القَبِيْلة وأدعياءُ الحداثة والرقي..
صنعاء سيتي | مقالات | عبدالمنان السنبلي
لطالما ظلوا، وعلى مدى عقودٍ كثيرةٍ، في صراعٍ دائمٍ ومستميتٍ مع القبيلة أَو كُـلّ ما يمتّ إليها بصلة، بدعوى أنها السبب في تأخر وتخلف اليمن..
وحين جدَّ الجدُّ وجلَّ الخطب، رأيناهم أول المهرولين والقاصدين فنادق الرياض، ضاربين بشعارات الوطنية التي كانوا يرفعونها ويردّدونها عرض الحائط..
هل تعلمون من هم..؟
إنهم أدعياء الحداثة..
أدعياء الحداثة الذين لم يكونوا يستهدفون شيئًا كما كانوا يستهدفون القبيلة اليمنية، ولم يكونوا يسخرون من أحد كما كانوا يسخرون من رجال وقيم وعادات وتقاليد وأعراف هذه القبيلة اليمنية الأصيلة..
والنتيجة ماذا..؟
هرولوا جميعًا وارتموا في أحضان السعوديّة والإمارات عند أول اختبار حقيقي، وثبتت القبيلة..
نعم، ثبتت القبيلة اليمنية ورجالها الأبطال والأشاوس الذين لم يتردّدوا للحظةٍ واحدةٍ في بذل أنفسهم وأموالهم رخيصةً في سبيل الدفاع عن حياض الوطن وكرامة الأُمَّــة..
ثبت الذين كانوا يوصفون بـ (المتخلّفين) وَ(الغارقين) في ظلام الجهل، أمام أعتى عدوانٍ همجيٍّ غاشمٍ عرَض له اليمن على مرّ التاريخ، في ملحمةٍ بطوليةٍ قدّموا من خلالها واحدةً من أحدث وأرقى المدارس التنويرية في مجال العلم العسكري والتكتيك الحربي..
فما الذي اقتبسناه من نوركم -أيها المتنوّرون ظاهرًا والمتستّرون خفيةً خلف أستار وعباءات الحداثة الزائفة- غير النظريات الجوفاء والأفكار العقيمة والسقيمة التي لم تثنِكم للحظةٍ واحدةٍ عن الارتهان للأجنبي والارتماء في أحضانه، حتى تقفون اليوم موقفًا سلبيًّا من هذا المكوّن الأصيل والأَسَاسي من مكونات المجتمع اليمني؟!
لا شيء طبعًا..
فكيف، وعلى أي أَسَاس، إذن تدعون دائمًا أنكم أنتم النخبة وأنتم الصفوة وعلية القوم، إذَا كنا لم نلمس أَو نرَ منكم ما يشي أَو يوحي بذلك..؟
كيف تزعمون ذلك إذَا كنتم قد اخترتم لأنفسكم النزول في أدنى وأرذل وأحقر المنازل: منازل الهون والعمالة والخيانة والارتزاق..؟
كيف، وقد أثبتت القبيلة اليمنية وأبناؤها البرّرة بتحملهم مسؤولية الدفاع عن اليمن والتصدي لأعدائه اليوم أنهم وحدهم فقط هم النخبة والصفوة الحقيقية للمجتمع اليمني، وما سواهم لا..؟
وكيف لا يكون لهم ذلك، وكل إرثنا الحضاري ومخزوننا الثقافي والاجتماعي لم يكن مصدره يومًا إلا القبيلة، وليس أصباغ الحداثة المستوردة من كُـلّ أصقاع الدنيا والخالية من روح الأصالة والانتماء..؟
فالتحية كُـلّ التحية اليوم، وكل يوم، للقبيلة اليمنية التي ظلت محافظةً على طابعها اليمني الخاص، والتي عوّدتنا دائمًا على تقديم نُسَخًا طبق الأصل من (أجدادهم) الأوائل الذين جابوا الدنيا عرضًا وطولًا مبشِّرين وفاتحين وناشرين هدى الله قبل مئات السنين..
ولا عزاء طبعًا لنخاسي الأوطان وبائعي الشعوب ومروّجي الوهم والشعارات البراقة الخداعة من أدعياء الحداثة والرقي المتصنّع الزائف.
التعليقات مغلقة.