ما بين تجربتَي اليمن وإيران: أوراق أميركا ليست راجحة

موقع صنعاء سيتي – صحافة

 

خضعت تجربة الضربات الجوية الأميركية على اليمن للدرس، إن لجهة التكتيات الأميركية المتّبعة، أو لجهة تكتيكات حركة «أنصار الله» وطريقة الدفاع السلبي وأساليب التضليل والخداع وحرمان العدو من نقاط تفوّقه. ولعل أكثر الأطراف المعنية بالتجربة اليمنية، الجانبان الأميركي والإيراني اللذان يستخدمانها للتخطيط للمواجهة المفترضة بينهما. فالبحرية الأميركية خاضت في اليمن أطول وأقسى تجربة عسكرية بعد الحرب العالمية الثانية، كانت مليئة بالإخفاقات من جهة، ومشبعة بالابتكار والتحديث من جهة ثانية. وفي المقابل، يُعتبر الجانب الإيراني حليفاً قوياً لـ»أنصار الله»، ويُتّهم بأنه المزوّد الرئيسي لها بالسلاح والمعدات العسكرية، ومن الطبيعي أن يستفيد من خبرتها عن قرب.

 

وتمنح التجربة في اليمن المخطّطين العسكريين في كلا الجانبين تصوّراً أوضح لتعقيدات عمليات الدفاع الجوي السريعة، مع الإشارة إلى أن الصراع المذكور شكّل عبئاً ثقيلاً على البحرية الأميركية، وأجهد طواقم السفن واستنزف الذخائر الحيوية. وعلى الرغم من كل ذلك، يرى القادة العسكريون في البحرية أن ما جرى مجرد لمحة عمّا يمكن أن تكون عليه الحرب مع الصين أو إيران. كما أن العديد من مزايا العدوان على اليمن يمكن أن تنطبق على إيران، في حال قرّرت الولايات المتحدة الانضمام إلى الحرب الإسرائيلية.

 

فاليمن، على الرغم من مساحته الكبيرة، يُعدّ بالنسبة إلى العمليات البحرية الأميركية جغرافيا ضيقة، والفعل العسكري ضده يتم في منطقة قريبة من الأراضي التي تسيطر عليها «أنصار الله». ولذا، فقد عانت قوات البحرية الأميركية من ضيق هامش المناورة وتعرّض أسطولها بشكل دائم للنيران اليمنية. وهذا ما عبّر عنه قائد سفينة حربية أميركية حين وصف الصراع في البحر الأحمر بأنه كان «قتالاً بالسكاكين داخل كشك هاتف».

 

والأمر نفسه ينطبق على إيران؛ إذ وفق خبراء، من المرجّح أن مياه الخليج غير صالحة للمناورة الأميركية لقربها من الجغرافيا والأصول الإيرانية. وتحسّباً لأي طارئ، أخلت البحرية الأميركية طائراتها من قاعدة «العديد» في قطر وكثيراً من أصولها من قاعدتها الرئيسية في البحرين. وتفرض تلك الوضعية على الجانب الأميركي الاستفادة من المحيط الهندي، الأمر الذي يرتّب عليه القتال من مسافات طويلة ويجعل مهمته أكثر تعقيداً. كما أن السفن الأميركية تحتاج إلى الإبحار إلى موانئ صديقة للحصول على صواريخ جديدة، ما يستغرق وقتاً ثميناً ويبعد السفن عن مواقعها.

 

وقد تكون هذه مشكلة خطيرة في حال نشوب صراع بحري عالي الوتيرة في المحيط الهندي؛ علماً أن القاعدة الأقرب للتزوّد بالذخيرة هي يوكوسوكا في اليابان. أما من ناحية نوعية السلاح والمعدات في الحرب على اليمن، فإن الأميركيين استخدموا كل ما في حوزتهم من الذخائر العادية والنادرة، باستثناء القنبلة غير النووية الأقوى في العالم وتُسمى «GBU-57 E/B»، وهي مصمّمة لتنفيذ مهمات معقّدة تتمثّل في الوصول إلى منشآت محصّنة جيداً وتدميرها، ولهذا تُعرف أيضاً باسم «قنبلة اختراق التحصينات»، والتي تهدّد واشنطن باستخدامها لقصف منشأة «فوردو» النووية الإيرانية، المبنيّة داخل جبل وعلى عمق مئات الأقدام تحت الأرض.

 

*مياه الخليج غير صالحة للمناورة الأميركية لقربها من الجغرافيا والأصول الإيرانية

واستُخدمت في الحرب على اليمن أيضاً قاذفات «B‑2 Stealth» الاستراتيجية، وهي واحدة من أكثر الطائرات الحربية تطوّراً في العالم، وتُعتبر رمزاً للتفوّق الجوي الأميركي في مجال القاذفات الاستراتيجية، استقدمت واشنطن ستاً منها إلى قاعدة «دييغو غارسيا» في المحيط الهندي لقصف اليمن، من دون أن تحقّق النتائج المرجوّة، وذلك لعدم صلاحية الذخائر المُستخدمة في التعامل مع التحصينات اليمنية. وفي حال قرّرت واشنطن دخول الحرب مع إيران، فإن تموضع القاذفات المذكورة سيكون في القاعدة نفسها، فيما يمكن أيضاً أن تقوم القاذفة برحلة مباشرة من الولايات المتحدة لقصف أهداف في إيران، كما فعلت في خريف عام 2024 عندما قصفت أهدافاً في اليمن؛ علماً أنها الوحيدة التي بمقدورها حمل قنبلة «GBU-57 E/B».

لكنّ خبراء ومسؤولين أميركيين شكّكوا في اليومين الماضيين في قدرة القنبلة على تدمير المنشأة الإيرانية، وهو ما لاقاه تحذير أطلقه الكرملين، أمس، من التقارير التي تشير إلى احتمال استخدام أسلحة نووية تكتيكية في عملية أميركية ضد إيران، معتبراً أن مثل هذا السيناريو سيكون «كارثياً على الأمن الإقليمي والدولي».

 

*التعزيزات القادمة إلى إيران

  • في إطار الاستعداد لمشاركة أميركية في الحرب، نقلت واشنطن أصولاً عسكرية إلى المنطقة في الأيام الماضية، لتضاف إلى قدرات أميركية منتشرة في الأصل في الشرق الأوسط. والأصول المُستقدمة التي وصلت حديثاً هي على النحو الآتي:
    – حاملة الطائرات «هاري إس. ترومان» الموجودة حالياً إمّا في الخليج أو في بحر العرب.
    – حاملة الطائرات «كارل فينسون» التي وصلت إلى بحر العرب، في طريقها إلى الخليج.
    – حاملة الطائرات «نيميتز» التي لا تزال في طريقها من جنوب شرق آسيا إلى المنطقة.
    – حاملة الطائرات «جيرالد فورد» التي تبحر نحو البحر المتوسط، وهي بعيدة نسبياً عن إيران.
    – أنظمة «باتريوت» و»ثاد» التي تم نشر عدة بطاريات منها في 13 حزيران الجاري في العراق وسوريا ودول الخليج (مثل الكويت وقطر والإمارات) لحماية المنشآت الأميركية وإسرائيل، واستُخدمت في اعتراض صواريخ إيرانية أُطلقت ضد إسرائيل.
    – نقل أعداد كبيرة من المقاتلات من طرازات «إف 35» و»إف 22» و»إف 16» ودبابات «KC‑135/‑10/‑46» عبر أوروبا إلى الشرق الأوسط لدعم الدفاع الجوي والاعتراض.
    القدرات التي استُخدمت في اليمن
    تناوبت خلال سنتي الحرب على اليمن خمس حاملات طائرات هي:
    «دوايت أيزنهاور» و»ثيودور روزفلت» و»هاري إس. ترومان» وكارل فينسون» و»أبراهام لينكولن».
    – صواريخ «Tomahawk»: استُخدمت لتدمير المنشآت وتمتاز بدقّتها العالية.
    – قنابل «GBU‑39» الذكية: استُعملت ضد أهداف تحت الأرض.
    – صواريخ «APKWS»: استُخدمت عبر طائرات «إف 16» و»إف 15» لاستهداف المُسيّرات، بدقة عالية وكلفة منخفضة.
    – 6 قاذفات «B‑2 Stealth»: نفّذت ضربات استراتيجية بعيدة المدى انطلاقاً من «دييغو غارسيا».
    – مقاتلات «إف 35» و»إف 18»: نفّذت مئات الطلعات الجوية من حاملات طائرات في البحر الأحمر وخليج عدن.
    – طائرة الاستطلاع المُسيّرة «إم كيو 9»: استُعملت على نطاق واسع في عمليات الاستطلاع والاستهداف.

 

*لقمان عبدالله: الإخبارية اللبنانية

التعليقات مغلقة.