صنعاء سيتي | صنعاء
شهدت العاصمة صنعاء يوم أمس مسيرة جماهيرية كبرى في شارع المطار، إحياءً لذكرى استشهاد الإمام الحسين عليه السلام (عاشوراء)، تحت شعار “هيهات منا الذلة”. أكدت الحشود أن إحياء هذه الذكرى يمثل تجديدًا للانتماء والهوية الإيمانية، والولاء الثابت للرسول وآل بيته الأطهار، مع استلهام مبادئ التضحية والشجاعة في مواجهة قوى الطغيان ممثلة بأمريكا وإسرائيل.
جددت الجماهير العهد والولاء لسبط رسول الله الإمام الحسين عليه السلام، مؤكدة التمسك بقيمه ومبادئه التي ضحى من أجلها. وشددت الحشود على أن موقف اليمن في مساندة ودعم الأشقاء في غزة وفلسطين هو امتداد لنهج الإمام الحسين في نصرة المظلومين ورفض الذل والخضوع لأعداء الأمة. كما أكدت أن الإمام الحسين يمثل رمزًا إسلاميًا عظيمًا لا يخص مذهبًا أو طائفة، وأن عاشوراء هي ثورة في وجه الطغاة والمستكبرين.
رددت الحشود هتافات قوية معبرة عن البراءة من أعداء الله، مثل “عاشوراء يوم الأحرار.. زلزل عروش الفجار” و “غزة كربلاء العصر.. مظلومية معها النصر”، مؤكدةً أن “في غزة أو كربلاء.. يتجلى صدق الولاء” و”يا غزة يا فلسطين.. معكم كل اليمنيين”.
أكدت الجماهير المحتشدة أن أهالي غزة وفلسطين يعيشون “كربلاء العصر”، مجددةً التأكيد على مواصلة التعبئة العامة ورفع الجهوزية لمواجهة أي تصعيد أو عدوان صهيوني. كما جددت الحشود التأييد والتفويض لقائد الثورة، السيد عبد الملك بدر الدين الحوثي، في اتخاذ الخيارات المناسبة لردع العدوان ونصرة الشعب الفلسطيني، مؤكدة ثبات موقف اليمن في دعم غزة حتى إيقاف العدوان ورفع الحصار.
وفي كلمته خلال المسيرة، أكد مفتي الديار اليمنية، العلامة شمس الدين شرف الدين، أن إحياء ذكرى عاشوراء ليس طائفياً أو مذهبياً، بل هو إحياء لركن أساسي من أركان الدين ومنهج إلهي قويم، وهو الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.
وأشار العلامة شرف الدين إلى أن الإمام الحسين نهض ليكسر حاجز الخوف ويبدد حالة الخنوع التي أصابت الأمة، وليحيي مبدأ شرعية الخروج على الظالم ومواجهة السلطان الجائر، وهو ما حاول النظام الأموي طمسه لعقدين من الزمن. وأوضح أن هذه الثقافة الخطيرة لم يكن من الممكن نسفها لولا تضحية الإمام الحسين العظيمة.
ذكر المفتي أن الإمام الحسين بين سبب خروجه بعد أن رأى الظلم والمنكرات والانحراف عن مسار الإسلام. ولفت إلى أن الحسين اتبع نهج النبي صلى الله عليه وسلم في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مستشهدًا بحديث النبي: “من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرم الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل بين الناس بالإثم والعدوان ثم لا يغير عليه بفعل ولا قول إلا كان حقا على الله أن يدخله مدخله”.
وأكد أن هذا الحديث يؤيده قول الله تعالى في القرآن الكريم حول لعنة بني إسرائيل لعدم تناهيهم عن المنكر، مشيرًا إلى أن الخروج على السلطان الجائر ليس مقيدًا بزمان أو مكان، بل هو مرتبط بوجود المنكر.
قال العلامة شرف الدين إن مفهوم الإمام الحسين في التضحية قد طُعن فيه وشُكك فيه، تمامًا كما يُشكك اليوم في مبدأ “محور المقاومة” وعمليات مثل “طوفان الأقصى”. وشدد على أن “هذا هو الفارق بين مفهوم أئمة أهل البيت وأحرار هذه الأمة، وبين مفهوم من يريد هذه الحياة” بتطويع القرآن لأهوائهم، مؤكدًا أن الجهاد لن يكون أبدًا إلقاءً بالنفس إلى التهلكة.
وأوضح أن هناك اليوم “مدرسة تدعو إلى السكوت والخنوع والتسليم للأمر الواقع والخضوع لشروط أمريكا وإسرائيل”، وهي نفس المعركة التي خاضها الإمام الحسين بقولته الشهيرة: “أما إن الدعي ابن الدعي قد ركز بين اثنتين: بين السلة والذلة، وهيهات منا الذلة”.
واختتم المفتي كلمته بالتأكيد على أن اليمنيين ينتمون إلى “مدرسة الجهاد والاستشهاد والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر”، وأن أمريكا وإسرائيل لن يثنيا الشعب اليمني عن مساره وصموده في مناصرة غزة. وأشار إلى أن كربلاء اليوم موجودة في غزة، ومن ينصر غزة هو من ينصر الإمام الحسين ويعلي كلمة الحق. مؤكدًا أن معية الحسين ليست معية مكان أو زمان، بل هي “معية منهج”، وأن الانحلال والفسق في الأمة اليوم يدل على حاجتها لتصحيح مسارها والعودة إلى نهج الصالحين.
التعليقات مغلقة.