السلطات تقولب عاشوراء: ممنوع الدعاء لـ”شهداء الأمة”!

صنعاء سيتي | صحافة

 

 

كما في كلّ عام، تحوّلت عاشوراء البحرين إلى مناسبة لتجديد مظاهر القمع والملاحقة الطائفيَّين والسياسيَّين، والتي تجلّت في نزع الرايات السوداء، واقتلاع المضائف، وإلباس عناصر الأجهزة الأمنية لباس العناصر البلدية بهدف التضييق على المراسم تحت ذريعة التنظيم. وسبق تلك الإجراءات تحذير وزير الداخلية البحريني، راشد آل خليفة، أثناء لقاء مع رؤساء وممثّلي المآتم والحسينيات، من ما سمّاه «تحويل المواكب إلى مسيرات سياسية واستغلالها في العبث بالوحدة الوطنية ونشر الفوضى ومخالفة النظام».

 

وفي هذا الإطار، يرى رئيس المكتب السياسي لـ«ائتلاف 14 فبراير»، إبراهيم العرادي، في حديث إلى «الأخبار»، أنّ «المؤتمر السنوي الذي عقده وزير الداخلية، كان لافتاً هذا العام بما حمله من رسائل أبعد من حدود البلاد، إذ أراد أن يستهدف إيران بقوله “عاشوراء في البحرين قبل وجود إيران”، لكنه لم يلتفت إلى وقوعه في خطأ، أنّ عاشوراء البحرين قائمة قبل مجيء آل خليفة وحكمهم أيضاً».

 

وإذ يشير إلى أنّ «أجواء القمع والتشديد العسكري تطغى في معظم المناطق والبلدات» خصوصاً في الدراز والسنابس والغريفة والسهلة والجفير وباربار وأبو صيبع وسترة، فهو يؤكّد أنّ ما يجري تصديره عبر وسائل الإعلام الرسمية من أنّ السلطة «تحمي موسم عاشوراء»، «معاكس تماماً للواقع»، مستشهداً بأنه في إحدى المناطق «تدخّل مخبرو السلطة ومنعوا حتى وضع العصبات التي تحمل الشعارات الحسينية، وحظروا ارتداء القمصان التي تحمل دلالة الحزن».

 

ويضيف أنّ «السلطات ذهبت إلى أبعد من ذلك، باعتقال الأشخاص الذين تجد في هواتفهم المحمولة صورة لشهيد الأمة السيد حسن نصر الله، ومنعت الدعاء للمهجّرين بالعودة إلى الوطن، وجرّمت الترحّم على الشهداء، سواء شهداء البحرين أو شهداء المقاومة في غزة ولبنان، وفي أي مجلس كان يتمّ فيه الدعاء لهؤلاء، يُستدعى الرادود أو الخطيب أو يعتقَل». ويذكّر بأنّ هذا «الاستهداف قديم، ويتجدّد على مدار السنة، إلا أنه يتركّز في شهر محرم بصورة دورية وأشكال مختلفة، وقد اشتدّ غلظة بعد حراك فبراير 2011».

 

وكان ادّعى وزير الداخلية، في تصريح في الخامس من الجاري، أنّ «البحرين تقدّم نموذجاً في احترام التعدّدية المذهبية»، وذلك في اليوم نفسه الذي داهمت فيه القوات الأمنية أحد المضائف في بلدة كرزكان، واقتلعت خيمة شُيّدت لإحياء الليالي العاشورائية. وخلال الأسبوع الأول من محرم فقط، استُدعي أكثر من 15 خطيباً ومنشداً، في حين اعتُقل كلّ من الخطيب الحسيني الشيخ عيسى المؤمن، الخطيب الشيخ حسين عبد الكريم الملا عطية الجمري، الخطيب الشيخ كاظم درويش، والرادودين مجتبى العابد ومحمود الموسوي.

 

وأدرجت جمعية «الوفاق» البحرينية تلك الممارسات «في سياق البلطجة»، الصادرة عن «عقلية أمنية متخلّفة»، والتي تجري تغطيتها بـ«شعارات الوحدة والتعايش والتسامح»، في حين شجبت منظمة «أمريكيون من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان في البحرين» «استمرار ممارسات الاضطهاد الديني ضد المواطنين الشيعة، وحرمانهم من ممارسة شعائرهم بحرية أثناء موسم عاشوراء الحالي»، معتبرة أنّ ذلك يعكس «ازدواجية صارخة بين الخطاب الرسمي والواقع الميداني».

 

ومن بين أحدث الممارسات تلك، برزت واقعة تعرّض الشاب حسن العنفوز في منطقة الدراز لإصابة مباشرة في رأسه، أثناء محاولته حماية مضيف من المداهمة، ما أدّى إلى إصابته بكسر في الجمجمة ودخوله في غيبوبة لعدّة أيام، ثم استفاقته مشلولاً. وهو ما علّقت عليه منظمة «أمريكيون» بدعوة السلطات إلى «وقف الاعتداء على شعائر المواطنين الشيعة، واحترام الحق الدستوري والدولي في ممارسة الشعائر بحرية»، مدينةً «سياسة الإفلات من العقاب وحماية الجلادين التي تكرّس الانتهاكات وتغذّي الاضطهاد الطائفي»، ومستنكرةً عدم فتح تحقيق في الاعتداء على العنفوز.

 

أمّا الشيخ عيسى قاسم، المقيم في مدينة قم بسبب الإجراءات العقابية ضده منذ عام 2017، فعدّ، في بيان عبر حسابه في «إكس» في 7 حزيران، ما جرى جزءاً من معركة دائمة قائمة في البحرين، قائلاً: «ما إنْ يشارف هلال محرّم (…)»، تحتدم «معركة ضارية بين السياسة القائمة ومنبر الحسين (عليه السلام) وموكبه ومأتمه ورايته ومنشدي الموسم، ويتقابل شعاران ويتصارعان على مستوى التطبيق: شعارٌ معه الله عزَّ وجلّ، وشعارٌ معه الشيطان….. وفي كلِّ موسمٍ لعاشوراء: استدعاءات وتحقيقات وعقوبات لعلماء وخطباء ورواديد ومعزّين ورؤساء مآتم ورافعين لرايةِ الحسين عليه السلام».

 

*سناء أحمد إبراهيم: الإخبارية اللبنانية

التعليقات مغلقة.