غزة ومصر.. مَن المستهدَف أولًا؟!
صنعاء سيتي | مقالات | طاهر القادري
أخبِروا الأجيال القادمة: عندما قتل الصهاينة أكثَرَ من ستين ألف فلسطيني، كان المصريون مشغولين ببناء متحف جدّهم فرعون!
من اللحظة الأولى، حرص اليهود الصهاينة على استهداف مصر بالحرب الناعمة، وعملوا جاهدين على تمييع هُويتها وإفساد وعي شعبها.
فهم يدركون جيِّدًا مدى خطورة وجود شعبٍ عربيٍّ مؤمن، متمسكٍ بهُويته الإسلامية، على مقرُبةٍ من فلسطين المحتلّة.
وقد كان الشعب المصري -للأسف- أول من فتح ذراعَيه للثقافة الغربية المُلوَّثة بالرؤية الصهيونية، واستقبل موجاتِ “الحداثة” و”الانفتاح” قبل كُـلّ الدول العربية، بل وحتى قبل الصين؛ ظنًّا منه أنها ستحمل له التقدم والازدهار.
لكن ما الذي حدث؟
لم تشهد مصر أيَّ تقدّم حقيقي في العلوم، أَو الصناعة، أَو التعليم، أَو الأمن الغذائي.
وما يُروَّج له من “إنجازات اقتصادية” لا يعدو كونه نموًّا وهميًّا قائمًا على الاستثمارات الأجنبية، لا على الاكتفاء الذاتي أَو البناء الوطني المستقل.
أما الاكتفاء الوحيد الذي حقّقته؟
فهو في إنتاج مسلسلات وأفلام خليعة، فاسدة، وهَّـابطة، أوصلت المجتمع إلى إفلاسٍ تامٍّ في القيم الإيمانية، بل وحتى الإنسانية.
والشاهد الأوضح على هذا الانهيار هو موقف مصر من معركة “طوفان الأقصى”.
فما الذي فعلته مصر للشعب الفلسطيني، غير إغلاق معبر رفح البري والوقوف متواطئًا مع العدوّ الصهيوني؟
بل إنها تتبرّع بعشرات الجرافات للبحث عن جثث جنود الاحتلال، في حين أن خمسة عشر ألف شهيد فلسطيني ما زالوا تحت الأنقاض، ولم تتبرّع مصر بجرافة واحدة للبحث عن جثامينهم الطاهرة!
فيا ترى: ما هوية هذا النظام؟ وما هوية هذا الشعب؟!
لقد اتضح اليوم، بكل وضوح، أن الصهاينة كانوا يقتلون الفلسطينيين بالآلاف، بينما كان المصريون مشغولين ببناء متحف لجدّهم الفرعون!
واليوم، يحتفلون بافتتاحه، والابتسامات تملأ وجوههم، وتغصّ منصات التواصل الاجتماعي بالترويج للمتحف، ويتنافس الناشطون والمؤثرون على ارتداء الزي الفرعوني، كأنهم يحتفون بحضارةٍ ماتت منذ آلاف السنين، ويتناسون حضارةً حيةً تُذبح أمام أعينهم في غزة!
وهكذا ينجح اليهود في شدّ الناس إلى أعلامٍ منحرفة، وإلهائهم برموزٍ كافرة، وطمس معالم الأنبياء والصالحين، وتحويل الولاء من القبلة إلى الأهرامات!
ولكن مهما افتتحت مصر من متاحف، فلن تمحوَ من جبينها وصمة العار التي سجّلها التاريخ:
تخاذلها عن نصرة أهل غزة، ووقوفها إلى جانب القاتل، لا المقتول.
والتاريخ، يا سادة، لا يرحم.
التعليقات مغلقة.