روح الولاء والعشق الأبدي.. اليمن في حضرة المولد النبوي
صنعاء سيتي | مقالات | عبد القوي السباعي
في لحظةٍ يشتدُّ فيها لهيبُ الحرب ويزمجرُ فيها غدرُ الغارات فوقَ رؤوس المجاهدين الأبطال في غزة العزة، ويمن الحكمة؛ ينبثقُ من أعماق الروح صدى العشق الأبدي، ملحمةً مكتوبةً بحبرِ الدم، معمودٌ بها الولاء والتضحية والفداء.
هُنا اليمن، حَيثُ يقف القلب رافعًا راية الإباء والكبرياء، لا ينحني إلا لجبروت رب الأرض والسماوات، ولا يهدأ إلا في حضرة القُدوة العالمية، سيد البشرية النبي الأكرم محمد -صلى الله عليه وآله وسلم- هذا الذي وهب الدينَ روحَه، وأضاء الكونَ بسراج نورِه.
فيا لها من ذكرى تتجدّد مع كُـلّ نسمة هواء، مع كُـلّ نبضةٍ تحفرها عروق الصمود والثبات في صدر الزمن، ويسمو بها اليمن حين يسطّر بدمائه أسمى معاني الإخلاص والوفاء والحب والولاء، في ملكوت عشقٍ صادقٍ لا ينطفئ وهجه.
يا لفرحة الدنيا حين تحتفي بيوم قدومه، تتفتحُ الأزهار، كما تتراقصُ النجوم، ويصدَحُ اليمنيون بصرخاتٍ لا تعرف الخفوت، عاهدوا الله وأقسموا بالمضي للتحرير مهما كان التضحيات، وأن يبقوا على العهد مهما طال الليل، ومهما احتدم الظلام.
يمضي بها الأنصار، يقودهم نورُ الهداية الربانية، ودُرَّةُ المسيرة القرآنية، من صنعاء إلى مكة فالمدينة المنورة، ومن صعدة إلى الأقصى وغزة، من منبر الحكمة والإيمان إلى مشهد القدسية ومقصد الحرية، ليعلو صوت الحق في وجه ظلمات الجهل والضلال، والبغي والإجرام.
عتادُهم كلمة الله التي تجري كالدماء في عروقهم، وزادهم حب النبي الأكرم الذي لم يذبل؛ فرفعهم من حدود الضعف والانكسار، إلى مصاف العُلا وقمة المجد، وجعلهم يواجهون جبروت طغاة العالم، ويكتبون بأيديهم أروع قصائد الجهاد والمقاومة، والثبات والتحدي.
وحتى حين ضاعت الأُمَّــة بين أهوال التخلي، تائهةً في دهاليز الوهن والخضوع والخِذلان، مكث اليمنيون غيرَ بعيد؛ فحملوا عنها راية الحق راية الرسول الأعظم، بأنوفٍ حمية ونفوسٍ أبية، لم ترضَ الذل، ولم تخضع لمعتدٍ باغٍ، ولم تتخلَّ عن مبادئ الخير والعدل؛ فبات إيمانهم متجذرًا كجذور البُن في واحة الصمود، متينًا كصخرةٍ لا تلين أمام عواصف الغدر والعدوان.
كل صرخةٍ في وجه الطغاة المجرمين، وكل قطرة دم ودمعةٍ سالت على تراب اليمن الطاهر، كلها ترنيمات ولاء، ردّدوها في أفق السماء، ليعرف الكون أن هُنا أُمَّـةً تعشق الشهادة، وتحمل بين جنباتها قوةَ الإيمان وعنفوانَ التاريخ.
اليمنيون أُمَّـةٌ تزرعُ في القلوب بذور الجهاد، ترويها بعرق الأحرار وجهد الحرائر، تبني بها منازل لا تهدم؛ لأَنَّها من حجارة الإيمان وصبر الجبال، أُمَّـةٌ يتعبّد الصغار والنساء في محاريب المعارك؛ فما بالُك برجال الرجال حين ينشدون أهازيجَ الذكريات على ألسنة الشهداء؟!
لليمن صواريخ ومسيّرات تمخرُ عُبابَ البحار وتقذف الغزاة بشررٍ من شُواظِ النار، وتسري راكبةً على أجنحة الملائكة لتدكَّ معاقلَ مستكبري بني صهيون، بعد أن تحلّق فوق أنقاض المجازر، وفوق تراب غزة المحتضِن لجراح أبنائه، لتصدَحَ بصلوات خلود لا تعرف اليأس، تنتفض مع كُـلّ نسمة هواء، مع كُـلّ خفقة قلب، مع كُـلّ نداء حق.
هُنا اليمن، يرفض أن يُذل، أَو أن ينادي منادٍ: “يا للمسلمين” وهم عنه يتلهون، بل هم السباقون، شعبٌ لم ولن يخضع أَو يستكينَ، يسير على نهجِ رسول الله الأمين، ويرفع راية المجد في وجه الريح العاتية وطفرة الصمت العالمية؛ تطبيقًا لمنهاج من أحبُّه فعلًا وقولًا.
وسيصنع اليمن من ذكرى مولد النبي الخاتم، هذا العام محطةَ ولاءٍ مقدّس، بنصرٍ لن ينمحيَ من وجه الدهر؛ فنبض القلوب قبل الحشود تقرع ميادين الاحتفاء، وقريبًا سيعلن مكبِّرًا بصوتٍ صارخ: لن نرضى إلا بموتِ أمريكا وَ(إسرائيل) بزوال ظُلمها، وأن النصرَ والتمكين لعباد الله المؤمنين؛ فالشمس لا تغيبُ إلا لتشرقَ معلنةً ميلادَ صُبْحٍ جديد.
التعليقات مغلقة.