خطر خفي في الأطعمة السريعة والمعلبة للنساء
صنعاء سيتي | متابعات
هل يمكن أن يسهم ما نتناوله يوميا في رفع احتمالات الإصابة بالسرطان؟ تبيّن دراسة حديثة أن استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة، مثل السندويتشات الجاهزة ورقائق البطاطس والمشروبات الغازية والبيتزا المجمدة والبطاطس المخصصة للفرن، قد يرتبط بظهور تغييرات مبكرة في الأمعاء لدى النساء.
فقد وجدت الدراسة أن النساء اللواتي يتناولن كميات كبيرة من هذه الأطعمة الفائقة المعالجة أكثر عرضة للإصابة بنوعية من النموات المعوية تُعد مؤشرا مبكرا محتملا على سرطان القولون.
ويقول الخبراء إن نتائج الدراسة تقدم فهما أوضح لكيف يمكن للنظام الغذائي أن يسهم في حدوث تغيرات أولية داخل الأمعاء.
وأوضح الباحثون، في ورقة علمية نُشرت في مجلة “جاما للأورام”، أن النساء اللواتي يكثرن من تناول الأطعمة الفائقة المعالجة، بما في ذلك الصلصات الجاهزة ورقائق البطاطس واللحوم المصنعة والوجبات الجاهزة، ترتفع لديهن احتمالات الإصابة بالورم الغدي، وهو نوع من السلائل غير السرطانية لكنه قد يتحول إلى سرطان مع مرور الوقت. ومعظم سرطانات القولون تُعد نتاجا لتطور هذا النوع من الأورام الغدية.
ويحاول العلماء منذ سنوات فهم الأسباب التي تقف خلف الزيادة الملحوظة في معدلات سرطان الأمعاء بين البالغين الأصغر سنا.
تشير مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة إلى أن معدلات الإصابة بسرطان القولون والمستقيم بين الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 25 و49 عاما ارتفعت بنسبة 62% منذ أوائل التسعينيات، وهو اتجاه يثير القلق بشأن الأسباب المحتملة وراء زيادة الحالات بين الفئات الأصغر سنا.
واعتمدت الدراسة الجديدة على بيانات آلاف الممرضات في الولايات المتحدة، حيث تمت متابعتهن على مدى يقارب ربع قرن من عام 1991 حتى 2015. وجُمعت معلومات مفصلة عن استهلاك الأطعمة الفائقة المعالجة من خلال استبيانات غذائية دورية أُجريت كل أربع سنوات، وشملت عينة من 29 ألفا و105 نساء، بلغ متوسط أعمارهن 45 عاما.
ارتفاع واضح في الإصابات
أظهرت نتائج الدراسة، التي دعمتها مبادرة التحديات الكبرى للسرطان، تسجيل 1189 حالة من الأورام الغدية المبكرة بين المشاركات. وكشفت البيانات أن النساء اللواتي يستهلكن أعلى نسب من الأطعمة الفائقة المعالجة أكثر عرضة للإصابة بهذه النموات بنسبة 45% مقارنة باللواتي يتناولن كميات أقل.
ووفق الدراسة، فإن المجموعة ذات الاستهلاك الأعلى كانت تتناول ما معدله 9.9 حصص يوميا من هذه الأطعمة، وهي كمية يرى الخبراء أنها كافية لإحداث تغييرات مبكرة في الأمعاء قد تتطور لاحقا إلى سلائل أو أورام غدية يمكن أن تتحول إلى سرطان مع مرور الوقت.
وقدمت مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة مثالا تقريبيا للنظام الغذائي الذي يضم هذا العدد من الحصص، والذي قد يشمل:
- وعاء من حبوب الإفطار المحلاة وشريحة خبز أبيض مع زبدة صناعية أو مربى، إضافة إلى زبادي محلى أو لوح إفطار في الصباح.
- سندويتش جاهز من السوبرماركت، وكيس رقائق، وعلبة مشروب غازي في الغداء.
- بيتزا مجمدة أو بطاطس جاهزة للفرن مع قطع الدجاج وصلصتي الكاتشب والمايونيز في العشاء.
- مثلجات أو بسكويت كوجبة خفيفة مسائية.
أما النساء اللواتي يتناولن أقل كمية من هذه الأطعمة، فكان متوسط استهلاكهن اليومي يبلغ 3.3 حصص فقط.
تحسين جودة الغذاء خطوة ضرورية
أكد الباحثون أن النتائج التي توصلت إليها الدراسة تسلط الضوء على الدور المؤثر للأطعمة الفائقة المعالجة في ظهور الأورام المبكرة في القولون والمستقيم، وتشير إلى أن تحسين جودة النظام الغذائي قد يكون من الإستراتيجيات الفعالة للحد من الارتفاع المتزايد في حالات سرطان القولون والمستقيم المبكر.
وقال الدكتور أندرو تشان، الباحث الرئيسي من كلية الطب بجامعة هارفارد ومستشفى ماساشوستس العام، إن هناك زيادة ملحوظة في حالات سرطان الأمعاء بين البالغين الأصغر سنا، ولا تزال الأسباب الدقيقة وراء هذا الاتجاه غير واضحة بالكامل. وأوضح أن فريقه يبحث في عدة عوامل محتملة، بينها النظام الغذائي ونقص النشاط البدني واضطرابات الميكروبيوم المعوي، كونها قد تشترك جميعها في التأثير على صحة الأمعاء.
وأضاف تشان أن نتائج الدراسة تشير إلى احتمال ارتباط الأطعمة الفائقة المعالجة بارتفاع خطر ظهور السلائل، لكنه شدد على ضرورة إجراء المزيد من الأبحاث لتأكيد هذا الارتباط عبر دراسة مجموعات أكبر وأكثر تنوعا من المشاركين، إضافة إلى فهم كيفية تفاعل الجسم مع هذه الأطعمة وتأثيرها في التغيرات المبكرة داخل الأمعاء.
من جانبه، قال البروفيسور تشارلز سوينتون، رئيس اللجنة العلمية لمبادرة التحديات الكبرى للسرطان وكبير الأطباء في مؤسسة أبحاث السرطان في المملكة المتحدة، إن الدراسة تساعد في توضيح كيفية ارتباط النظام الغذائي وغيره من العوامل بصحة الجهاز الهضمي وزيادة أو خفض خطر السرطان.
كما أوضحت رئيسة قسم المعلومات الصحية في المؤسسة نفسها فيونا أوسغون أن الدراسة لا تقيس خطر السرطان بشكل مباشر، لكنها تقدم مؤشرات مهمة حول كيفية تأثير النظام الغذائي في التغيرات الأولية للأمعاء التي قد تتطور في بعض الحالات إلى سرطان. وأشارت إلى أن العادات الغذائية تتشكل تحت تأثير عوامل متعددة مثل الأسعار والحملات التسويقية وتوافر الطعام، الأمر الذي يجعل الاختيار الصحي تحديا للكثيرين.
وأكدت أوسغون أن تحقيق تغيير فعلي يتطلب جهودا أوسع، بدءا من السياسات الغذائية ووصولا إلى المبادرات الصحية العامة، بهدف جعل الخيارات الغذائية الصحية أكثر سهولة للجميع. واختتمت بالتأكيد على أن جودة النظام الغذائي ككل تبقى العامل الأهم في تقليل خطر الإصابة بالسرطان، وليس نوعا واحدا من الطعام.
التعليقات مغلقة.