مراوغة أميركية في الوقت الضائع / الخامنئي لواشنطن: لن نستسلم
موقع صنعاء سيتي – صحافة
مع عدم التوصّل إلى قرار خلال اجتماع مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، في شأن تدخّل الولايات المتحدة في الحرب ضد إيران، تكون واشنطن قد أرجأت على الأقل هذا التدخّل الذي كان بدا وشيكاً بحسب التهديدات الأخيرة الصادرة عن الرئيس الأميركي، دونالد ترامب. وجاء ذلك تزامناً مع ارتفاع الأصوات المحذّرة من هذا التدخّل في الداخل الأميركي وفي العالم، وتأكيد مرشد الجمهورية الإسلامية، السيد علي الخامنئي، في ردّه على دعوة ترامب إيران إلى الاستسلام، أن «الأمة الإيرانية لن تستسلم أبداً. ولن تخضع لأي إملاءات من أي جهة كانت»، وهو ما يظهر أن أي تدخّل أميركي سيقود المنطقة إلى حريق واسع.
وفي ظل هذه المعادلة، استمر تبادل الضربات بين إيران وإسرائيل، وإنما بوتيرة متراجعة عن الأيام السابقة، خصوصاً مع اتضاح أن الثانية عاجزة عن تحقيق أي إنجاز من دون تدخّل أميركي. وهذا الأخير الذي تدفع في اتجاهه تل أبيب بكل قوتها، كان مدار بحث خلال اجتماع الحكومة الأمنية الإسرائيلية في مكان محصّن وغير معلن تحت الأرض، تولّت أجهزة الأمن، للمرة الأولى، نقل الوزراء إليه.
ووصف الخامنئي، في كلمة بثّها التلفزيون الإيراني، دعوة ترامب إيران إلى «الاستسلام غير المشروط»، بأنّها «غير مقبولة»، مطالباً الرئيس الأميركي بتوجيه هذه الدعوة إلى غير الشعب الإيراني. وقال إنّ «الأمة الإيرانية ستصمد في وجه حرب مفروضة، مثلما ستقف بقوة في وجه سلام مفروض»، مضيفاً أنّ «هذه الأمة لن تخضع لأي إملاءات من أي جهة كانت». وأكّد أنّ «الأميركيين يجب أن يعلموا أن أي تدخّل عسكري من جانبهم سيؤدي بالتأكيد إلى أضرار لا يمكن إصلاحها» على مصالحهم.
وبعدما كانت أوحت تصريحاته بتدخّل وشيك في الحرب، بدت مواقف ترامب، أمس، أقل حدّة، على الرغم من تكراره دعوة طهران إلى «استسلام غير مشروط». وهو أعلن، في أحدث تعليقاته مساء، أنه لم يتخذ بعد قراراً في شأن المشاركة في الضربات على إيران، بعدما كان قال، في تصريحات أدلى بها قبل ذلك في البيت الأبيض، إنه بصدد درس ما إذا كانت الولايات المتحدة ستنضمّ إلى إسرائيل في قصف إيران.
نتنياهو يقرّ بأن الصواريخ الإيرانية تكبّد إسرائيل خسائر عديدة ومؤلمة
ولدى سؤاله عمّا إذا قرّر توجيه ضربات أميركية إلى إيران، قال ترامب: «قد أفعل ذلك وقد لا أفعل، لا أحد يعلم ما سأقوم به»، مضيفاً: «يمكنني أن أقول لكم إن إيران تواجه مشاكل كثيرة وهم يريدون التفاوض». وتابع أن «طهران اقترحت إيفاد مسؤولين إلى البيت الأبيض للتفاوض حول البرنامج النووي الإيراني في مسعى لوضع حد للهجوم الجوي الذي تشنّه إسرائيل منذ الجمعة على الجمهورية الإسلامية. لقد نفد صبرنا حيال إيران.
قلت إنه فات الأوان للمباحثات … هناك فرق هائل بين (أن يتم ذلك) اليوم وقبل أسبوع. أليس كذلك؟»
إلا أن طهران نفت أن تكون عرضت إيفاد مسؤولين إلى واشنطن. وجاء في منشور لبعثتها لدى الأمم المتحدة على منصة إكس»: «لم يطلب أي مسؤول إيراني إطلاقاً التذلّل عند بوابات البيت الأبيض»، مضيفة أن «الشيء الوحيد الأكثر خساسة من أكاذيبه (ترامب) هو تهديده الجبان للمرشد الأعلى لإيران».
وكان أثار تهديد ترامب بالتدخّل مخاوف عالمية عبّر عنها الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، الذي حذّر في بيان من أي «تدخّل عسكري إضافي» في النزاع، لأن «تداعياته ستكون هائلة» على المنطقة برمّتها، فيما اعتبر وزير الخارجية الصيني، وانغ يي، في اتصال مع نظيره المصري، بدر عبد العاطي، أن «سلوك إسرائيل المتمثّل في تجاهل القانون الدولي والقواعد الدولية تسبّب في توتّر الوضع في الشرق الأوسط بشكل مفاجئ»، قائلاً إن «الصين تشعر بقلق شديد من أن الوضع قد يخرج عن السيطرة».
من جهته، طلب الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، من وزير خارجيته، جان نويل بارو، أن يطلق «في الأيام المقبلة مبادرة، مع الشركاء الأوروبيين القريبين، لاقتراح تسوية تفاوضية ملحّة تنهي النزاع» بين إيران وإسرائيل، معبّراً «عن قلقه حيال التصعيد القائم، في ظل تنفيذ ضربات إسرائيلية على مزيد من الأهداف التي لا صلة لها بالبرنامج النووي والبالستي الإيراني»، بحسب بيان لقصر الإليزيه.
وعلى الأرض، ظلّت إسرائيل تحت رحمة الضربات الصاروخية الإيرانية، التي أقرّ رئيس حكومة العدو، بنيامين نتنياهو، بأنها تكبّدها «خسائر عديدة ومؤلمة»، لكنه أردف، في بيان، أن «الجبهة الداخلية قوية، والشعب قوي، ودولة إسرائيل أقوى من أي وقت مضى». وأطلقت إيران دفعات متعدّدة من الصواريخ بين ليل الثلاثاء – الأربعاء، وأمس. وأفاد التلفزيون الرسمي الإيراني بأن طهران أطلقت، بعد ظهر أمس، «صواريخ فرط صوتية من طراز فتاح، نجحت في اختراق دفاعات الكيان الصهيوني».
وكانت رشقة كبيرة من الصواريخ أُطلقت من إيران على إسرائيل ليل الثلاثاء – الأربعاء، وقالت «الجبهة الداخلية» للعدو إنها راوحت بين 20 و30 صاروخاً، سقط عدد منها في منطقة تل أبيب الكبرى وجنوب فلسطين المحتلة، وأصابت مبانيَ بشكل مباشر. كذلك، أصدرت طهران، مساء أمس، تحذيراً جديداً إلى سكان حيفا بإخلائها، بحسب التلفزيون الإيراني، وهو ما سبقته دعوة رئيس هيئة الأركان في القوات المسلحة الإيرانية، عبد الرحيم موسوي، سكان مدينتي حيفا وتل أبيب إلى إخلائهما، وتحذيره من هجمات «عقابية» تعتزم طهران شنّها.
في المقابل، شنّ العدو ضربات جديدة على إيران. وذكر الإعلام الإيراني الرسمي أن مباني مجاورة للمقر العام للشرطة في طهران تعرّضت لغارة إسرائيلية، ما أسفر عن إصابة عدد من عناصر الشرطة. كذلك، ذكر الهلال الأحمر الإيراني، في بيان، أن هجوماً إسرائيلياً وقع قرب مبناه في طهران، لكنه أوضح أن الضربة لم تستهدف المبنى في شكل مباشر، على ما يبدو. إلى ذلك، وبعد أيام من الترويج لاغتيال قائد مقر خاتم الأنبياء المركزي، علي شادماني، اعترفت «هيئة البث الإسرائيلية» بأن الاغتيال فشل.
التعليقات مغلقة.