطرابات النوم كالأرق وتوقف التنفس أثناء النوم والنوم غير المريح، مما يزيد من حدة الإرهاق ويضعف القدرة على القيام بالأنشطة اليومية، ولا تقف الأعراض عند ذلك، إذ قد تصاحبها مشكلات في التركيز والذاكرة، وآلام في العضلات والمفاصل، واضطرابات في الجهازين المناعي والهضمي، ما يجعلها حالة متعددة الأبعاد تحتاج إلى تقييم طبي شامل وخطة علاجية مخصصة لكل مريض.
-
نقص بعض الفيتامينات
تحتاج النساء إلى الحديد بكمية أكثر من الرجال لعدة أسباب منها الدورة الشهرية أو انقطاع الطمث أو الحمل، مع العلم أن نقص الحديد يعتبر من أبرز العوامل المسببة لفقر الدم، الذي يؤدي بدوره إلى تعب مستمر ودوخة مفاجئة. وبالتالي قد تكون النساء أكثر عرضة للإرهاق بسبب نقص الحديد.
لذلك ينصح دائماً بتناول الأطعمة الغنية بالحديد مثل اللحوم الحمراء والأسماك والبقوليات والخضار الورقية، بالإضافة إلى الفواكه المجففة مثل التمر والتين المجفف وخاصة خلال الدورة الشهرية.
أيضاً فإن نقص بعض الفيتامينات الأخرى قد يزيد من الشعور بالتعب والإرهاق لدى النساء بما في ذلك فيتامين ب 12، فيتامين ب 9، فيتامين د، المغنيسيوم، فيتامين سي، الزنك والأوميغا 3.
لذلك ينصح بالاهتمام بنظام غذائي متوازن يشمل مصادر متنوعة للفيتامينات والمعادن الأساسية، ومكملات غذائية عند الحاجة بعد استشارة الطبيب، للحفاظ على مستويات الطاقة وتقليل الشعور بالإرهاق المستمر.
-
قلة النوم
لا تقتصر قلة النوم عند النساء على مجرد الشعور بالتعب، بل ترتبط بتأثيرات عميقة على الصحة الجسدية والهرمونية، فالنوم غير الكافي يسبب خللاً في توازن الهرمونات، ما قد يؤدي إلى اضطراب الدورة الشهرية أو حتى انقطاعها، ويؤثر مباشرة في الإباضة ويرفع مستويات هرمون الكورتيزول المسؤول عن التوتر، كما أن معظم الوظائف الترميمية الكبرى في الجسم –مثل إصلاح الأنسجة ونمو العضلات وتخليق البروتين- تحدث بشكل أساسي أثناء النوم، ما يجعل نقصه عائقًا أمام استعادة التوازن الحيوي.
وعلى المدى الطويل، تسهم قلة النوم المزمنة في زيادة الشعور بالإرهاق وضعف التركيز وتقلبات المزاج، وترفع من خطر الإصابة بأمراض مزمنة مثل السمنة والسكري وأمراض القلب، إضافة إلى ذلك، فهي تضعف جهاز المناعة، وتبطئ التعافي بعد الأمراض، وتزيد من مستويات الالتهاب في الجسم.
لذلك، يُعد النوم الجيد والكافي ضرورة أساسية لصحة النساء، ليس فقط للحد من التعب والإرهاق، بل أيضًا للحفاظ على توازن الهرمونات، تعزيز القدرة على التركيز والمزاج الصحي، والوقاية من الأمراض المزمنة ودعم جهاز المناعة.
قد يكون شعورنا بالتعب ناتجاً عن اعتمادنا على الوجبات السريعة في حياتنا اليومية، وعدم اتباعنا لنظام صحي ومتوازن وتحديد مواعيد معينة لتناول الطعام.
من خلال حرصنا على تناول وجبتين على الأقل في اليوم و ممارسة الرياضة من 3 الى 4 مرات أسبوعياً وشرب كمية كافية من الماء سيساعدنا ذلك في الحفاظ على طاقتنا وزيادة تدفق الدم إلى العضلات وكفاءة أفضل في عمل القلب والأوعية مما يؤدي إلى نوم أفضل ومستويات طاقة أكثر ارتفاعاً.
ينصح كثير من الأطباء بالمشي لمدة نصف ساعة بعد وجبة العشاء، كما أن عدد الخطوات المتعارف عليه لخفض هرمون الكورتيزول والتخفيف من التوتر هو 10 آلاف خطوة، أي ما يقارب الـ45 دقيقة من المشي البطيء في اليوم الواحد.
-
مشاكل الغدة الدرقية
قصور الغدة الدرقية أو خمولها يُعَدّ من أبرز الأسباب التي تؤدي إلى التعب والإرهاق المستمر، وغالبًا ما يصاحبه جفاف الجلد، زيادة الحساسية للبرد، الإمساك، الاكتئاب، زيادة الوزن، بطء ضربات القلب، إضافة إلى مشاكل في الذاكرة، وعلى الجانب الآخر، فإن فرط نشاط الغدة الدرقية يتسبب أيضًا في انخفاض مستويات الطاقة لدى النساء من خلال أعراض تشمل القلق، الأرق، ضعف العضلات، هشاشة الشعر والأظافر، فقدان الوزن، وفي بعض الحالات جحوظ العينين.
وتشير بيانات الجمعية الأميركية للغدة الدرقية (ATA) إلى أن النساء أكثر عرضة للإصابة باضطرابات الغدة الدرقية بمعدل يتراوح بين 5 إلى 8 مرات مقارنة بالرجال، كما أن واحدة من كل 8 نساء تُصاب بمشكلة في الغدة خلال حياتها.
من هنا تأتي أهمية إجراء الفحوصات الدورية لوظائف الغدة الدرقية، خصوصًا عند ظهور أي من الأعراض السابقة، والتشاور مع طبيب الغدد الصماء لضمان التشخيص المبكر ووضع خطة علاج مناسبة، ما يسهم في الحفاظ على مستويات الطاقة والصحة العام.
-
الاكتئاب والتوتر
يعتبر الاكتئاب من الأسباب الشائعة للتعب والإرهاق المزمن، إذ يمكن أن يجعل حتى أبسط الأنشطة اليومية، مثل النهوض من السرير أو أداء المهام المنزلية، مرهقة وصعبة.
كما أن التوتر الناتج عن الضغوط العملية أو العائلية أو العلاقات الشخصية يمكن أن يزيد من شعور الإرهاق ويؤثر على الطاقة الذهنية والجسدية. علاوة على ذلك، يؤدي الاكتئاب والتوتر إلى ضعف جودة النوم، مما يفاقم التعب ويخلق حلقة مفرغة من الإرهاق المستمر. ومن المهم التأكيد على أن التشخيص المبكر ومعالجة الأسباب الأساسية، سواء من خلال العلاج النفسي أو الدوائي أو تغيير نمط الحياة، غالبًا ما يساعد في تقليل التعب وتحسين نوعية النوم والطاقة اليومية.
في الختام، يمكن القول إن شعور النساء بالتعب والإرهاق أكثر من الرجال يعود إلى تداخل عدة عوامل بيولوجية ونفسية، تشمل التغيرات الهرمونية، نقص الفيتامينات والمعادن، اضطرابات النوم، مشاكل الغدة الدرقية، وأحياناً التوتر والاكتئاب.
الوعي بهذه العوامل واتخاذ خطوات عملية مثل تحسين النظام الغذائي، ممارسة النشاط البدني بانتظام، الحفاظ على نوم كافٍ، والمتابعة الطبية الدورية، يمكن أن يساعد النساء على تقليل التعب وتحسين جودة حياتهن اليومية، فالاعتناء بالصحة الجسدية والنفسية ليس رفاهية، بل ضرورة لضمان طاقة مستدامة وقدرة أفضل على مواجهة تحديات الحياة.
التعليقات مغلقة.