الإمارات في اليمن: نحن أحقّ بالذهب!

صنعاء سيتي | صحافة 

 

 

بعد نحو عامين من إغلاق فصائل موالية للإمارات منطقة جبل النار الواقعة بالقرب من مدينة المخا الساحلية غربي اليمن، بذريعة إنشاء معسكر فيها، تداول العشرات من الناشطين اليمنيين، ومعظمهم موالون للتحالف السعودي ـ الإماراتي، صوراً التقطت بواسطة الأقمار الاصطناعية عن نشاط إماراتي يتركّز في التنقيب ونقل خامات متعدّدة من المعادن من المنطقة. وأظهرت الإحداثيات أن الإمارات أحاطت المنطقة بوجود عسكري، وكشفت عن وجود معدّات تنقيب ضخمة، منها ما له علاقة بالحفر ومعالجة الخامات المستخرجة.

 

كذلك، أكد تحقيق استقصائي نشرته مؤسسة «هنا عدن»، أن أبو ظبي تقوم بتعدين سطحي في جبل النار، وهي تقنية تُستخدم لاستخراج خامات عالية القيمة أو بكميات كبيرة. وأرجعت استخدام هذه التقنية إلى ارتفاع تكاليف إزالة الطبقات السطحية، ونقلت عن مصادر محلية أن الخامات التي تتعرّض للتجريف تحتوي على معادن ثمينة مثل الفوسفات أو التيتانيوم أو الجرمانيوم المرتبط بخامات الزنك. ووسط سخط شعبي في تعز جراء النهب الإماراتي للثروة المعدنية في المحافظة، اكتفت حكومة عدن بإصدار بيان على لسان «هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية»، نفت فيه وجود معدن الذهب في جبل النار.

 

على أن الكلام عن سرقة الإمارات للثروات اليمنية عمره سنوات، ويشمل مناطق تمتد من غرب محافظة تعز وحتى محافظات أبين وشبوة وحضرموت والمهرة شرق البلاد. لكن حجم التجهيزات والمعدات في جبل النار، يؤكد أن هناك شركات إماراتية تعمل بطريقة غير قانونية على استنزاف ثروات اليمن المعدنية. ويقول خبير جيولوجي في صنعاء، لـ«الأخبار»، إن «ما كشفته صور الأقمار الاصطناعية التي تم تداولها أخيراً، يشير إلى أن الإمارات استقدمت عبر شركات تابعة، معدات ضخمة إلى هذا الموقع بحراسة الميليشيات التابعة لها بقيادة طارق صالح، بعدما كانت في السابق توكل هذه المهمة إلى مقاولين محليين تحميهم فصائل عسكرية».

 

وفي الأشهر الماضية، كشفت مصادر محلية في محافظة حضرموت عن احتجاز عدد كبير من الشاحنات المحمّلة بالأحجار الكريمة والتي كانت متجهة عبر الطرق الدولية الرابطة بين المحافظات الجنوبية والشرقية لليمن، تمهيداً لتهريبها إلى الإمارات. وقالت إن فصائل مسلحة حضرمية تابعة للسعودية صادرت كميات كبيرة من هذه الشحنات، في حين قدّر خبراء في «هيئة الجيولوجيا والمعادن» في صنعاء، ما يتم نهبه من الأحجار الكريمة بنحو ربع مليار دولار سنوياً.

شركات إماراتية تُحضر معدات ضخمة لاستخراج المعادن من منطقة جبل النار في المخا

ولم يقتصر النهب المنظّم للثروات المعدنية من قبل الإمارات، على معدن دون آخر. إذ إن أبو ظبي التي دخلت الاستثمار في قطاع المعادن اليمني عام 2006، عملت على العبث بعدد من مناجم الذهب في حضرموت. ورغم توقّف كل الشركات الإماراتية العاملة في هذا المجال عام 2018، وفقاً لمصادر حكومية في مدينة عدن، إلا أن شركة «ثاني دبي للتعدين»، ظلّت تعمل في منجمين للذهب في وادي حضرموت حتى عام 2022.

 

وأواخر العام الماضي، أوقف «حلف قبائل حضرموت» الموالي للسعودية، تصدير كميات كبيرة من خام الرمال السوداء من ميناء المكلا. وقال حينها إنه سيمنع تصدير أي ثروات حضرمية، وذلك بعد أن سيطر على 5 قطاعات نفطية في المحافظة بدعم سعودي. وفي حين يضع مراقبون ما يحدث هناك في إطار صراع النفوذ المحتدم بين الموالين للسعودية والإمارات، تدخّلت حكومة عدن عبر «هيئة الجيولوجيا والمعادن» لتوجّه بتصدير شحنة مكوّنة من 250 طناً من الرمال السوداء من الميناء، وهو ما أدانته حكومة صنعاء، وحذرت في بيان صادر عن الجهة المعنية بالحفاظ على الثروات المعدنية فيها، من استمرار تجريف هذه الثروات، باعتبارها مورداً وطنياً يحتوي على معادن سيادية خاصة بالدولة لا يسمح القانون اليمني بتصديرها.

 

ووفقاً لقانون المعادن اليمني النافذ، فإن هذا النوع من المعادن الثقيلة العالية القيمة الاقتصادية، يوجد بكميات كبيرة في المناطق الشرقية والغربية من ساحل حضرموت. ويقول الخبير الجيولوجي الذي رفض الكشف عن اسمه إن «حكومة عدن باعت الطن من الرمال السوداء بنحو 220 دولاراً فقط، بينما سعره يتجاوز الـ2000 دولار، وهو ما يؤكد أن هناك شبكة مصالح ونفوذ تقف وراء تجريف وتهريب هذا المعدن الإستراتيجي».

 

وسبق أن أكد تقرير صادر عن «معهد أطلس للشؤون الدولية» أن «الطموحات الجيوسياسية الإماراتية امتدت بشكل واضح للسيطرة على الموارد الطبيعية، وعلى رأسها الذهب اليمني». ووفقاً للمعهد، فإن الإمارات تمكّنت عبر «المجلس الانتقالي الجنوبي» من الوصول إلى المناطق الغنية بالمعادن الثمينة. وفي الإطار نفسه، أكد تقرير دولي نشرته «منصة الطاقة المتخصصة»، ومقرها واشنطن، أواخر أيار الماضي، امتلاك اليمن احتياطيات كبيرة من الذهب، والزنك، والفضة، والحديد، وغيرها من المعادن، موزعة على محافظات حجة، وصنعاء، وحضرموت، والبيضاء والحديدة، مشيراً إلى أن الصراعات السياسية والأمنية تبقى عائقاً رئيسياً أمام جذب الاستثمارات وتفعيل عمليات التنقيب والإنتاج.

التعليقات مغلقة.