دم القادة لا يُهدر، بإستشهاد معمار القوة الصاروخية اللواء الركن محمد الغماري
صنعاء سيتي | مقالات | براق المنبهي
في لحظةٍ تختلط فيها الفجيعة بالفخر، وتتمازج فيها دماء القادة على تراب العزة، جاء نبأ استشهاد اللواء الركن محمد عبد الكريم الغماري، القائد الجهادي الذي لم يكن مجرد اسم في سجل القيادة، بل كان حجر أساس في بناء القوة الصاروخية التي أرّقت العدو الإسرائيلي، وأعادت تعريف المعادلة العسكرية في المنطقة.
اللواء الركن محمد الغماري، الذي عرفته الجبهات قبل أن تعرفه المنابر، لم يكن رجلاً عاديًا في زمنٍ استثنائي. قاد تطوير القوة الصاروخية من مرحلة التجريب إلى مرحلة الردع، وجعل من السماء اليمنية منصة لإيصال الرسائل التي لا تُقرأ إلا بالنار. العدو الإسرائيلي أعلن استهدافه مرتين، وفشل في كل مرة، لأن الغماري لم يكن هدفًا سهلًا، بل كان عقلًا متحركًا، وروحًا لا تُقيدها الأقمار الصناعية.
وقبل أن يُكرّمه الله بالشهادة، رسّخ الغماري اسمه كمطور للقوة الصاروخية اليمنية، التي أصبحت كابوسًا للكيان الصهيوني ، منذ توليه رئاسة هيئة الأركان لم يكن الغماري بعيدًا عن فلسطين، بل كان أقرب إليها من كثيرين ممن يتغنون بها. كان يخاطب كتائب القسام بلغة القرآن، ويخاطبونه بـ”سيدي هاشم”، الرجل القرآني الذي لم يساوم على مبدأ، ولم يتراجع عن وعد. كان يرى في غزة امتدادًا لصنعاء، وفي السنوار أخًا في الميدان، لا مجرد حليف سياسي.
استشهاد الغماري لم يكن مفاجئًا لمن يعرف أن الشهادة شرف، وأن العز لا يُنال إلا بالتضحية. فقد ضحينا من قبل بالشهيد القائد وبالرئيس صالح الصماد، ولم تتوقف المسيرة، بل جاء خلفه من يحمل الراية، واليوم جاء القرار الرئاسي سريعًا وحاسمًا تعيين اللواء الركن يوسف حسن المداني رئيسًا لهيئة الأركان العامة، خير خلف لخير سلف، في لحظة تؤكد أن القيادة لا تُكسر، بل تتجدد.
وفي الوقت الذي ارتفعت فيه أصوات النباح الإعلامي من بعض العرب الشامتين، كان دم الغماري يختلط بدم قادة غزة، ليقول للعالم إننا لا نُهزم، وإننا لا نُباع في مزادات السياسة. هؤلاء الذين يفرحون بإستشهاد القادة، لا يدركون أن موتهم هو حياة لنا، وأن عزنا يُكتب بالدم لا بالحبر.
صنعاء شامخة، وستذوق دول الخيانة عواقب أفعالها قريبًا. فالتاريخ لا يرحم، والدم لا يُنسى، والغماري سيبقى حيًا في كل صاروخ ينطلق، وفي كل قائد يحمل الراية، وفي كل شعب يرفض الانكسار.
هذا الحدث ليس ضعفًا، بل قوة تُغيظ اليهود، وتُذكّرهم بأن التاريخ يُكرّم الثابتين، ويُذل المنافقين كما في فلسفة المقاومة اليمنية، الشهادة ليست مصيرًا بل شرفًا يُكرّم به الله أهله، ولا عزّ إلا بالتضحية، وأن كل قطرة دم في اليمن فداء لله ولأرض فلسطين، وأن تضحياتنا ليست عبثًا، بل هي وقود لجيل جديد من المجاهدين.
التعليقات مغلقة.