27 ديسمبر.. جرحٌ لا يندمل في جسد اليمن وذاكرة لا تمحوها السنين
صنعاء سيتي | تقرير خاص
يأتي تاريخ 27 ديسمبر كصفحة سوداء متكررة في ذاكرة اليمنيين؛ يومٌ ظلّت سماؤه حبلى بالطائرات، وأرضه مثقلة بشظايا القنابل العنقودية المحرمة دولياً، والرصاص والصواريخ التي لم تميّز بين طفل يلهو أو أسرة تأوي لبيتها.. في هذا اليوم، وعلى امتداد سنوات العدوان الأمريكي السعودي الإماراتي، اتخذ القتل طابعاً منظماً، واستهدفت البنية المدنية والسكان بوجه مكشوف، لتتراكم الشواهد عاماً بعد عام على وحشية الجريمة واستمراريتها.
في 27 ديسمبر 2015، كان القصر الجمهوري في تعز هدفاً لغارات العدوان، ومعه مناطق في مديرية حيفان.. وفي صعدة، تحولت منازل المواطنين بمنطقة آل الصيفي إلى كتل ركام بعد خمس غارات متتالية. أما مديرية مجز فكانت مسرحاً لإلقاء القنابل العنقودية المحرّمة دولياً، في واحدة من أوائل المرات التي استخدمت فيها هذه الأسلحة في هذا التاريخ، ما خلّف أضراراً كبيرة في الممتلكات الزراعية والمدنية. وفي حجة، استهدفت غارات العدوان مثلث عاهم ومنطقة الشعاب في مديرية حرض.
لم يكن العام التالي أقل قسوة. ففي 27 ديسمبر 2016، استشهدت الطفلة منى (13 عاماً) وشقيقها طه (4 أعوام) بقصف مرتزقة العدوان غرب مطار تعز القديم، واستمر الطيران المعادي باستهداف الجبال والمعسكرات في المخا. وفي صعدة، تكثفت الغارات على مناطق ولد مسعود والملاحيظ والبقع، بينها قنبلة عنقودية سقطت على كتاف. أما في نهم وصنعاء وعمران وشبوة والحديدة، فقد امتد القصف إلى منازل المواطنين وطرقاتهم ومزارعهم، في هجوم واسع أظهر سِعة رقعة الاستهداف المدني.
عام 2017 حمل واحداً من أكثر مشاهد البؤس تكراراً: استشهاد خمسة مواطنين من أسرة واحدة في غارة على منزل بمنطقة حجروفة في التحيتا. وفي الجراحي استهدفت سيارة مواطن، وفي مفرق الخوخة تضررت الممتلكات والمحال التجارية. كما تزامنت غارات على باقم وكتاف وصعدة ونجران وجيزان، بينما شهدت نهم وسنحان ومأرب تعرّض المزارع والبيوت للقصف. أما الأباتشي فقد أمطر الحثيرة والرمضة بأكثر من 198 صاروخاً.
شهد هذا العام تصاعداً في نمط الجرائم غير الجوية، إذ أصيب طفل ورجل بنيران المرتزقة في الجبلية بالتحيتا، وقصفت القرى والمزارع شرق وغرب المديرية بالمدفعية والرشاشات. وفي الدريهمي تم استهداف قرية محل الشيخ ومحيط المحكمة القديمة بثلاث قذائف مدفعية قبل أن يستمر التمشيط بالصواريخ في شارع الخمسين. وفي صعدة، تواصل قصف صاروخي سعودي طال مناطق حدودية مأهولة.
هذا اليوم أعاد استكمال مشهد مجزرة الرقو بمديرية منبه في صعدة، حيث رُفعت الحصيلة إلى 24 ضحية بينهم مهاجرون أفارقة بعد العثور على جثث لاحقاً في مسرح الجريمة. أما في الحديدة فقد تواصل استخدام الصواريخ والقذائف على الجبلية والفازة ومثلث العدين، وإحراق المزارع ومنازل المواطنين.
في هذا العام شن الطيران التجسسي غارات على الدريهمي، فيما استمرت التحصينات القتالية للمرتزقة في الجبلية والجاح، وتركز القصف في الحديدة وصعدة وحجة والجوف.
تواصل القصف الصاروخي السعودي على شدا الحدودية في صعدة، بينما شهدت مأرب غارات على صرواح والوادي، والحديدة غارات بالطيران الحربي والتجسسي، إلى جانب القصف المدفعي على مناطق سكنية.
في 27 ديسمبر 2022، أصيب الشاب عيسى قاسم (25 عاماً) برصاصة قنّاص في الرأس أثناء وجوده بمنطقة الرواس بمديرية التعزية – تعز، في صورة أخرى من صور الاستهداف المباشر للمدنيين.. كما شن الطيران التجسسي ثلاث غارات على الجبلية وحيس بالحديدة، بينما استمر القصف المدفعي في مناطق متفرقة.
لا يحمل 27 ديسمبر رقماً في الروزنامة اليمنية فقط؛ بل يحمل طبقات من الذاكرة المثقلة بالقصف والقنابل والعائلات التي غابت إلى غير رجعة.. إنه يومٌ يفضح جرائم العدوان، ويؤكد أن الجراح لا تُغلق، وأن الذاكرة الشعبية اليمنية ستظل تحمل هذه الشواهد شاهدةً على الجريمة مهما طال الزمن.
*نقلاً عن موقع 21 سبتمبر
التعليقات مغلقة.