مجدَّدًا.. غزة تحت النار والحصار

صنعاء سيتي | مقالات | فهد شاكر أبوراس

 

 

مجازر متسارعة ومسعى صهيوني لنكث الاتفاق وفرض معادلات جديدة

تتواصل جرائم العدوّ الصهيوني في قطاع غزة بحلقات متسارعة، لا تهدف سوى إلى فرض معادلات جديدة على الأرض تحت وطأة النار ودخان المجازر، مدعومة بتواطؤ أمريكي مكشوف لم يعد يحتمل أي لبس أَو مواربة.

في مشهدٍ يعيد إنتاج سيناريوهات الاستعمار البائدة، يسعى الاحتلال إلى كسر إرادَة شعبٍ رفض الانحناء طوال عقود من الظلم والاحتلال.

فالعدوان الإسرائيلي الأخير على غزة، بتصعيده الغادر والممنهج ضد المدنيين العُزّل، يعكس نيةً مبيَّتة لتفجير الأوضاع من جديد، واستباق أي احتمالات لإنجاز اتّفاق سياسي عادل، عبر خلق واقع دموي يدفع بالمنطقة بأكملها إلى حافة الهاوية.

مذبحة تحت غطاء الدخان

ما شهدته ساحات غزة منذ مساء الثلاثاء، وحتى اليوم من غارات عنيفة طالت خيام النازحين والبيوت الآمنة، وما خلّفه ذلك من استشهاد + 140 فلسطينيين – بينهم 46 طفلًا و20 امرأة – وإصابة أكثر من 250 آخرين، ليس سوى فصلٍ جديد من فصول الحرب المفتوحة على الوجود الفلسطيني نفسه.

في هذا المشهد، تتحول المآسي اليومية إلى محاولات يائسة لطمس الحقوق وتركيع المقاومة، وكأن الدم الفلسطيني سلعةٌ رخيصةٌ تُقدّم قربانًا لسياسات التفريغ والتهجير.

أمريكا: شريك في الجريمة، لا وسيط للسلام

في خضم هذا المشهد الدموي، يبرز الدور الأمريكي ليس كوسيط نزيه، بل كشريك فعلي في سفك الدماء.

فقد منح التواطؤ الأمريكي السافر حكومة نتنياهو الفاشية غطاءً سياسيًّا وعسكريًّا لا محدود، عبر:

توفير الغطاء الدبلوماسي في المحافل الدولية، تمويل الترسانة العسكرية التي تذبح الأطفال والنساء، والتلاعب بمسارات المفاوضات بما يخدم استمرار العدوان.

لقد بات واضحًا أن واشنطن، بمواقفها المنحازة للاحتلال، لم تعد قادرة على ادِّعاء الحياد.

فصمتها المتواطئ، ودعمها المطلق، وتحريكها لمناقشات جوفاء في أروقة الأمم المتحدة، كلها تمثّل تشجيعًا مباشرًا لاستمرار المجازر، وضربًا لكل الجهود الهادفة إلى إحلال سلامٍ حقيقي قائم على العدالة.

المقاومة: صمودٌ لا يُكسَر

في مواجهة هذه الآلة الوحشية، تظل المقاومة الفلسطينية صامدة كالجبال، متمسكة بحقها في الدفاع عن شعبها وأرضها.

وهي، رغم التزامها باتّفاق وقف إطلاق النار بإرادَة مسؤولة وجماعية، لن تسمح لأحد بتجاوز الخطوط الحمراء أَو فرض وقائع جديدة تحت نيران العدوان.

لقد أثبتت فصائل المقاومة، عبر اختبارات النار المتتالية، أنها ليست مُجَـرّد رد فعل على الجرائم، بل طرفٌ فاعل يصنع التاريخ ويحمي الحقوق.

وهي قادرة – متى ما اقتضى الأمر – على حسم المعادلات لصالحها، مهما بلغت درجة الدعم الخارجي للاحتلال.

الصمود رسالة.. والدم وقود التحرير

إن صمود غزة اليوم هو ترجمة حية لإرادَة شعبٍ يرفض الموت رغم كُـلّ محاولات الإبادة، وشاهدٌ على فشل كُـلّ المحاولات لكسره أَو تفتيته.

والدعوات التي تطلقها فصائل المقاومة إلى الوسطاء والضامنين لتحمل مسؤولياتهم في مواجهة هذا الانفلات العدواني ليست استجداء، بل تذكيرًا بالواجب الإنساني والأخلاقي الذي يجب أن يتحلّى به الجميع.

فمن غير المقبول أن يبقى العالم صامتًا أمام استهداف الخيام والأطفال والنساء، وأمام سياسة “الأرض المحروقة” التي يمارسها الاحتلال بلا رادع.

النار لا تُطفأ بالنار.. بل بالعدالة

الضغوط الحقيقية يجب أن تُمارس على حكومة الاحتلال لوقف مجازرها والالتزام ببنود الاتّفاق.

وإلا، فإن المنطقة ستظل ساحةً مفتوحةً للصراع، ولن تهدأ نيران المقاومة ما دامت نيران العدوان متقدة.

وستثبت غزة، برغم جراحها العميقة، مرةً أُخرى أنها قادرة على تحويل المعاناة إلى إرادَة، والدم إلى نصر.

فـ مقبرة الغزاة لن تكون سوى شاهدة على خيارات شعبٍ يرفض أن يكون ضحية، ويصرّ على أن يكون صانعًا لمستقبله.

فالدماء التي تسيل اليوم في أزقة غزة وحاراتها ليست سوى وقود التحرير القادم، والشهداء الذين يسقطون برصاص الغدر هم شعلة الطريق إلى الحرية، وغزة التي تقاوم لا يمكن أن تُهزم، وشعبٌ يرفض الموت لا بدّ أن ينتصر.

التعليقات مغلقة.