دراسة: النحافة ليست دليلا على الصحة وقد ترتبط بمشاكل صحية

صنعا

 

 

كشفت دراسة حديثة أن النحافة ليست بالضرورة دليلا على صحة الجسد، بل إنها قد تكون خطيرة كزيادة الوزن تماما.

ونشر موقع “إف.بي.ري” الروسي تقريرا يسلط الضوء على دراسات علمية حديثة تكشف أن النحافة المفرطة قد تخفي مشكلات صحية كبيرة تماما مثل السمنة.

وقال الموقع في تقريره إن النحافة ارتبطت في الأذهان بالصحة الجيدة، على عكس السمنة التي يُنظر إليها كخطر محدق على حياة الإنسان.

غير أن الأبحاث الطبية الحديثة بدأت تغير هذا التفكير النمطي بشكل جذري، حيث اتضح أن النحافة قد تخفي مشاكل صحية كبيرة.

وقال الموقع إن دراسة دنماركية خلصت إلى نتائج صادمة فيما يتعلق بمفهوم “الوزن المثالي”. تابع الباحثون أكثر من 85 ألف شخص تجاوزوا سن الخامسة والستين، ليكتشفوا نتائج مقلقة: الأشخاص الذين يعانون نقصاً في الوزن (مؤشر كتلة الجسم أقل من 18.5) كانوا أكثر عرضة للوفاة بنحو ثلاثة أضعاف من أولئك الذين تراوح مؤشر كتلة أجسامهم بين 22.5 و24.9، وهي الفئة التي يطلق عليها الخبراء اسم “المؤشر الذهبي”.

كما أظهرت الدراسة أن الفئة التي تُصنف ضمن الحدود الطبيعية للنحافة (مؤشر كتلة الجسم بين 18.5 و19.9) كانت أكثر عرضة للوفاة بمرتين. في المقابل، لم يزد معدل الوفيات في فئة السمنة الطفيفة مقارنة بأصحاب “الوزن المثالي” إلا بشكل طفيف وغير مؤثر من الناحية الإحصائية.

هذه النتائج دفعت الباحثين إلى إطلاق مصطلح جديد على هذه الظاهرة: “مفارقة النحافة”، في إشارة إلى أن النحافة المفرطة قد تشكل تهديداً صامتاً لا يقل خطورة عن السمنة، وربما يفوقها تأثيراً على صحة كبار السن.

وذكر الموقع أن انخفاض الوزن قد لا يكون في الغالب دليلاً على الصحة الجيدة، بل علامة على مرض حفي ينهك الجسم.

فالأمراض السرطانية والالتهابات المزمنة واضطرابات الغدة الدرقية، وحتى فيروس نقص المناعة البشرية، جميعها قد تؤدي إلى تدهور تدريجي في كتلة الجسم.

في هذه الحالات، لا تكون النحافة هي المشكلة بحد ذاتها، بل نتيجة مباشرة لمعركة يخوضها الجسم من الداخل، حيث يستهلك المرض طاقته وموارده حتى يصل به إلى الهزال، فيكون المرض هو السبب الحقيقي للوفاة المبكرة، وليس النحافة بحد ذاتها.

وقد يفتقر أصحاب الأجسام النحيفة إلى مخزون الطاقة الضروري لمواجهة الأزمات الصحية. ويعدّ النسيج الدهني خط الدفاع الأول الذي يمكّن الجسم من تجاوز الفترات الصعبة، سواء كانت عدوى خطيرة أو عملية جراحية  أو إجهاداً جسدياً حاداً.

وعندما يكون مؤشر كتلة الجسم منخفضاً للغاية، تتضاءل قدرة الجسم على مواجهة التحديات الصحية واستعادة توازنه. وعند حدوث أزمة صحية كبرى، مثل التهاب رئوي حاد أو قصور في القلب، تصبح فرص النجاة ضئيلة لأصحاب الجسم النحيف.

*العدو الخفي

أكد الموقع أن الاكتشاف الأكثر إثارة للدهشة يتمثل في أن النحافة لا تعني بالضرورة عدم وجود السمنة في الجسم، حيث يمكن للشخص النحيف أن يعاني مما يُعرف بـ”السمنة الخفية”.

قد يبدو الشخص ذا وزن مثالي وقوام رشيق، غير أن الدهون تتراكم في جسمه بصمت، خصوصاً حول الأعضاء الداخلية والكبد، ويطلق الأطباء على هذه الحالة اسم مرض الكبد الدهني غير الكحولي.

ويؤكد أطباء الجهاز الهضمي أن عدداً كبيراً من أصحاب الجسم النحيف يعانون ارتفاعاً في مستويات الكوليسترول وسكر الدم، ليس نتيجة سوء التغذية، بل بسبب خلل عميق في آليات الأيض الخلوية. ومع تعطل قدرة الكبد على معالجة الدهون، تبدأ بالترسّب داخل أنسجته، مسببة أضراراً جسيمة.

قد يبدو هؤلاء الأشخاص في كامل صحتهم، غير أن الشرايين تتعرض لنفس التلف الذي يصيب مرضى السمنة المفرطة، ما يجعل احتمالات إصابتهم بالنوبات القلبية أو السكتات الدماغية مرتفعة بالقدر نفسه تقريباً.

وكشفت دراسة أمريكية شملت أكثر من 18 ألف شخص عن نتيجة صادمة: أصحاب الأجساد النحيفة المصابون بتشحم الكبد يواجهون خطر الإصابة بأمراض القلب والشرايين تماما مثل مرضى السمنة.

وتشير نتائج الدراسة إلى أن احتمالات تعرض هذه الفئة للجلطات والسكتات الدماغية قد تكون أعلى، لأن حالتهم غالباً تمر من دون تشخيص أو متابعة. فالمريض الذي يعاني من زيادة الوزن عادة ما يخضع للفحوصات الطبية ويتم توجيهه لتلقي العلاج، على عكس الشخص النحيف الذي يصعب اكتشاف إصابته بتشحم الكبد.

*المؤشر الحقيقي للصحة الجيدة

يؤكد الأطباء أن الاعتماد على الوزن وحده كمؤشر للصحة أمر مضلل، والأهم هو الانتباه لأماكن تراكم الدهون في الجسم. فالدهون الموزعة تحت الجلد بشكل متساوٍ لا تشكل خطراً كبيراً، أما إذا تراكمت في منطقة البطن، وخاصة حول الكبد والبنكرياس والأمعاء فإن ذلك يُعدّ إنذارا مبكرا.

وتشير الإرشادات الصحية إلى أن محيط الخصر الطبيعي ينبغي ألا يتجاوز 80 سم للنساء و94 سم للرجال، وما فوق ذلك يتطلب إجراء فحوصات للكبد ومستويات السكر والكوليسترول حتى وإن بدا الشخص نحيفاً.

كما أن إنقاص الوزن يحب أن يكون تدريجياً، بمعدل كيلوغرام واحد أسبوعياً، لأن فقدان الوزن السريع قد يؤدي إلى تكوّن حصوات في المرارة ولا يحل مشكلة السمنة الداخلية.

وفي بعض الحالات، قد يتواصل التهاب الكبد بعد التخلص من الوزن، ما يستدعي إجراء فحوصات دم والحصول على العلاج المناسب.

وختم الموقع بأن المؤشر الحقيقي للصحة الجيدة يكمن في حالة الأعضاء الداخلية وقيامها بوظائفها الحيوية، لا في المظهر الخارجي، لذلك من المهم التخلص من مفهوم الوزن المثالي والتركيز على التغذية المتوازنة والنشاط البدني المنتظم والنوم الكافي والفحوصات الطبية الدورية.

 

 

*عربي21

التعليقات مغلقة.