جلسة واحدة أسبوعياً.. مرضى الفشل الكلوي في غزة يصارعون الموت بعد أوامر الإخلاء الإسرائيلية

في قسم غسيل الكلى داخل “مجمع ناصر الطبي” بمدينة خان يونس، جنوب قطاع غزة، يخوض الأطباء سباقاً مريراً مع الزمن لإنقاذ مئات المرضى المصابين بالفشل الكلوي، وسط مشهد إنساني قاسٍ يتكرر يومياً في أروقة المستشفى المكتظة.

هؤلاء المرضى، المتكدسون في الممرات والزوايا، يكافحون للحصول على جلسة غسيل كلى واحدة فقط في الأسبوع، بعد أن أصبح “مجمع ناصر” المستشفى الوحيد الذي يخدم أكثر من مليون نسمة في مدينتي خان يونس ورفح.

جاء ذلك عقب خروج ثلاثة مستشفيات مركزية عن الخدمة، هي: مستشفى الأمل، والمستشفى الأوروبي، والمستشفى الميداني الأمريكي في الزوايدة، جراء أوامر الإخلاء الإسرائيلية.

 

انهيار المنظومة الطبية

مدير المستشفيات الميدانية في وزارة الصحة بغزة، الطبيب مروان الهمص، أكد في حديث لـ”قدس برس” أن “نسبة الإشغال في قسم غسيل الكلى بمجمع ناصر تضاعفت بأكثر من 250 بالمئة، بعد توقف غالبية المستشفيات عن العمل”.

وأوضح الهمص أن “21 مستشفى من أصل 36 خرجت عن الخدمة بالكامل، فيما تعمل البقية بأقل من 20 بالمئة من قدرتها التشغيلية”، مضيفاً أن “الوضع كارثي؛ إذ فقدنا خلال الحرب الأخيرة أكثر من 45 بالمئة من مرضى الفشل الكلوي من أصل 1150 مريضاً، حيث توفي 450 مريضاً حتى اللحظة، ونفقد يومياً ما بين 3 إلى 5 مرضى بسبب تقليص عدد الجلسات ونقص المعدات”.

وأشار إلى أن “البروتوكول الطبي ينص على منح كل مريض ثلاث جلسات أسبوعياً، بمعدل أربع ساعات للجلسة الواحدة، أي 12 ساعة أسبوعياً، لكن بفعل الضغط الهائل تم تقليصها إلى جلستين، ثم إلى جلسة واحدة فقط لا تتجاوز الساعتين أسبوعياً، ما يعرّض المرضى لخطر الموت بسبب تراكم السموم في الدم”.

الكهرباء.. خطر قاتل

ونوّه الطبيب الهمص إلى أن انقطاع التيار الكهربائي يشكّل تهديداً مباشراً لحياة المرضى، قائلاً: “انقطاع الكهرباء خلال جلسة الغسيل قد يؤدي إلى تسمم الدم، وبالتالي الوفاة الفورية. نحن بحاجة دائمة إلى مولدات قوية ووقود مستمر، وهذا ما نفتقر إليه حالياً”.

وأضاف أن “الأزمة لا تتوقف عند هذا الحد، فالطاقم الطبي نفسه يعاني من استنزاف حاد، بعد فقدان معظم أطباء الكلى خلال الحرب. ولا يتجاوز عدد الأطباء المتبقين 8 فقط، إضافة إلى النقص الكبير في أجهزة غسيل الكلى، إذ لا يتوفر في المجمع سوى 30 جهازاً فقط، تخدم مئات المرضى يومياً”.

“كادت المطبات تقتلني”

خلال جولة ميدانية لـ”قدس برس” داخل مجمع ناصر، رُصدت حالات عديدة لمرضى يعانون من سوء تغذية حاد وفقر دم، واضطر كثير منهم لاستخدام كراسي متحركة لعجزهم عن الوقوف أو المشي.

أبو أدهم طبازة، أحد المرضى، تحدث لـ”قدس برس” قائلاً: “فقدت أكثر من 20 كيلوغراماً من وزني بسبب نقص الغذاء، ولم أعد قادراً على المشي، فاستعنت بكرسي متحرك”. وأضاف: “رحلتي إلى المستشفى أصبحت معاناة يومية. لا توجد مواصلات ولا طرق سالكة. في إحدى المرات، كنت عائداً من جلسة غسيل، واهتزت السيارة بقوة على مطب، شعرت أنني سأفارق الحياة”.

دعوة للتدخل العاجل

يعكس الواقع المأساوي الذي يعيشه مرضى الفشل الكلوي في غزة الحاجة الملحة إلى تدخل دولي عاجل، لتأمين الحد الأدنى من مقومات الرعاية الصحية، بما يشمل توفير الأجهزة والمستلزمات الطبية، وتدريب كوادر إضافية، وضمان استمرار التيار الكهربائي في أقسام الغسيل.

ومنذ 7 أكتوبر/ تشرين الأول 2023، ترتكب دولة الاحتلال، بدعم أمريكي، إبادة جماعية في قطاع غزة، أسفرت عن أكثر من 181 ألف فلسطيني بين قتيل وجريح، معظمهم من الأطفال والنساء، إلى جانب أكثر من 11 ألف مفقود، ومئات آلاف النازحين.

التعليقات مغلقة.