الحرب على إيران تنتهي والمقاومة في غزة تبدأ مرحلة جديدة

موقع صنعاء سيتي –  متابعات – 1 محرم 1447هـ

 

 

في ظل التحولات المتسارعة على الساحة الإقليمية، أُسدل الستار مؤخرًا على العدوان الإسرائيلي على إيران، وهو صراع خلّف آثارًا عميقة على ميزان القوى في الشرق الأوسط. ومع توقف هذه الحرب، تعود الأنظار مجددًا نحو غزة، التي كانت – ولا تزال – مسرحًا لصراع مستمر وظروف إنسانية مأساوية.

لكن، ما الذي يعنيه انتهاء الحرب مع إيران بالنسبة للعدوان على غزة؟ هل يقود ذلك إلى تصعيد عسكري جديد، أم إلى تراجع إسرائيلي مؤقت؟ وكيف ستنعكس التحالفات الإقليمية المتجددة والتغيّرات في الحسابات العسكرية على مستقبل المقاومة الفلسطينية؟.

توقف الحرب على إيران يعيد غزة إلى الواجهة الدولية
يرى الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني، أحمد الحيلة، أن “بعد توقف الحرب على إيران، التي أشغلت الرأي العام لـ 12 يوماً، فإنّ الاهتمام بتطورات الأحداث في غزة سيعود مجددًا، خصوصًا مع تزايد التجويع والقتل هناك”.

وأشار الحيلة، في حديثه لـ “قدس برس”، إلى أن “ما جرى أثبت أن القضية الفلسطينية وتطوراتها تُعدّ محددًا أساسيًا لاستقرار المنطقة، وبدون وقف العدوان عليها، فإن الشرق الأوسط سيبقى يعيش على صفيح ساخن. لا سيّما أن ما حدث في لبنان، وسوريا، واليمن، وإيران، كان مرتبطًا بشكل وثيق بالحرب على غزة”، وفق تقديره.

وأضاف أن استطلاعًا للرأي أجراه مركز “بيو” الأمريكي للأبحاث، قبل العدوان على إيران، شمل 24 دولة، أظهر أن 20 منها عبّرت عن مواقف سلبية تجاه إسرائيل. وفي الولايات المتحدة، كنموذج، بلغت نسبة النظرة السلبية نحو إسرائيل 53 بالمئة، بينما وصلت في بريطانيا إلى 61 بالمئة.

ولفت إلى أن “الموقف الدولي الرسمي، خاصة من قبل الاتحاد الأوروبي والدول الغربية عمومًا، بدأ يشهد تحولًا نسبيًا ضد سياسات حكومة الاحتلال الإسرائيلي، حتى قبل اندلاع الحرب مع إيران، كما بدا واضحًا في مواقف كل من إسبانيا، وإيرلندا، والنرويج، وبلجيكا، وبريطانيا، وإيطاليا”.

نتنياهو أمام خيارين في غزة
وأوضح الحيلة أن شعبية رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، شهدت ارتفاعًا داخل المجتمع الإسرائيلي، وقال: “هذا قد يدفعه إلى أحد احتمالين؛ الأول: استثمار سردية (الانتصار على إيران) في الانسحاب من غزة، تحت ذريعة تحقيق أهداف الحرب. أما الثاني: العودة إلى تركيز العدوان على غزة، بهدف تحقيق نصر كامل، ظنًا منه أن ما أنجزه في إيران يضمن بالضرورة نصرًا في غزة، وكأنها أصبحت مسألة وقت لا أكثر”.

وبحسب تقديره، فإن “اختيار نتنياهو الخيار الثاني سيشكّل خطأ استراتيجيًا في التقدير، خاصة وأن المقاومة أثبتت قدرتها على استنزاف الاحتلال”. وأشار إلى أنه “في اليوم الذي أعلن فيه نتنياهو انتصاره في الحرب على إيران، تمكنت المقاومة من تنفيذ كمين محكم في مدينة خانيونس أسفر عن مقتل 7 وإصابة 17 من عناصر جيش الاحتلال”.

المقاومة استثمرت انشغال الاحتلال بالحرب مع إيران
في السياق ذاته، أكد الخبير العسكري والاستراتيجي الأردني، نضال أبو زيد، أن “المقاومة الفلسطينية استثمرت انشغال جيش الاحتلال بما يُعرف بأولوية النيران تجاه إيران. وقد تجلى ذلك بوضوح في الكمائن الأخيرة التي نفذتها المقاومة في خانيونس، حيث ظهر خلل في الإسناد الناري نتيجة الانشغال بالحرب مع إيران”.

إرهاق جيش الاحتلال والمقاومة تعيد إنتاج نفسها
وأوضح أبو زيد، في حديثه لـ “قدس برس”، أن “جيش الاحتلال يعاني من إرهاق شديد نتيجة تعدد الجبهات، وأن توقف الحرب مع إيران يعكس بوضوح هذا الإرهاق، إلى جانب الاستنزاف الكبير في قدراته الدفاعية الجوية. هناك نقص واضح في منظومة الدفاع الجوي والصواريخ الاعتراضية”.

واعتبر أن “الولايات المتحدة الأمريكية أنقذت إسرائيل من الاستمرار في المواجهة مع إيران، والتي كانت ستؤدي على الأرجح إلى نتائج غير محسوبة على جبهة غزة”، وفق تعبيره.

وأشار أبو زيد إلى أن “المقاومة في غزة أعادت إنتاج نفسها، كما أعادت هيكلة العقد القتالية بما يتناسب مع طبيعة المرحلة ومتطلباتها. ولا تزال تملك ثلاثة أبعاد فاعلة: البُعد التخطيطي، البُعد الاستخباري، والبُعد الإعلامي، وهو ما يدل على استمرار قدرتها على القتال والدفاع”.

التعليقات مغلقة.