المحافظات المحتلة.. عصابات الاختطاف والتعذيب تحكم المشهد وسط انهيار أمني شامل
صنعاء سيتي | تقرير خاص
في جريمة مروّعة تعكس حجم الانهيار الأمني في المحافظات الواقعة تحت سيطرة الاحتلال السعودي الإماراتي وأدواته، أقدمت مجموعة مسلّحة على اختطاف وتعذيب عدد من المواطنين، بينهم طفلٌ، في محافظة أبين جنوبي اليمن، في حادثةٍ صدمت الرأي العام وأكدت أن الفوضى باتت هي الحاكم الفعلي لتلك المناطق المنكوبة.
وبحسب مصادر محلية وتقارير إعلامية متطابقة، فإن مجموعة مسلحة اعترضت مساء الأربعاء عددًا من المواطنين في إحدى النقاط الأمنية بمنطقة أحور التابعة لمحافظة أبين، واختطفتهم إلى منطقة نائية تقع بين أحور والمحفد، حيث تعرّضوا لأبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي على مدى أكثر من اثنتي عشرة ساعة متواصلة.
ومن بين الضحايا الطفل خطاب الأيوبي، الذي أفادت الشهادات الميدانية أنه تعرّض للتهديد بالذبح والدفن حيًّا، إلى جانب ضرب مبرح وتجريد من الممتلكات الشخصية، في مشهد يختصر حالة الانفلات الأمني والفوضى التي تعيشها المحافظات المحتلة.
ووفقاً للمصادر فقد قام المسلحون بعد ذلك برمي المختطفين في أحد الأودية بمنطقة سناح القريبة من مديرية المحفد، وهم في حالة إعياء شديد وإصابات متفاوتة الخطورة، بعد أن سُلبت منهم أموالهم ومقتنياتهم بالكامل.
الطريق الرابط بين أحور والمحفد لم يعد مجرد ممرٍّ للمسافرين، بل تحوّل إلى طريق موتٍ تعجّ به العصابات المسلحة وقطّاع الطرق الذين يمارسون جرائم النهب والاعتداءات اليومية في ظل غياب تام للأجهزة الأمنية التابعة لحكومة الفنادق.
ويؤكد الأهالي أن تلك الطرق باتت مسرحًا مفتوحًا للجرائم، إذ تنتشر فيها نقاط يديرها مسلّحون تابعون لفصائل متعددة الولاءات، بعضها يرتبط مباشرة بقوات الاحتلال الإماراتي، بينما تعمل أخرى تحت مظلة ما يسمى بـ”االمجلس لانتقالي”، وسط تواطؤ واضح من الجهات الأمنية التي تغض الطرف عن الجرائم أو تشارك فيها أحيانًا.
تأتي هذه الحادثة في وقتٍ تتصاعد فيه الفوضى والانفلات في المحافظات المحتلة، بينما تغرق حكومة الفنادق في صراعاتها على المناصب والعائدات النفطية، تاركةً المواطنين يواجهون مصيرهم في واقعٍ أشبه بالغابة.
ففي عدن وأبين وشبوة وحضرموت، تتواصل الاشتباكات بين فصائل المرتزقة المدعومة من السعودية والإمارات، يتنازعون السيطرة على الموانئ والمنافذ والإيرادات، بينما تنهار الخدمات الأساسية بشكلٍ غير مسبوق.
الكهرباء منقطعة لساعات طويلة، والمياه شبه معدومة، والأسعار ترتفع بلا ضوابط، في حين تنشغل أدوات الاحتلال في نهب الثروات وتصدير النفط وبيعه لحساب تحالف العدوان ومرتزقته.
ويرى مراقبون أن ما يجري في أبين وسائر المحافظات المحتلة ليس مجرد “انفلات أمني عابر”، بل هو انهيار ممنهج ومقصود يسعى تحالف العدوان من خلاله إلى إبقاء المحافظات المحتلة في دوامةٍ من الفوضى، تمهيدًا لترسيخ نفوذه ونهب مقدّرات البلاد دون مقاومة شعبية منظمة.
ويشير المراقبون إلى أن تنشيط الجماعات المسلحة والعصابات الإجرامية، وتعدد القوى المتصارعة داخل المدن المحتلة، هي سياسة متعمّدة ينتهجها الاحتلال السعودي الإماراتي لإبقاء تلك المناطق في حالة شلل دائم، تمنع أي نهوض وطني أو إدارة مستقلة للموارد.
ورغم تزايد الجرائم والانتهاكات، لم تصدر أي مواقف من الأمم المتحدة أو المنظمات الدولية إزاء ما يتعرض له المدنيون في المحافظات المحتلة، في تكرارٍ للمشهد المألوف من الصمت الأممي المريب تجاه الجرائم الواقعة في مناطق نفوذ تحالف العدوان.
إن هذا التجاهل الدولي، كما يؤكد ناشطون حقوقيون، يعكس ازدواجيةً فاضحة في المعايير الإنسانية، حيث يُدان الضحية وتُبرّأ يد الجلاد، بينما يترك أبناء المحافظات المحتلة يواجهون مصيرهم تحت نير العصابات وأدوات الاحتلال دون حماية أو مساءلة.
حادثة اختطاف الطفل خطاب الأيوبي ليست سوى نموذجٍ مصغّرٍ لمأساةٍ كبرى يعيشها أبناء المحافظات المحتلة، حيث تغيب الدولة ويغيب القانون، ويُستبدل الأمن بعصاباتٍ تتقاسم النفوذ، وتُدار المدن بالمال والسلاح.
وفي ظل هذا الواقع المظلم، تبقى المحافظات المحتلة رهينةً للفوضى التي صنعها تحالف العدوان، فيما تتزايد قناعة الشارع بأن الخلاص لن يكون إلا باستعادة السيادة وإنهاء الاحتلال، وعودة القرار الوطني إلى صنعاء التي تمثل اليوم مركز الدولة وحصن الأمن والاستقرار لكل اليمنيين.
*نقلاً عن موقع 21 سبتمبر
التعليقات مغلقة.