80% من الإيرادات «الجنوبية» اليمنية ضائعة: تراشق مسؤوليات بين «الرئاسي» والحكومة

صنعاء سيتي | صحافة

 

بعد 10 أيام من الاجتماعات المكثّفة في الرياض، أقرّ «المجلس الرئاسي»، بالإجماع، منح رئيس الحكومة الموالية لـ«التحالف»، سالم بن بريك، صلاحية إقالة أيّ مسؤول في مختلف الجهات الإيرادية، ما لم يلتزم هذا المسؤول بتوريد الموارد إلى بنك عدن المركزي. كما ألزم المجلس، محافظي المحافظات، بعدم التدخّل في شؤون المنافذ الجمركية، سواء بمنح أي تخفيضات أو إعفاءات جمركية أو أي تدخّلات غير قانونية أخرى، وكذلك إلغاء كل الرسوم غير القانونية المفروضة من قبل المحافظين أو الوزارات.

وشمل القرار أيضاً إلغاء الصناديق المستحدثة من دون إجراءات قانونية، وإخضاع الميزانيات للرقابة الحكومية، وتحرير سعر الدولار الجمركي ورفع أسعار المشتقات النفطية خلال أسبوعين، وذلك ضمن حزمة من الإجراءات التي تهدف إلى تعزيز الإيرادات المستدامة.

ورأى خبراء اقتصاديون في قرارات «المجلس الرئاسي»، إلقاء لكرة النار في حضن الحكومة المشلولة أصلاً، والتي تتشكّل بالتساوي من الفصائل المكوِّنة للمجلس، وتستولي على موارد الدولة، فيما يلقي كل مسؤول فيها باللوم على الآخر في ما يتعلّق بعدم توريد الإيرادات إلى الخزينة العامة.

ووفقاً لإحصاءات الخبراء الاقتصاديين، فإن 80% من الإيرادات لا تصبّ في خزينة الدولة؛ إذ رُصِدت أكثر من 200 مؤسسة حكومية تمتنع عن توريد إيراداتها إلى البنك المركزي، في ظلّ عجز الحكومة عن إلزامها بذلك، وهو ما يمثّل نزيفاً دائماً لمالية الدولة. على أنه لا يمكن فصل الأزمة الراهنة عن تاريخ طويل من سوء إدارة المِنح الخارجية التي تبخّرت من دون أن تترك أثراً حقيقياً في حياة المواطنين، وهو ما يطرح علامات استفهام كبيرة حول مصير أي منحة جديدة قادمة، بما فيها المنحة السعودية الأخيرة، والتي رُبط تقديمها بحزمة من الإصلاحات الاقتصادية ومكافحة الفساد.

«الرئاسي» يرمي كرة النار إلى حكومة بن بريك

ويعدّ موظفو القطاعَين المدني والعسكري أوّل ضحايا الاستيلاء على موارد الدولة؛ فبالإضافة إلى التأخر في صرف رواتبهم لشهور عدة، فقدت القيمة الشرائية للعملة الوطنية قوتها، وهو ما ضاعف معاناتهم، شأنهم شأن بقية المواطنين الذين يواجهون موجات غلاء متلاحقة وعجزاً عن تلبية احتياجاتهم الأساسية، في الوقت الذي تتقاسم فيه أطراف الحكومة شبكات الفساد والنهب المنظّم للإيرادات العامة.

وتشير تقارير اقتصادية إلى أن تحرير سعر الدولار الجمركي من دون توحيد الإيرادات وتفعيل الرقابة المالية قد يُفاقم الأزمة المعيشية، ويرفع أسعار السلع الأساسية بنسبة قد تتجاوز الـ30% كمرحلة أولى، خصوصاً مع تراجع الإنتاج النفطي. وفي ظلّ هذا الوضع، لا يجد بن بريك سوى الاستغاثة بـ«التحالف» الذي تتقاسم دولتاه، السعودية والإمارات، الهياكل السياسية الدستورية في البلد.

وذكرت وسائل الإعلام المحلية في عدن أن بن بريك يستعد لعقد لقاءات مع سفراء دول «الرباعية الدولية» (السعودية، الإمارات، أميركا، وبريطانيا)، إلى جانب فرنسا، بعد فشل 4 اجتماعات متتالية لـ«الرئاسي» في التوصل إلى تفاهمات حول آليات توحيد الإيرادات ونقل الصلاحيات إليه، في حين أشارت مصادر صحافية إلى أن رئيس الحكومة يسعى إلى الحصول على دعم دولي مباشر بعد تصاعد الخلافات داخل المجلس، معتبراً أن قيام رئيس «الرئاسي»، رشاد العليمي، وبعض الأعضاء، بعرقلة القرارات التنفيذية أدى إلى شلل حكومي، في وقت تواجه البلاد فيه أزمة مالية خانقة.

لكن صحافيين نقلوا عن سياسيين يمنيين قولهم عقب لقاء جمعهم مع ديبلوماسي غربي، إن السعودية تبدي استياء شديداً من أداء المجلس، رئيساً وأعضاء، وكذلك من أداء الحكومة، وهي ممتعضة من استمرار غياب القيادات اليمنية عن الداخل وعدم مباشرتها مهمات إدارة الدولة من داخل الأراضي اليمنية، وأنها باتت مقتنعة، وفقاً لما ورد على لسان سفيرها في اليمن، محمد آل جابر، بأن العليمي وأعضاء المجلس فشلوا في تحقيق الأهداف التي أُنشئ «الرئاسي» من أجلها، كما في إنجاز ما كانت المملكة تأمل تحقيقه عبره، على مختلف المستويات السياسية والعسكرية والاقتصادية.

في المقابل، يتهم هؤلاء السياسيون، الرياض، بصنع الفشل بيدها ثمّ تسويقه كمبرر لتمرير سياساتها في اليمن؛ إذ تُعطّل مسار الدولة، وتُشتّت الجيش، وتقيّد القرار السياسي، ثمّ إذا فشل اليمنيون في إدارة شؤونهم تخرج لتبرّر لنفسها وضع الوصاية الكاملة، وفرض ما تسمّيه «خارطة الطريق» كحل وحيد.

 

*لقمان عبد الله: الاخبارية البنانية

التعليقات مغلقة.