حيفا بعد إيلات: موانئ إسرائيل تحت رحمة صنعاء مع تصاعد الهجمات اليمنية وتزايد العزلة البحرية

صنعاء سيتي | صحافة

 

 

تتوالى تداعيات الهجمات اليمنية ضد إسرائيل ومصالحها في البحر الأحمر، متجاوزة الآثار العسكرية المباشرة لتصل إلى أبعاد نفسية ومعنوية واقتصادية عميقة داخل المجتمع الإسرائيلي.

يبدو أن شلل ميناء إيلات ليس سوى البداية، فخطر مماثل يهدد ميناء حيفا بعد إعلان اليمن إدراجه ضمن بنك أهدافه البحرية.

مع تصاعد أزمة التأمين وامتناع شركات الشحن عن الرسو في الموانئ الإسرائيلية، تتعاظم المخاوف من أن تواجه إسرائيل قريبًا حصارًا بحريًا مزدوجًا، يفقدها بواباتها البحرية جنوبًا وشمالًا.

ضعف الردع الإسرائيلي وتأثير الهجمات على الروح المعنوية

أظهرت الهجمات اليمنية المتكررة ضعفًا بنيويًا في قدرات الردع والدفاع الإسرائيلية، خاصة فيما يتعلق بـ “الدرع الصاروخي” ومنظومات الاعتراض، التي أصبحت محل انتقاد داخلي واسع. كما أسهمت التغطية الإعلامية المكثفة لهذه الهجمات في تأجيج مشاعر الخوف داخل المدن الإسرائيلية، وتصعيد الضغط على القطاعات المرتبطة بالنقل البحري والتأمين والطيران، وسط تزايد عزوف المستثمرين عن السوق الإسرائيلية بسبب حالة عدم اليقين المستمرة.

إغلاق ميناء إيلات وصدمة اقتصادية

ولّد الإعلان الرسمي للحكومة الإسرائيلية عن الإغلاق النهائي لميناء إيلات بدءًا من 20 يوليو الجاري صدمة واسعة في الأوساط الاقتصادية والسياسية. هذا الإغلاق جاء نتيجة لانهيار كامل في النشاط التجاري وتراكم الديون بسبب الانكماش الحاد في حركة الملاحة، وهو نتيجة مباشرة للحصار البحري الذي يفرضه اليمن على البوابة الشرقية لإسرائيل، حيث تراجعت حركة السفن تدريجيًا منذ أواخر عام 2023 وصولًا إلى توقف شبه تام في النصف الأول من عام 2025.

ميناء إيلات هو المنفذ البحري الوحيد لإسرائيل على البحر الأحمر، مما يجعل قرار إغلاقه سابقة خطيرة تهدد سلاسل الإمداد وخطط الربط التجاري مع الأسواق الآسيوية والأفريقية.

ميناء حيفا يواجه “شللاً تدريجيًا” وانسحاب شركات الشحن

في تطور يعكس تصاعد الانعكاسات الاستراتيجية للهجمات البحرية اليمنية، التي نقلت الصراع إلى قلب خطوط التجارة الإسرائيلية وفرضت وقائع جديدة في معادلات الردع البحري بالمنطقة، استنفرت إسرائيل دبلوماسيًا لمعالجة تجميد شركات التأمين البحري لنشاطها، وخشيتها من امتناع شركات الشحن عن الرسو في ميناء حيفا بشكل متدرج، وصولًا إلى الإغلاق التام كما حدث مع ميناء إيلات.

كشفت مصادر ملاحية لموقع “ميدل إيست آي” البريطاني أن إسرائيل تجري اتصالات عاجلة مع شركات التأمين البحري الدولية لمعالجة أزمة تجميد تغطية “مخاطر الحرب” المفروضة على السفن المرتبطة بها، حتى لو بشكل غير مباشر. يأتي هذا التحرك بعد قرار شركة التأمين الأمريكية “ترافيلرز” عدم توفير تغطية إضافية للسفينة “إترنيتي سي” التي تم إغراقها، إلى جانب السفينة “ماجيك سيز”، في هجومين يمنيين مطلع يوليو في البحر الأحمر.

وبحسب مصادر الشحن، من المتوقع أن تتجنب شركات الشحن العالمية الرسو في الموانئ الإسرائيلية خشية خسائر محتملة قد يسببها رفض شركات التأمين تغطية رحلاتها. تؤكد التقديرات أن خسائر المشغل اليوناني للسفينة الغارقة “ماجيك سيز” قد تصل إلى 20 مليون دولار في ظل غياب التأمين.

كما أكد مسؤولون في الأمن البحري للموقع أن ميناء حيفا قد يواجه “شللاً تدريجيًا” مع انسحاب محتمل لعدد من خطوط الشحن العالمية، خاصة في ظل تردد شركات التأمين في التعامل مع السفن التي تظهر في سجلاتها محطات إسرائيلية سابقة.

ميناء حيفا هو أهم الموانئ الإسرائيلية وأكثرها نشاطًا في الربط البحري مع أوروبا، مما يجعل تراجع الخدمات التأمينية فيه خطرًا استراتيجيًا يهدد البنية التحتية التجارية الإسرائيلية شمالًا.

تأثير على قطاع الطيران وزيادة العزلة

امتدت تداعيات الهجمات اليمنية لتشمل قطاع الطيران أيضًا، حيث امتنعت عدد من شركات الطيران العالمية عن تسيير رحلاتها إلى مطار “بن غوريون” الدولي في تل أبيب، بسبب تزايد المخاطر الأمنية واحتمال تعرضه لهجمات صاروخية أو بطائرات مسيرة. فرض هذا الواقع تحديات جديدة على السياحة والاقتصاد الإسرائيليين، وفاقم من شعور العزلة الإقليمية والدولية. وبحسب “القناة 12” العبرية، فإن معظم شركات الطيران الأجنبية ألغت رحلاتها إلى إسرائيل، على الأقل حتى نهاية الصيف.

 

*لقمان عبد الله: الاخبار اللبنانية

التعليقات مغلقة.