الشهيد القائد وأسبوع الشهيد.. بل أحياءٌ

صنعاء سيتي | مقالات | عبدالله علي هاشم الذارحي

 

 

تخيّل أنك تائهٌ في صحراءَ قاحلةٍ جرداء، لا زادَ معك، ولا راحلةَ تحملك، ولا دليلَ يرشدك، ولا حتى قطرةَ ماءٍ تنقذك من العطش.

تتخبط في الظلام، صباحَ مساءَ، خائفًا من كُـلّ صوتٍ، تترقّبُ سطوةَ الأعداء، وأنت بلا سلاحٍ، ولا نورَ يهديك في ليلةٍ غابت عنها النجوم.

وهو زادك عمىً على عمىً، حتى ضاقت بك الأرض برحبها، وصرتَ منهكَ القوى، محاطًا بالأُسْبُع من كُـلّ جانب، متيقّنًا أن الهلاك آتٍ لا محالة.

ثم، في لحظةٍ من لحظات اليأس، يهيّئ الله لك رجلًا ينقذك.

يمنحك زادًا وماءً، وراحلةً تُريحك، ودليلًا يهديك، وسلاحًا تذود به عن نفسك، ونورًا يُبيّن لك مكامن الداء ويصف لك الدواء.

يحثّك على مواصلة السير على بيّنةٍ وهُدىً، فلا تضلّ بعدهما أبدًا.

وبعد رحيله، تشعر أنك وُلدت من جديد، وأن الله كتب لك بقاءً في العمر.

فما شعورك تجاه هذا المنقذ؟

وهل لك أن تنسى فضله، لو علمت أنه من أعلام الهدى، وحفيدٌ من أحفاد المصطفى ﷺ؟

الجواب لا يحتمل تردّدًا: لا، لا، لا..

إلى ما لا نهاية.

أسبوع الشهيد: محطة تزودٍ بالثبات

ها هو “أسبوع الشهيد” يعود ليذكّرنا بالسيد الشهيد القائد حسين بن بدر الدين الحوثي، ورفاق دربه الأوفياء -سلام الله عليهم أجمعين-.

إنَّه ليس مُجَـرّد ذكرى يُحتفَى بها، بل محطةٌ نتزود منها بالثبات على الحق، من أُولئك الذين بذلوا أرواحهم رخيصةً في وجه الباطل، في كُـلّ زمانٍ ومكان.

في هذه الذكرى، نقف وقفةَ مراجعةٍ صادقة:

كيف كنا بالأمس؟

وكيف أصبحنا اليوم؟

وإلى أين نسير غدًا؟

الفرق بين حالنا قبل وبعد لا يُدركه إلا من عاش التيه ثم وجد النور.

يقول الله تعالى: ﴿أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا؟﴾ [الأنعام: 122]

هذا ليس كلامًا نظريًّا، بل واقعٌ عاشه الشعب اليمني الكريم.

فاليوم نعيش بعزةٍ وكرامةٍ، بفضل الله أولًا، ثم بفضل الشهيد القائد، ثم بدماء الشهداء الأطهار الذين سالت دماؤهم في سبيل الحرية، وهم اليوم أحياءٌ في جناتٍ تجري من تحتها الأنهار، وأحياءٌ في قلوب الأحرار وذاكرتهم.

طوبى لمن سار على درب هؤلاء الأبرار، وواجه تحالفَ العدوان الغاشم، ورفض الذلّ والخنوع.

فهم لم يكتفوا بالكلام، بل قدّموا أرواحهم فداءً للحق، وسطّروا بطولاتٍ حيدريةً لا تَفُتّ الأنظار، ورووا بدمائهم الطاهرة أرضَ “يمن الإيمان والحكمة”، ليقطف الأجيال القادمة ثمارَ الحرية والكرامة.

خاتمةٌ لا تليق.. لكنها واجب

لا مقال، ولا مقام، ولا كلامٌ، ولا أشعار، تليق بمقام الشهيد القائد والشهداء الأخيار.

يكفينا فخرًا أنهم وقفوا في وجه كُـلّ الأخطار، وضحّوا دون تردّد.

فسلام الله عليهم ما تعاقب الليل والنهار، وسلام الله على كُـلّ أسرة قدّمت ولدها شهيدًا – والله اختاره، وسلام الله على أبناء الشهداء الأبرار، وسلام الله على سيد القول والفعل، قائد ثورة الأنصار، المدافع عن اليمن وغزة الأحرار، المقاوم للاستكبار.

فهو بحقٍّ فخر الأُمَّــة وقائدها، وعلى يديه – بإذن الله – يتحقّق النصر.

ولعنة الله على تحالف الشرّ الغدّار، وعملائه الفُجّار.

التعليقات مغلقة.