تدابير عاجلة لحماية المنشآت: هجمات المُسيّرات المجهولة تستنفر بغداد

صنعاء سيتي | صحافة

 

 

تعرّض إقليم كردستان العراق، خلال اليومين الماضيين، لموجة جديدة من الهجمات بطائرات مُسيّرة مفخّخة، استهدفت بشكل مباشر حقليْن نفطيين هما «خورمالة» في أربيل و»سرسنك» في دهوك، في تصعيد وُصف بالأخطر منذ نهاية جولة التصعيد الإقليمي بين طهران وتل أبيب في حزيران الماضي.

وعلى الرغم من أن هذه الهجمات لم تسفر عن خسائر بشرية، إلا أنها خلّفت أضراراً اقتصادية ومادية، وفتحت باب التكهّنات حول الجهات المنفّذة، في ظل غياب أي تبنّ رسمي، ما زاد من تعقيد المشهد الأمني والسياسي في العراق.

ووفق وزارة الثروات الطبيعية في حكومة الإقليم، فإن الهجوم على حقل «سرسنك» أدّى إلى اندلاع حريق وإيقاف مؤقّت للإنتاج ، في حين أُحبطت محاولة الاستهداف الجوي لحقل «خورمالة» قبيل منتصف ليل الإثنين – الثلاثاء. ودفعت هذه التطورات، السلطات، إلى اتخاذ مواقف عاجلة واحتياطات أمنية عالية المستوى، أبرزها توجيه رئيس الوزراء، محمد شياع السوداني، بـ»فتح تحقيق فوري وموسّع، لتحديد الجهات المنفّذة». وقال الناطق باسمه، صباح النعمان، إن «الحكومة العراقية لن تسمح بأي تهديد يمسّ مصالح الشعب، وستتخذ كلّ التدابير لحماية المنشآت الحيوية».

ومنذ مطلع الشهر الجاري، تشهد الأراضي العراقية، وبصورة متزايدة، هجمات بطائرات مُسيّرة مجهولة المصدر، استهدفت في البداية قواعد عسكرية مثل «عين الأسد» و»بلد»، ثم اتجهت إلى منشآت رادارية ونفطية. ويربط مراقبون توقيت هذه الهجمات بالهدنة بين واشنطن وطهران، مرجّحين سعي بعض الأطراف لخلط الأوراق وفرض وقائع جديدة على الأرض. ويقول رئيس اللجنة الأمنية في نينوى، محمد كاكائي، في تصريح إلى «الأخبار»، إن «بعض الدول لا تريد الخير للعراق، وتستهدف دائماً مناطق إنتاج الطاقة والنفط»، مشيراً إلى «هجمات مماثلة طاولت كركوك والسليمانية من قبل». ويضيف: «الدفاع الجوي العراقي غائب تماماً عن هذه المعادلة».

وأثارت التطورات الأمنية الأخيرة قلقاً واسعاً في الأوساط الاقتصادية والاستثمارية، خصوصاً أن المواقع المُستهدفة تعدّ من الركائز الإنتاجية الأساسية في الإقليم، وتُدار بشراكات مع شركات أجنبية. ويحذّر أستاذ التاريخ السياسي في جامعة الموصل، محمد عفين، من أن «ضرب منشآت الثروة الطبيعية لا يضرّ فقط بعجلة التنمية، بل يعمّق هشاشة الأمن الوطني، ويعيد العراق إلى أجواء ما بعد الحرب مع داعش». ويتابع أن «أي استهداف لمصادر الطاقة هو رسالة مزدوجة: إنهاك اقتصاد الإقليم، والتأثير على موقفه السياسي ضمن توازنات بغداد – أربيل».

وفي السياق نفسه، قال نائب رئيس مجلس النواب، شاخوان عبدالله أحمد، إن «هذه الاستهدافات تمثّل تهديداً واضحاً لأمن الإقليم، وعلى الحكومة الاتحادية التحرّك السريع لضبط الأمن والكشف عن الجهات المتورّطة». وطالب في بيان صادر عن مكتبه، لجنة الأمن والدفاع النيابية بفتح ملف أمني خاص، بالتنسيق مع سلطات الإقليم. وفي الاتجاه نفسه، رأى القيادي في «الحزب الديمقراطي الكردستاني»، وفا محمد، أن «استمرار هذه الاعتداءات هدفه واضح، وهو إنهاك إقليم كردستان سياسياً واقتصادياً، ودفع المستثمرين الأجانب إلى التراجع»، مطالباً بـ»تحقيق عاجل وتدخّل مباشر من بغداد».

وفي ظلّ هذا التصعيد، دعت لجنة العلاقات الخارجية في البرلمان العراقي إلى اجتماع طارئ مع لجنة الأمن والدفاع، لبحث «تراجع الأداء الدبلوماسي» والتعامل مع التهديدات العابرة للحدود. وقال النائب مختار الموسوي، لـ»الأخبار»، إن «بعض الدول بدأت تتخوّف من دخول السوق العراقية بسبب فقدان البيئة الآمنة»، مؤكداً أن «ضعف الرد السياسي والأمني شجّع على تكرار مثل هذه الهجمات». واعتبر أن «من واجبنا حماية الحقول النفطية، وحماية استثمارات الشركات الأجنبية، واستعادة ثقة الخارج بمؤسسات البلاد الأمنية».

 

*فقار فاضل: الإخبارية اللبنانية

التعليقات مغلقة.