الشهادة.. قيمة الانتصار للمشروع الإلهي
صنعاء سيتي | مقالات | إبراهيم محمد الهمداني
أصبح “سبيل الله” هو العنوان الجامع، لمسار التضحية والجهاد والاستشهاد، وهو خلاصة طبيعة الصراع الوجودي الحتمي، وعلى ساحة “حتمية الصراع” و”وجوب التضحية”، تلتقي المجتمعات البشرية، في كل زمان ومكان، بمختلف عقائدها وأيديولوجياتها وثقافاتها، كلٌّ يخوض حربه الوجودية الحتمية، ويقدم تضحياته المقدسة، في سبيل ما يؤمن به، وهذا هو الإطار العام لمفهوم وطبيعة الصراع، في تاريخ المجتمعات البشرية، لكنه في جوهره وحقيقته، يرتكز على الصراع بين الخير والشر، حيث يحاول الأخير تدمير المشروع الإلهي، الذي فيه خير وسعادة البشرية، ويقدم المشروع الشيطاني الإجرامي، بكل ما فيه من انحراف وتوحش وظلم، ليصبح الناس عبيدا لفراعنة مجرمين، يحملون النهج الشيطاني المدمر، ولا يكتفون باستعباد البشر، بل يسوقونهم إلى مشروع الإجرام الشيطاني، ليخوضوا حروب الإبادة والمجازر الجماعية، ويمارسوا القتل والتدمير والتوحش، تحت راية الشيطان نفسه، وفي سبيل الاستكبار والأهواء والرغبات والمطامع الشيطانية، وما من عدو لهم سوى المشروع الإلهي، ليدخلوا بذلك في حرب مباشرة ضد الله جل وعلا، من خلال إعلان الحرب على أنبيائه وأوليائه، بهدف تعطيل إقامة القسط، الذي يرونه تهديداً وجودياً، لمشروعهم العنصري الإجرامي؛ وأمام ذلك النهج الضلالي الاستكباري، وقف نهج الانتصار للمشروع الإلهي القويم، تحت عنوان الجهاد والاستشهاد في “سبيل الله”.
طالما سعت قوى الشر والاستكبار، في تنفيذ مشروع الشيطان الرجيم، القائم على الظلم والبغي والطغيان، واستهداف المشروع القرآني، وحملته من الأنبياء والمرسلين الكرام، والأوصياء والأولياء والصالحين من الناس، القائمين بالقسط والحق، وقد اتصلت محاولاتهم في وأد المشروع القرآني، باغتيال رموزه وحامليه، عبر الزمان والمكان، وصولا إلى استهداف وقتل الشهيد القائد، حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليه، في رمزيته الدينية والروحية، فهو علم الهدى ومؤسس المسيرة القرآنية، واغتيال الشهيد الرئيس صالح الصماد، في رمزيته السياسية القيادية، واستهداف رئيس حكومة التغيير والبناء الشهيد المجاهد/ أحمد الرهوي، وعدد من وزراء الحكومة، في رمزيتهم السياسية ومشروعهم الإنساني الحضاري، بالتزامن مع عمليات اغتيالات وتصفيات مماثلة، لحاملي المشروع الإلهي التحرري الحضاري، على امتداد جغرافيا مشروع الجهاد والمقاومة، من اليمن إلى لبنان إلى غزة إلى العراق إلى إيران، بلا حد لتلك الجرائم النكراء.
انطلاقا من ثقافة الشهادة في سبيل الله، قدم يمن المشروع القرآني، أعظم قادته المدنيين والعسكريين، وأصدق مجاهديه وخيرة أبطاله، واتصلت قوافل العطاء والتضحية، من أعلى هرم السلطة إلى أسفله، ومن أقصى الشعب اليمني إلى أقصاه، ولم يكتف المسؤولون من رجال الدولة، في المستوى الرسمي الحكومي، بتصنيفهم في الصف الأول والثاني والثالث، في مقامات المسؤولية، ومسميات المناصب الإدارية، ولم تعد صورة السلطة مغرية في أعينهم، ولا أبهة السلطان مطمعاً في أنفسهم، لأن المشروع القرآني والثقافة القرآنية، قد أعادت صياغة تصوراتهم وفكرهم وثقافتهم، حتى أصبحت السلطة لديهم، معدومة القيمة صفرية المعنى، إلا بمقدار ما أقامت من الحق وأزهقت من الباطل، ولم تعد المناصب وسيلة لبلوغ الجاه والتشريف، بل هي محطات تكاليف إضافية، في ميدان خدمة الأمة، كما أن تصنيفهم سلطوياً وإدارياً – في تلك المراتب الثلاث الرفيعة – لم يعد قادراً على إقناعهم، بالبقاء في أبراجهم العاجية، كما كان سائدا في العرف السياسي سابقا، بل أصبح رجال الصف الأول والثاني والثالث، القائمين على السلطة وصناعة القرار، هم رجال الصف الأول مطلقا، في ميدان المواجهة العسكرية والأمنية والاقتصادية والتنموية، وفي ميدان الجهاد والتضحية والشهادة، انطلاقاً من إيمانهم الراسخ، بطبيعة المسؤولية العامة، في إطار صورة الدور والتكليف، التي قدمها المشروع القرآني العظيم، حيث معيار النجاح في المسؤولية، هو مدى توفيق الله وتسديده وتمكينه، وتحدد مؤشرات قبول الأعمال، بمدى الشعور بالرضى والارتياح الجمعي، وهكذا استعادت المسؤولية مفهومها العام، في طبيعتها الدينية الإيمانية، بوصفها جزءاً لا يتجزأ من الطقوس والشعائر الدينية، كما استعادت مرتكزات تجسيدها الفعلي، في مقام العمل والالتزام بالحق والعدل والتقوى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، من منطلق تكامل الأدوار، بين المستوى الفردي والمستوى الجمعي، للقيام بفريضة الاستخلاف المقدس، التي أعاد إليها المشروع القرآني، معناها ومضامينها وقيمتها وقداستها وروحيتها، واستطاع خلال عقدين من الزمن، أن يزهق تصورات واستراتيجيات قوى الشر، لمفهوم المسؤولية القائمة على الاستبداد والاستعباد، وصورة الاستخلاف؛ المفرغ من مضامينه الدينية وقيمه الروحية، ولذلك سارعت قوى الشر والطغيان – كعادتها – إلى إعلان الحرب على هذا المشروع العظيم، واستهداف رموزه وأعلامه وممثليه، القائمين بالحق الآمرين بالقسط، وها هي المعركة القائمة اليوم بين طرفي الإيمان والكفر، ولا توسط أو حياد بينهما، وقد أصبح الجهاد في سبيل الله لزاما، والشهادة هي خاتمة السعادة، ما دام الله سبحانه وتعالى قد “اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله فيقتلون ويُقتلون وعدا عليه حقا في التوراة والإنجيل والقرآن ومن أوفى بعهده من الله فاستبشروا ببيعكم الذي بايعتم به وذلك هو الفوز العظيم”.
التعليقات مغلقة.