اتساع نطاق المقاطعة في العراق: الصدر يلوّح بالعودة بعد الانتخابات وخيبة أمل واسعة

صنعاء سيتي| متابعات

 

 

تتسع دائرة مقاطعة الانتخابات التشريعية المرتقبة في 11 تشرين الثاني المقبل بالعراق، مع إعلان ائتلاف “النصر” بقيادة رئيس الوزراء الأسبق، حيدر العبادي، انسحابه من السباق الانتخابي. يأتي هذا الانسحاب بالتزامن مع تجديد زعيم “التيار الصدري”، مقتدى الصدر، تأكيد عزوفه عن خوض الانتخابات، وسط دعوات متزايدة للمقاطعة من قوى مدنية و”تشرينية” احتجاجًا على “هيمنة المال السياسي” و”الانتخابات فاقدة للعدالة”.

 

“النصر” ينسحب بلغة حادة ويرفض “فوضى المال السياسي”

جاء غياب ائتلاف “النصر” بشكل غير متوقع، وصدر بيانه بلغة حادة ترفض الواقع الانتخابي القائم على “فوضى المال السياسي”. وصرح المتحدث باسم الائتلاف، سلام الزبيدي، أن “قرار عدم المشاركة يستند إلى رفض بيئة انتخابية يهيمن عليها السلاح والفساد وانعدام النزاهة”. وأضاف أن “الوزن السياسي لا يُقاس بعدد المقاعد البرلمانية، بل بمدى الالتزام بالمشروع الوطني والسلوك السياسي المسؤول”.

 

الصدر يكرر شروطه ويعلن “العراق يعيش أنفاسه الأخيرة”

لم يكن انسحاب التيار الصدري مفاجئًا، لكنه اكتسب زخمًا جديدًا مع تكرار الصدر موقفه أمس. جدد الصدر شروطه للمشاركة، وهي “حل الميليشيات، حصر السلاح بيد الدولة، محاسبة الفاسدين، واستقلال القرار السياسي العراقي”. وقال الصدر في بيان إن “العراق يعيش أنفاسه الأخيرة”، في رسالة تهدف إلى وضع ما تبقى من ثقة بين الجمهور والعملية السياسية على المحك. ونقل قيادي في التيار أن “الصدر سيعود بعد الانتخابات لا قبلها، من بوابة الانتفاضة على المنظومة الحاكمة”، مؤكدًا في الوقت نفسه أن جمهور التيار “غير ممنوع من التصويت”.

 

“مبادرة عراقيون” تحذر من “انتهاكات قانونية ودستورية”

بين انسحاب “النصر” وغياب “الصدريين”، تتزايد المؤشرات على عزوف شعبي أوسع. تعبر عن ذلك قوى ناشئة مثل “مبادرة عراقيون”، التي أعلنت موقفًا نقديًا حادًا من المشاركة. استعرضت المبادرة جملة من الانتهاكات القانونية والدستورية التي ترافق العملية الانتخابية، بدءًا من عدم تطبيق قانون الأحزاب، مرورًا بالتلاعب في التصويت الخاص بالقوات الأمنية، وصولًا إلى تغييب المراقبة المستقلة عن تمويل الحملات الانتخابية.

وأكدت المبادرة أن “البيئة السياسية الحالية لا تتيح منافسة عادلة”، مشيرة إلى أن قانون الانتخابات “فُصّل لخدمة الكتل المتنفذة”، وأن اعتماد قانون “سانت ليغو 1.7” النسبي يقصي القوائم الصغيرة ويصادر الإرادة الحقيقية للناخب. كما حذرت من استمرار تجاهل مؤسسات الدولة لتطبيق قانون الأحزاب الرقم 36 لسنة 2015، مما يسمح لأحزاب تمتلك أجنحة مسلحة ومصادر تمويل مجهولة بالاستمرار في المشهد واحتكار القرار.

 

خيبة أمل في الأوساط المدنية ورفض لـ”تدوير الوجوه”

عبر الناشط المدني، علي البغدادي، عن خيبة أمل واسعة في أوساط الحراك المدني، قائلاً: “نحن أمام دورة جديدة من تدوير الوجوه نفسها، وسط استمرار قمع الأصوات الحرة وسلاح الميليشيات. لا يمكن للانتخابات أن تكون وسيلة تغيير إذا لم يُطبق القانون بعدالة”. وأكد أن قرار المقاطعة نابع من “قناعة بعبثية العملية السياسية، لا من حالة يأس أو عجز”.

 

القوى التقليدية تسعى لتثبيت مواقعها

في المقابل، تدخل بعض القوى “التشرينية” والمدنية ميدان التنافس، رغم إدراكها لمحدودية الحظوظ في ظل قانون انتخابي لا يمنح فرصًا متكافئة. من جهتها، تسعى القوى التقليدية لتثبيت مواقعها وتجديد شرعيتها، مستفيدة من انقسام المعسكر الرافض للمشاركة.

ويعتبر الباحث السياسي المقرب من “الإطار التنسيقي”، علي البلداوي، أن “انسحاب النصر والتيار الصدري هو قرار شخصي لا يؤثر على مجمل العملية الديمقراطية”. وأضاف أن “هناك قوى سياسية فاعلة أخرى حريصة على المشاركة وتأسيس نظام سياسي يستمد شرعيته من صناديق الاقتراع”، مشيرًا إلى أن “تجارب المقاطعة السابقة لم تُحقق للبلاد أي منفعة، بل تركت فراغًا استغلته قوى أخرى أقل تمثيلًا شعبيًا”.

التعليقات مغلقة.