الفصائل الفلسطينية تغادر سوريا: لا مكان للمقاومة هنا
موقع صنعاء سيتي – صحافة
لم يعُد في سوريا أيّ حضور رسمي فعلي لفصائل المقاومة الفلسطينية، التي شكّلت سوريا ملاذاً آمناً لها، وفّر لها، على مدار العقود الماضية، مكاناً ملائماً لتدريب عناصرها، ومعبراً لتوريد الأسلحة، ومستقراً لممارسة نشاطها السياسي. وترافق خروج الفصائل الفلسطينية من سوريا، وآخر فصوله مغادرة طلال ناجي، الأمين العام لـ«الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة»، الذي اعتقلته السلطات في نيسان الماضي قبل أن تطلق سراحه، مع إغلاق جميع مكاتب «الجبهة»، بالإضافة إلى بعض وسائل الإعلام الفلسطينية، من بينها «إذاعة القدس» التي تمّ إغلاق مقرها في دمشق. ويمثّل ذلك استجابة إضافية من قبل السلطات السورية الجديدة للشروط الأميركية، والتي تتمثّل بتحييد سوريا بصورة تامة عن الصراع مع إسرائيل، والدفع نحو تطبيع العلاقات بين دمشق وتل أبيب.
وجاء إنهاء وجود الفصائل الفلسطينية بعد فرض السلطات الانتقالية جملة من الضغوط المتواصلة على تحركات قيادات الفصائل وأعضائها، الذين يتعرّضون للاعتقال والتحقيق المستمر، بالإضافة إلى مصادرة الأملاك واحتجاز الأرصدة البنكية، بهدف دفعهم إلى الخروج من البلاد. ويأتي ذلك في وقت يخضع فيه مخيم اليرموك، الذي كان يُعتبر المركز الرئيسي لنشاط الفصائل – التي شكّلت عام 1991 ما يُعرف باسم «تحالف قوى المقاومة الفلسطينية» -، لمراقبة مكثّفة من قبل السلطات الانتقالية، التي تعلن رفضها أي نشاط سياسي للفصائل، وتضغط لتخفيض نشاطها الإنساني، علماً أن هذه الأخيرة تملك جمعيات إنسانية عديدة، بعضها لا يزال نشطاً.
والجدير ذكره، هنا، أن نشاط الفصائل الفلسطينية في سوريا مرّ، خلال العقدين الماضيين، بتغييرات عديدة، أبرزها بزوغ نجم «حركة حماس»، التي منحها نظام الرئيس السابق، بشار الأسد، مساحة عمل كبيرة على الأراضي السورية، قبل عام 2011، الذي دخلت بعده العلاقة بين الأسد والحركة مرحلة قطيعة على خلفية إعلان الأخيرة دعمها معارضي الرئيس السابق. لكنّ «حماس» عادت إلى العمل في سوريا عام 2022، إثر وساطة من إيران و«حزب الله»، من غير أن يتجاوز وجودها حدود النشاط السياسي.
ومع سقوط نظام الأسد، وظهور الموقف المعادي للفصائل الفلسطينية من جانب السلطات الجديدة، وإعلان الشروط الأميركية، تراجع حضور الفصائل الأخرى أيضاً، وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين»، التي اتهمتها السلطات الانتقالية بأنها كانت موالية للأسد. كما لم يُسمح لـ«حماس» باستعادة نشاطها في البلاد، ما يعني فعلياً إغلاق الأبواب أمام هذه الفصائل وإبعادها بشكل شبه كلّي من سوريا. ويأتي ذلك وسط تعهدات أطلقها الرئيس السوري في المرحلة الانتقالية، أحمد الشرع، بمنع أي هجمات على دول الجوار، بما يشمل إسرائيل، التي احتلّت مساحات واسعة من الجنوب، وباتت تملك نفوذاً غير مسبوق، بعد قيامها بتدمير قدرات الجيش السوري الذي تم حلّه.
وترافق التضييق على الفصائل الفلسطينية وإخراجها من سوريا، مع استمرار الضبابية في التعامل مع ملف اللاجئين الفلسطينيين في هذا البلد، الذين رفض النظام السابق تجنيسهم – في إطار سياسة تهدف إلى الحفاظ على حقوقهم في العودة إلى بلادهم -، ومنَحهم حقوقاً تماثل حقوق حملة الجنسية السورية، من حيث التعليم والطبابة والتوظيف وغيرها. وفيما لم توضح السلطات الانتقالية رؤيتها حيال ذلك الملف، تبرز مخاوف من منح الفلسطينيين الجنسية السورية، في ما يعني في محصّلته طيّ صفحة حق العودة بشكل نهائي، وبما يتوافق مع توجهات السلطات الانتقالية، المنفتحة على تطبيع علاقتها مع إسرائيل.
*عامر علي: الإخبارية اللبنانية
التعليقات مغلقة.