أمريكا بقضها وقضيضها في البحر الأحمر .. واليمن يمنعها من مساندة الكيان الصهيوني

|| صحافة ||

شئنا أم أبينا، هذه هي النتيجة، وهذا ما آلت إليه الأمور في البحر الأحمر.. فجأة؛ ومن دون مقدمات وأمام الإعلام وبحضور رئيس الوزراء الكندي في البيت الأبيض، أعلن الرئيس الأميركي دونالد ترامب أن أميركا توصلت إلى تفاهم مع اليمن بوقف استهدافه للقطع البحرية في البحر الأحمر؛ مقابل وقف البحريتين الأميركية والبريطانية استهداف الأراضي اليمنية؛ واستعمل ترامب عبارة “استسلموا”.. !

اعتدنا تصريحات متهورة من هذا الرئيس، والتي تأتي غير دقيقة، في كثير من الأحيان، كما حصل عندما صرّح أمام رئيس كيان الاحتلال بنيامين نتنياهو أن أميركا ستبدأ مفاوضات مباشرة مع إيران، في سلطنة عمان، وتبيّن أنها غير مباشرة ..

تتوالى التصريحات من مسؤولين أميركيين؛ ليوضحوا أن الاتفاق يقتصر على الجهتين الأميركية واليمنية، بينما ستبقى اليمن تستهدف “إسرائيل” ليتضح أن الاستسلام غير وارد مع اليمن.

في المقابل؛ أعلن نتنياهو والإعلام “الإسرائيلي” أنهم فوجئوا بالقرار الأميركي، ليردّ عليهم السفير الأميركي في “تل أبيب” أن أميركا ليست بحاجة إلى إذن “إسرائيل” لإبرام اتفاقات، واستهداف اليمن لـ”إسرائيل” لا شأن لنا به.

بعد ذلك؛ تحدث الإعلام الأميركي عن قرار الرئيس ترامب، وكشف أن الاتصال بينه وبين نتنياهو قد قُطع؛ لأن الأخير يتلاعب به؛ ثم يصرّح الرئيس الأميركي أنه بصدد الإعلان عن شيء مهم جدًا، في الأيام القادمة، وسيكون لمصلحة المنطقة، وهو بصدد القيام بزيارة إلى عدة دول عربية، ولا داعي لزيارة الكيان “الإسرائيلي” من ضمن هذه الجولة.

عقّبت صحيفة “جيروزاليم بوست” إثر ذلك؛ أن إعلان ترامب المرتقب قد يتعلق بالاعتراف بدولة فلسطينية، خلال زيارته إلى المنطقة.. هذا الخبر إذا كان صحيحًا؛ لم يكن ليحصل لولا “طوفان الأقصى” وبسالة المقاومة الفلسطينية وصمودها وتضحيات الشعب الفلسطيني، ولولا محور المقاومة ككل، من اليمن الذي أصبح معضلة المعضلات بالنسبة إلى “إسرائيل”، إلى لبنان إلى العراق.

هذه التطورات كلها؛ توحي بأنّ العلاقة بين الرئيس الأميركي ونتنياهو قد أصبحت متوترة جدًا، لأنّ الأخير يعرقل المضي في إجراءات تصبّ في مصلحة أميركا في المنطقة؛ بحسب تصريح الرئيس ترامب.

في لبنان؛ قامت “إسرائيل” بقصف عنيف وغير مسبوق على محيط بلدة النبطية وعلى المرتفعات المطلة، مدعيةً وجود بنى تحتية عسكرية للمقاومة، في خرقٍ واضحٍ لإتفاق وقف إطلاق النار، والذي تزامن مع وجود الفريق الأميركي من اللجنة الخماسية الخاصة بمراقبة اتفاق وقف إطلاق النار، برفقة قوات الطوارى الدولية والجيش اللبناني، وهم يقومون بالكشف على الأودية الموجودة تحت المنطقة التي استهدفتها “إسرائيل”، ما أجبره على وقف نشاطه إلى حين انتهاء جولة القصف “الإسرائيلي”؛ ليكون شاهد زور على عربدة الطيران “الإسرائيلي” في سماء لبنان.

اتصالات فخامة رئيس الجمهورية جوزاف عون بالإدارة الأميركية أدت إلى حضور رئيس اللجنة الخماسية الجنرال “جفرز” وبديله الجنرال مايكل ليني، والذي وعد ببقائه في لبنان، وبتكثيف الاجتماعات، والتي لم تحصل إلى غاية تاريخه، على الرغم من كل هذه التطورات. كما أدت هذه الاتصالات إلى الحديث عن نية السيدة “مورغان” مبعوثة الإدارة الأميركية الحضور إلى لبنان، خلال الأيام القليلة القادمة.

سياسة أميركا أزاء لبنان؛ كانت واضحة، وهي إعطاء الضوء الأخضر لـ”إسرائيل” لاستكمال اعتداءاتها، كي تحقق أهدافها المتمثلة بالتطبيع المستحيل ونزع سلاح المقاومة غير الوارد.  فهل ستتغير هذه السياسة بعد قطع الاتصال بين الرئيس ترامب ونتنياهو ؟

زيارة أحمد الشرع الرئيس السوري الانتقالي إلى باريس، حيث سبقتها زيارة فخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد جوزف عون إلى فرنسا أيضًا، أفضت إلى حضور مبعوث فرنسي إلى لبنان ليسلم وزير الخارجية اللبناني مستندات ونسخًا عن خرائط الحدود اللبنانية السورية، والتي ستكون مفيدة جدًا لترسيم الحدود بين البلدين التي تبلغ ٣٧٦ كلم، تمتد من مزارع شبعا وحتى أقصى الشمال في منطقة العريضة، والتي يوجد عليها ٢٧ محضر خلاف بين البلدين. هذا الأمر يدل أن هناك نية جدية من الفرقاء كلهم لمعالجة مشكلة الحدود بين لبنان وسوريا، والتي ستحد من النزاعات التي تحصل؛ إن بسبب الخلافات على الأراضي أو بسبب التهريب.

الثبات والصمود والبسالة والشجاعة والتضحيات، تصنع المعجزات، وتجعل الدم ينتصر على السيف، هذه المبادئ التي لن يفقهها أحد؛ إلا من تربى عليها ورضعها مع حليب الأمهات.

*منير شحادة: العهد الاخباري

التعليقات مغلقة.