في سِفْرِ التاريخ اليمانيِّ الممتدِّ، حَيثُ تتشابك خيوط الصمود الأُسطوريِّ بحبائل المؤامرات العاتية، تتجلَّى حقائقُ الإرادَة الوطنية كشمسٍ ساطعةٍ تُبدِّد دياجير الكيد والمكر.

لقد ظلَّ اليمن، عبر دهورٍ، ساحةً لاختبار العزائم ومحكًّا لصلابةِ اليقين، وحينما ظنَّت قوى الشرِّ والطغيان أنَّها أحكمتْ نسج خططها السرية، وأنَّ حصونَ كيدِها قد ارتفعت لتبلغ عنان السَّماء، جاء الردُّ الإلهيُّ متجسدًا في يقظة رجال الحقِّ.

هنا، في هذه اللحظة الفارقة، لا نتحدثُ عن انتصار عسكريٍّ تقليديٍّ فحسب، بل عن انتصار منهجيٍّ وفكريٍّ وعقائديٍّ، انتصار يؤكّـد أنَّ الكابوس اليمنيَّ المستيقظ يسقطُ، بإرادتهِ الصارمةِ، كُـلّ حصون الكيد أمام سطوع حقيقةِ اليقين الذي لا يتزعزعُ.

حيث سُطِّرت فصول عملية “وَمَكْرُ أُولئك هُوَ يَبُورُ” بمداد الإيمان الراسخ، لتكون شاهدًا على أنَّ العبارة القرآنيةَ، المستلهمةَ من سورة فاطرَ، قد نزلتْ من قدسيةِ النصِّ إلى حركيةِ الميدانِ، حاملةً في طياتِها أعمقَ دلالات التسمية على فشل المؤامرات الكبرى وانهيار أباطيلِها.

إنَّها القصةُ التي سنرويها، قصةُ الضربة الاستراتيجيةِ التي لم تكسر شوكةَ شبكة تجسسٍ وحسبُ، بل حطَّمت وهمَ التفوقِ الاستخباراتيِّ لقوتين عظميينِ، لتؤكّـد أنَّ مصير الكيد العظيم هو الاضمحلال الأبديُّ أمام صخرة الحقِّ وأهله.

لقد أزِفَت ساعة انكشاف الغطاء، حَيثُ تتجلى إرادَة السماء في ميدان الأرض، مؤكّـدةً أنَّ مسرح المؤامرات الكبرى، مهما بلغَ من إحكامٍ وخبثٍ، سيفضي حتمًا إلى ساعة البوار الأكيدة.

لم تكنْ تسميةُ العملية الاستخباراتية والأمنية النوعية بـ “وَمَكْرُ أُولئك هُوَ يَبُورُ” مُجَـرّد اختيار عابرٍ، بل كانت إشارة عميقة تتجاوز حدود العمل الأمنيِّ إلى المعنى الإيمانيِّ العظيمِ.

هذه العبارةُ البليغةُ، المستمدةُ من سورة فاطر في كتاب الله، نزلت من عليائِها لتتجسد في الميدان كـدلالةٍ قاطعة على فشل المؤامراتِ الكبرى التي تُحاك ضدَّ سيادة وحياة هذا الوطن الأبيِّ.

إنَّها منهج حياةٍ، وليست وعدًا فحسب، لمواجهة كُـلّ أشكال الخديعة والمؤامرة التي تسعى لقضمِ الترابِ الوطنيِّ أَو خرق جدار أمنه.

وشكَّلتْ عملية “وَمَكْرُ أُولئك هُوَ يَبُورُ” ضربة استراتيجية قاصمة، لم تكتف باقتلاع شبكة التجسس من جذورها، بل ذهبت أبعد من ذلك لتكسر وهم التفوق الاستخباراتيِّ المزعوم، سواءٌ كان أمريكيًّا أَو صهيونيًّا.

وفي ذات السياق أثبت النجاح الساحق للعملية جاهزية الردع الأمنيِّ والسياديِّ، مؤكّـدًا أنَّ الأمن الوطنيَّ ليس “للبيعِ”، وأنَّ أي محاولة لتهديد سيادة الوطن ستقابل بـرسالةٍ صارمةٍ لا لبس فيها.

إنَّ هذا النجاح هو إعلان لـنهاية وهم التفوق الذي ظلَّ يحيط بأجهزة المخابرات الأمريكية والإسرائيلية؛ إذ سقطت كُـلّ خططهم المدبَّرة أمام عظمة الإرادَة الوطنية وعمق العمل الاحترافيِّ لرجال الأمن الأوفياء.

يتجلى سرُّ الانتصار في هذه العملية المباركة في فهم حقيقة الصراع الأزليةِ: كيف ينهار الكيد العظيمُ على صخرة الحقِّ وأهل الحقِّ، وأنَّ هذا الانتصار آتٍ من الصبر المرير والمصابرة الطويلة.

وبعد أن تجلَّت خيوط المؤامرة وتمزقت أشلاء شبكة المكر على صخرةِ اليقظة الوطنية، يبقى الدرس المدوِّيُ لعملية “وَمَكْرُ أُولئك هُوَ يَبُورُ” محفورًا في ذاكرةِ الأجيال.

لقد أثبتت هذه الضربة الاستخباراتية النوعية أنَّ الأمن الوطنيَّ ليس مُجَـرّد حدودٍ جغرافيةٍ تُصان، بل هو منظومةُ إرادَة صلبةٍ، لا تبيعُ سيادتَها في أسواق التبعية، ولا تستكين لتهديدات المُتغطرسينَ.

هذا الانتصار الذي حقّقهُ رجال الأمن الصابرون، هو تتويجٌ لمسيرة الثبات التي أدركت بعمقٍ أنَّ مكرهم يبورُ ونحنُ باقونَ.

وقد صار منهج “وَمَكْرُ أُولئك هُوَ يَبُورُ” عقيدةً راسخةً، ليست مُجَـرّد وعدٍ غيبيٍّ، بل منهجُ حياةٍ لمواجهة الخديعة والابتزاز، حَيثُ ينهضُ سيفُ الحقيقةِ المستلُّ من قوة العمل الصالح ليقطع بلا هوادةٍ دابر المخطّطاتِ الخبيثة.

وفي الختام، فليفخر الوطن بأبنائه الذين أزاحوا الغشاوةَ عن وهم التفوق الاستخباراتيِّ الأجنبيِّ، وليعلم الجميعُ أنَّ كُـلّ مؤامرةٍ كبرى، مهما علا شأنُها ومهما بلغ تفوقها وإن انتفش، تنتظرُها ساعةُ الزوال الأبديِّ.

فها هو الكَيدُ العظيمُ ينهارُ، واليقينُ ينتصرُ، ويبقى اليمنُ شامخًا، متجسدًا فيه قولُ الحقِّ: “وَمَكْرُ أُولئك هُوَ يَبُورُ”.