انتشار متزايد للسجائر الإلكترونية بين المراهقين والشبّان في المغرب

صنعاء سيتي | متابعات

 

 

يعرف المغرب انتشاراً متزايداً للسجائر الإلكترونية بين المراهقين والشبّان الأمر الذي يثير قلق العائلات والمجتمع عموماً، في ظلّ مخاوف حقيقية من آثارها الصحية. ووجّه البرلماني عن حزب العدالة والتنمية المعارض مصطفى الإبراهيمي تحذيراً خلال اجتماع بمجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان المغربي) بشأن ما وصفه بالانتشار المقلق للسجائر التقليدية والإلكترونية وسط الشبّان.

وأشار الإبراهيمي إلى أنّ الظاهرة “تتمدّد مثل النار في الهشيم”، و”تسلّلت إلى المدارس والجامعات وحتى أماكن العمل، لتتحوّل لدى عدد من الفئات إلى ما يشبه رمز تباهٍ اجتماعي”، منتقداً “التسيّب الإعلاني” في ما يخصّ السجائر الإلكترونية، بعدما صارت إعلاناتها مباحة من دون ضوابط، الأمر الذي يجعلها في متناول المراهقين والشبّان بسهولة، ويزيد من احتمالات الإدمان وانتشار السلوكات الخطرة.

ومع تزايد استهلاك السجائر الإلكترونية في المغرب، تكثر التحذيرات والمخاوف من آثارها على المدى البعيد، ومن استغلال الشركات العالمية الثغرات القانونية للتوسّع في الأسواق على حساب صحة الأجيال الجديدة. وتفيد البيانات المتوفّرة بأنّ تلاميذ المدارس الذين تراوح أعمارهم ما بين 15 و17 سنة، يستهلكون السجائر الإلكترونية أكثر من السجائر التقليدية، مع نسبة 12.5%، في حين أنّ 7.7% من الذين استُطلعت آراؤهم كانوا قد استهلكوها قبل بلوغهم العاشرة، بحسب نتائج مشروع المسح المدرسي للبحر المتوسط حول الكحول والمخدرات الذي نُفّذ في عام 2021.

ويقول الباحث في السياسات والنظم الصحية الطيب حمضي إنّ “واحداً من بين كلّ ثمانية شبّان مغاربة أو مراهقين في المدارس يستهلك أو سبق له أن استهلك سجائر إلكترونية، ونسبة الذكور تساوي أربعة أضعاف نسبة الإناث. في حين يكون مبكراً جداً تعاطي هذه السجائر أو تجربتها، حتى قبل سنّ العاشرة، فإنّ الاستهلاك يبدأ عموماً بين غالبية المراهقين بعد بلوغهم 14 سنة”.

ويوضح حمضي أنّه في الوقت الذي صارت فيه الجهود المبذولة للحدّ من استخدام التبغ تؤتي ثمارها، مع انخفاض نسب انتشار التدخين بين تلاميذ المدارس بنحو الثلث خلال العقد الأخير، فإنّ ما تحقّق “يتعرّض للنسف، والسبب يعود إلى السجائر الإلكترونية. روائح الفاكهة التي تتميّز بها السجائر الإلكترونية وألوانها الشبابية وسهولة الوصول إليها، إلى جانب الاستراتيجيات الدعائية الشرسة التي يتّبعها مصنّعو التبغ، توقع الأطفال الأصغر سنّاً والمراهقين والشبّان في دوّامة من الإدمان المميت”.

ويحذّر حمضي من أنّ “السجائر الإلكترونية تمثّل تهديداً للأجيال الجديدة، بدءاً من إمكانية تسبّبها في أمراض مختلفة، من بينها السرطان وأمراض الجهاز التنفسي وأمراض القلب والأوعية الدموية والاكتئاب والقلق والالتهابات وغيرها، وصولاً إلى الآثار الوخيمة التي قد تتسبّب فيها للمرأة الحامل وجنينها. إلى جانب ذلك يأتي تأثيرها كبيراً على أدمغة الأطفال، علماً أنّ نموّ الدماغ يستمرّ حتى سنّ الخامسة والعشرين”.

وبينما تستهدف حملات ترويج السجائر الإلكترونية الأطفالَ عبر وسائل التواصل الاجتماعي ومن خلال المؤثّرين، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية، ينتقد رئيس الشبكة المغربية للتحالف المدني للشباب (غير حكومية) عبد الواحد الزيات ما وصفه بأنّه “تساهل الحكومة في التعامل مع ما تخلّفه السجائر الإلكترونية، والتي صارت في متناول المراهقين من دون أيّ إجراءات للحفاظ على صحة هؤلاء وسلامتهم ووقايتهم من مخاطرها، إضافة إلى عدم مراقبة المواد التي تحتويها”.

ويقول الزيات: “هذا الواقع يجعل وزارة الصحة والحماية الاجتماعية ووزارة الاقتصاد والمالية وقطاعات أخرى مسؤولة مباشرةً عن تخريب صحة المراهقين والشبّان. انتشار السجائر الإلكترونية بين هؤلاء يمثّل خطراً صحياً كبيراً في غياب الرقابة رغم خطورتها على الصحة والسلامة”.

ويرى أنّ “السياسات الحكومية الحالية، مع تساهلها، تساهم في جريمة صحية تُرتكَب بحقّ المواطنين، خصوصاً المراهقين والشبّان”، لافتاً إلى “غياب الجهود الفعّالة للوقاية من أضرار السجائر الإلكترونية من وزارة الصحة أو الوزارات المعنيّة الأخرى. كذلك فإنّ المؤسسات الرقابية والسلطات المحلية غير فعّالة في تنظيم السوق وحماية المجتمع. غياب الرقابة يؤدّي إلى انتشار هذه المنتجات في الأماكن العامة والمدارس، الأمر الذي يعرّض التلاميذ والشبّان لمخاطر صحية كبيرة. بينما ينبغي أن تتحمّل الحكومة والبرلمان مسؤوليتَيهما في حماية المواطنين، وتنظيم السياسات الصحية والتعليمية والاجتماعية، بما يضمن مصلحة المجتمع”.

التعليقات مغلقة.