لا دفاع جوياً حقيقياً: هكذا تُستباح سماء العراق
موقع صنعاء سيتي – صحافة
في ظل استمرار تداعيات الحرب بين إيران وإسرائيل، ولا سيّما استخدام المجال الجوي العراقي الذي تسيطر عليه القوات الأميركية، في عمليات استهداف إيران، تتصاعد داخل الأوساط السياسية والأمنيّة العراقية الأصوات المطالبة بإعادة النظر في الإستراتيجية الدفاعية للبلاد، وفي مقدّمتها ملف الدفاع الجوي، الذي يصفه البعض بأنه الحلقة الأضعف في بنية الأمن الوطني العراقي.
ويكشف النائب عن كتلة «الصادقون»، محمد البلداوي، في تصريحات إلى «الأخبار»، أنّ «ثمّة معلومات تفيد بانطلاق طائرات مسيّرة من الأراضي العراقية في اتّجاه إيران»، محذّراً من أنّ «الكيان الصهيوني يسعى إلى جرّ العراق إلى ساحة المعركة، عبر اختراق أجوائه واستخدام أراضيه لاستهداف الجمهورية الإسلامية». ويرى البلداوي أنّ «إعادة تقييم الإستراتيجيات الأمنيّة باتت أمراً ضرورياً، في ظل وجود شبكات تجسّس إسرائيلية نشطة منذ عقود داخل العراق، ما يتطلّب تعزيز عمل الأجهزة الاستخبارية وملاحقة هذه الشبكات التي ربما تكون قد اخترقت المجال الجوي العراقي بشكل مباشر أو غير مباشر».
وإذ لم تصدر تأكيدات رسمية من الحكومة العراقية بشأن تلك المعلومات، فإنّ مصادر إيرانية تحدّثت، أخيراً، عن احتمال إطلاق بعض الطائرات المسيّرة التي استهدفت عمق الأراضي الإيرانية من قواعد في العراق، وهو ما يعزّز – بحسب مراقبين – فرضية وجود اختراقات أمنيّة مقلقة. وفي حال وقوع مواجهة محتملة بين إيران والولايات المتحدة، تبقى فرضيّة استخدام القواعد الجوية الأميركية في العراق كنقطة انطلاق لهجمات أو عمليات استطلاع أمراً وارداً، الأمر الذي يدفع بعدّة فصائل عراقية مسلّحة إلى التحذير العلني من «تحويل العراق إلى منصة للعدوان»، مؤكّدة أنها «لن تبقى مكتوفة الأيدي» إذا تمّ استخدام الأراضي العراقية لضرب إيران.
منع اختراق الأجواء يتطلّب التعاقد مع شركات دولية موثوقة لشراء أنظمة دفاع جوّي متقدّمة
وفي السياق نفسه، يعتبر رئيس كتلة «صادقون»، حبيب الحلاوي، أنّ «الاستقرار في العراق لا يمكن أن يتحقّق في ظل استمرار الخروقات الجوية ووجود القوات الأجنبية، وعلى رأسها الأميركية، التي أصبحت أداة لتأزيم الوضع الداخلي والتدخل في الشؤون السيادية العراقية». ويدعو الحكومة إلى «الإسراع في التعاقد لشراء منظومات دفاع جوّي متطورة قادرة على حماية الأجواء الوطنية من أي عدوان خارجي»، مشدّداً على أنّ «إنهاء الوجود الأجنبي هو مقدّمة ضرورية لبناء سيادة أمنيّة كاملة، لا سيّما في هذا الظرف الإقليمي الحرِج».
ويعزّز صحة تلك المطالبات، ما يكشفه مصدر أمني رفيع المستوى لـ«الأخبار»، من أنّ «القوات الأميركية هي التي تسيطر فعلياً على المجال الجوي العراقي منذ سنوات، ولا يُستبعد استخدامها لهذا النفوذ لصالح مصالح إسرائيل». ويوضح المصدر أنّ «عدم امتلاك العراق لمنظومة دفاع جوي حديثة هو السبب الرئيس في تكرار خروقات الأجواء، سواء من قبل الطائرات المسيّرة أو المقاتلات المعادية، وهو ما يشكّل تهديداً مباشراً للأمن القومي». ويشدّد على أنّ «التعاقد مع شركات دولية موثوقة لشراء أنظمة دفاع جوي متقدّمة بات ضرورة وطنية لا تحتمل التأجيل، خاصة في ظل تطور التهديدات الجوية، والتحوّلات الجيوسياسية المتسارعة».
ويرى محلّلون أنّ الضغوط المتزايدة على بغداد – سواء من حلفائها الإقليميّين أو من القوى السياسية في الداخل – قد تدفعها نحو اتّخاذ خطوات أكثر جدية على صعيد التسلّح الجوي، لا سيّما في ظل ما يعتبره البعض «إهمالاً تراكمياً» لهذا الملف منذ سقوط النظام السابق. ويشير الخبير في الشؤون العسكرية، العميد المتقاعد جودت كاظم، في حديث إلى «الأخبار»، إلى أنّ «العراق يمتلك القدرة المالية والتقنية على بناء منظومة دفاع جوي متعدّدة المصادر، سواء من روسيا أو الصين أو حتى فرنسا، ولكن القرار السياسي ما يزال متأرجحاً بين ضغوط أميركية واضحة، وتوجّهات وطنية تطالب بالتحرّر من هذه الوصاية».
*فقار فاضل: الإخبارية اللبنانية
التعليقات مغلقة.