نفير واستنفار.. اليمن يجدد عهده للقرآن وفلسطين ويُعلن جهوزيته لمعركة الوعي والمصير
صنعاء سيتي | تقرير خاص
في مشهدٍ جماهيري مهيب، أعاد اليمن، من قلب العاصمة صنعاء وساحات المحافظات الحرة، تثبيت معادلة الموقف والثبات، عبر مسيرات مليونية حملت عنوانًا بالغ الدلالة: «نفير واستنفار.. نصرة للقرآن وفلسطين».. مسيرات لم تكن مجرّد فعل احتجاجي عابر، بل تعبيرًا صريحًا عن وعيٍ جمعيّ يرى في استهداف القرآن الكريم حلقة مركزية من حرب صهيونية شاملة، وفي نصرة فلسطين واجبًا دينيًا وأخلاقيًا وسياديًا لا يقبل المساومة.
بيان المسيرات جاء واضحًا وحاسمًا، محددًا طبيعة المعركة، ومسؤوليات الأعداء، وواجبات الأمة، ومجددًا العهد الذي دشّنته ثورة 21 سبتمبر، حين حررت القرار اليمني، وأسقطت الوصاية الأمريكية والخليجية، وربطت اليمن بقضايا الأمة المركزية وفي طليعتها فلسطين والقرآن.
أكد بيان مسيرات «نفير واستنفار» أن التمسك بالقرآن الكريم موقفٌ إيماني غير قابل للتراجع، وأن أي إساءة أو استهداف له تمثل عدوانًا سافرًا على هوية الأمة ومقدساتها.. واعتبر البيان أن ما يتعرض له القرآن من حملات إساءة متكررة وممنهجة ليس فعلًا فرديًا أو طارئًا، بل يأتي ضمن سياق حرب صهيونية شاملة تستهدف العقيدة، والوعي، والقيم، وتسعى لسلخ الأمة عن مصادر قوتها الروحية والحضارية.
هذا التشخيص يضع المعركة في إطارها الحقيقي: معركة هوية ووجود، تستخدم فيها أدوات «حرية التعبير» المزيّفة غطاءً لتبرير الكراهية والعدوان على الإسلام، وتُدار من غرف القرار ذاتها التي تشرف على الحروب العسكرية والحصار والتجويع.
حمّل البيان الولايات المتحدة وبريطانيا والعدو الصهيوني المسؤولية الكاملة عن الإساءات المتكررة للقرآن الكريم، مؤكدًا أن هذه الممارسات تعكس حقدًا تاريخيًا وعداءً متجذرًا للإسلام والمسلمين.
فالدول التي ترعى العدوان على غزة، وتسلّح الكيان الصهيوني، وتوفّر له الغطاء السياسي والدبلوماسي، هي ذاتها التي تهيئ المناخ للإساءة للمقدسات، وتحوّل الاستفزاز الديني إلى أداة من أدوات الحرب النفسية وكسر الإرادة.
ودعا بيان المسيرات الأمة الإسلامية إلى التحرك الجاد والاستنفار الشامل، للتعبير عن الغضب الشديد والرفض القاطع لهذه الجريمة النكراء، وعدم الاكتفاء ببيانات الشجب أو المواقف الشكلية.
وأكد أن الصمت أو التهاون إزاء استهداف القرآن يُعد تواطؤًا غير مباشر، فيما يشكّل التحرك الشعبي والإعلامي والسياسي أحد أهم ميادين المواجهة في معركة الوعي.
وفي سياق عملي واضح، دعا البيان إلى مقاطعة البضائع الأمريكية والإسرائيلية، معتبرًا أن الاستمرار في استهلاك منتجات العدو يرقى إلى مستوى الشراكة في جرائمه بحق القرآن وفلسطين.
وذكّر البيان بأن المقاطعة ليست خيارًا ثانويًا، بل أداة ضغط مؤثرة أثبتت فعاليتها، حين تُمارَس بوعي والتزام، وتُحوَّل إلى سلوك جماعي دائم.
وجدّد المشاركون في المسيرات تأكيد ثبات الموقف الإيماني في مساندة الشعب الفلسطيني، مشددين على الجهوزية العالية للجولة القادمة من الصراع مع الأعداء.
هذا الموقف، كما عبّر عنه البيان، ليس منفصلًا عن الواقع الميداني، بل يستند إلى معادلة ردع راكمها اليمن خلال سنوات المواجهة، وإلى وعيٍ يعتبر أن فلسطين ليست قضية تضامن عاطفي، بل محور صراع مصيري مع المشروع الصهيوني – الأمريكي في المنطقة.
وأدان بيان المسيرات بشدة صفقة الغاز المشينة، الأكبر في تاريخ العدو الصهيوني، والتي عقدتها مصر مع كيان الاحتلال، واعتبرها بمثابة مكافأة سياسية واقتصادية له على جرائمه المستمرة في غزة.
وأشار البيان إلى أن هذه الصفقة تمثل إساءة لتاريخ مصر العروبي، وتجاهلًا لتضحيات وجهاد الشعب المصري في مواجهة العدو الإسرائيلي، داعيًا إلى إلغائها وعدم الزج باسم مصر في مشاريع تطبيع تخدم العدو وتطعن القضية الفلسطينية.
ويأتي هذا الحراك الشعبي الواسع امتدادًا طبيعيًا لنهج ثورة 21 سبتمبر المجيدة، التي أعادت لليمن قراره السيادي، وحررته من الهيمنة الأمريكية والخليجية، ورسّخت معادلة الموقف الحر المنحاز لقضايا الأمة.
ففي ظل هذه الثورة، لم يعد الموقف اليمني خاضعًا للضغوط أو الصفقات، بل نابعًا من إرادة شعبية واعية ترى في نصرة القرآن وفلسطين جزءًا لا يتجزأ من معركة التحرر والاستقلال.
مسيرات «نفير واستنفار.. نصرة للقرآن وفلسطين» لم تكن مجرد حدث جماهيري، بل رسالة واضحة للأعداء قبل الأصدقاء: أن اليمن، قيادةً وشعبًا، حاضر في معركة الدفاع عن المقدسات، ثابت في خندق فلسطين، وماضٍ في مواجهة الحرب الشاملة بكل أدواتها، من الوعي والمقاطعة، إلى الموقف والسيادة، حتى إسقاط رهانات الأعداء واندحار مشاريعهم.

التعليقات مغلقة.