موجات وصواعق “الوعد الصادق 3″… كيف اهتز عرش الكيان الصهيوني الاقتصادي والعسكري؟
موقع صنعاء سيتي – تقرير – يحيى الربيعي
لسبعة عقود ونيف، تماهى الكيان الصهيوني في وهم القوة المطلقة والحصانة التي لا تُكسر، مدللاً في كنف الغرب، تتغذى أسسه على صمت مريب ورضا دولي خادع. لم يجرؤ أحد، منذ نشأته، على أن يطلق عليه رداً بحجم جرمه، أو أن يقصف عمقه الاستراتيجي بوابل من الصواريخ الباليستية العابرة للمستحيل، كما فعلت الجمهورية الإسلامية الإيرانية.
بالأمس واليوم، تبدل وجه المنطقة، وتبددت الأساطير، فبعد اعتداءات صهيونية غادرة استهدفت أطهر بقاع الأراضي الإيرانية، جاء الرد “الحيدري” ليحمل اسم “الوعد الصادق 3″، موجة بعد موجة، مزلزلاً أركان الكيان، ومخلفاً خسائر فادحة على كافة الأصعدة، معيداً للأمة كرامتها وعزتها التي طالما سُلبت، وواضعاً الكيان المدلل وحاميه الأمريكي في حيرة غير مسبوقة، تُشبه حيرة الغريق في بحر من الخوف والترقب. صواريخ تخرق سماوات الوهم، وتكشف عري الاقتصاد المتهالك.
*صواريخ كشُهبٍ من نور… تكسر حاجز الوهم
في ليلة السبت، الرابع عشر من يونيو 2025، بدأ ما لم يكن في حسبان العدو، بصور وفيديوهات موثقة ومتداولة من مواقع الحدث، أظهرت عشرات الصواريخ الإيرانية، كشُهبٍ من نور، تمخر عباب سماء بلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى، معلنةً عن بداية الفصل الأخير من هذا الصراع الوجودي. إعلان الحرس الثوري الإيراني، الذي تلاه بعد عشر دقائق، عن انطلاق موجة جديدة من عمليات “الوعد الصادق 3” ضد الكيان الصهيوني، لم يكن مجرد خبر عاجل، بل كان إيذاناً ببدء حقبة جديدة من الردع الحقيقي. بيان الحرس الثوري كان واضحاً وحاسماً، كالصاعقة: “القوات الجو فضائية للحرس الثوري أطلقت مساء اليوم السبت موجة جديدة من عملية “وعد الحق 3″ الهجومية المشتركة باستخدام الصواريخ والطائرات المسيرة رداً على العدوان المتجدد للكيان الصهيوني على الأراضي الإيرانية”.
عملية “هجومية مشتركة باستخدام مكثف للصواريخ والطائرات المسيرة”، وفقاً للبيان ذاته، لتؤكد أن إيران دخلت مرحلة الهجوم الاستباقي للرد على حماقة العدو الصهيوني. رسالة ردع لا لبس فيها، أكدت وكالة أنباء فارس أن “الصواريخ المستخدمة في سلسلة الهجمات الجديدة على “تل أبيب” كانت مزودة برأس حربي شديد الانفجار”، وأن “الحرس الثوري استخدم صاروخ الحاج قاسم الباليستي التكتيكي الموجه ذو الوقود الصلب في الهجوم الأخير”، في إشارة واضحة لتطور القدرات الإيرانية. كما أشارت إلى أن “بعض الصواريخ الإيرانية التي أصابت يافا المحتلة كانت مزودة برؤوس حربية تزن 1.5 طن”، مما يفسر حجم الدمار الهائل الذي خلفته، ويكشف عجز الدفاعات الصهيونية.
*حصاد الخسائر… اقتصاد في مهب الريح
مع إشراقة صباح الأحد الخامس عشر من يونيو، بدأت تتكشف ملامح الكارثة التي حلت بالكيان. لم تكن الضربات عشوائية، بل موجهة بدقة عالية لأهداف استراتيجية وعسكرية ومدنية حساسة، مؤكدةً على فشل ذريع للدفاعات الجوية الإسرائيلية التي عجزت عن التصدي لها في كثير من المواقع، ليظهر “الدرع الحديدي” المزعوم كقشرة هشة أمام الإرادة الفولاذية للمقاومة.
- ضريبة الدم تتزايد
في تقديرات أولية، أعلنت القناة الـ13 العبرية عن “قتيلة و3 مصابين إثر سقوط أول صاروخ إيراني شمال فلسطين المحتلة” عند الساعة 11:51 مساءً من يوم السبت. وسرعان ما أخذ هذا الرقم يتضخم، ليشبه كرة الثلج المنحدرة. فمع مرور الساعات الأولى من فجر الأحد، أعلنت هيئة البث الصهيونية “ارتفاع عدد القتلى في طمرة بالشمال إلى 4 جراء القصف الإيراني”. ومع استمرار سقوط الصواريخ، أفادت منصات المستوطنين عن “انتشال 9 قتلى وإصابة حوالي 195 بجراح متفاوتة في “بات يام وروحفوت” في “تل أبيب” ولا تزال عمليات البحث جارية”، وكأنها صرخة استغاثة مكتومة. وفي حصيلة جديدة، كشفت وسائل إعلام عبرية عن أن “خلال أقل من 48 ساعة، سقط 11 قتيلاً إسرائيلياً وأصيب حوالي 650 آخرين نتيجة الهجوم الصاروخي الإيراني على “إسرائيل”.
كما أفاد إعلام العدو بمقتل 6 “إسرائيليين” وإصابة 499 آخرين منذ بدء الهجوم الصاروخي الإيراني يوم الجمعة، مما يؤكد تزايد الأعداد. وتحدثت “يديعوت أحرونوت” عن “تقديرات بوجود نحو 35 مفقودا في موقع استهداف الصاروخ الإيراني في “بات يام” جنوبي يافا المحتلة”، فيما أفاد إعلام العدو أن “18 شخصاً لا يزالون في عداد المفقودين تحت الأنقاض في “بات يام” جنوبي (تل أبيب)”، مما يرسم صورة قاتمة لحجم الكارثة. وعلى الجانب الآخر، أعلن وزير الصحة الإيراني أن “معظم الشهداء والمصابين جراء العدوان الصهيوني من النساء والأطفال”، ما يشير إلى وحشية الهجمات الإسرائيلية الأولية التي سبقت “الوعد الصادق 3”. وفي سياق آخر، كشفت القناة 13 الصهيونية عن “إصابة ضابطين برتبة رفيعة في شعبة الاستخبارات خلال اشتباك جنوبي قطاع غزة السبت”، لتضاف إلى حصيلة الخسائر العسكرية.
- مدن تحت الرماد
- حيفا المشتعلة: منذ الدقائق الأولى للرد الإيراني، توالت الأنباء عن “استمرار اشتعال النيران في حيفا”، وبث وسائل الإعلام “مشاهد جديدة تظهر استمرار اندلاع الحرائق في حيفا شمال فلسطين المحتلة”، وكأنها قطعة من الجحيم. القناة 12 العبرية أكدت “اندلاع حريق كبير في حيفا بعد سقوط صاروخ بشكل مباشر” ليتبعها خبر مفجع: “النار تشتعل في مصفاة حيفا للغاز والنفط”، وهي ضربة موجعة لقلب الاقتصاد الصهيوني. وكالة الأنباء الإيرانية أكدت أن “مصفاة حيفا كانت هدفاً ناجحاً للصواريخ الإيرانية”. وأكدت “الشركة المسؤولة عن تشغيل مصافي النفط في حيفا المحتلة، تضررت خطوط الأنابيب والنقل في مصفاة حيفا في الهجوم الصاروخي من إيران”.
وتناقلت وسائل الإعلام “لحظة سقوط الصواريخ الإيرانية على حيفا” و”توثيق إضافي للقصف الهائل الذي أطلقته إيران على حيفا والكريوت” و”مشاهد جديدة تظهر سقوط الصواريخ الإيرانية بشكل مباشر على حيفا”. وكانت النتيجة واضحة، كشمس النهار: “الصواريخ الإيرانية تسقط بشكل مباشر على حيفا في ظل عجز الدفاعات الجوية للعدو من التصدي لها”، لتسقط معها أسطورة التفوق الجوي.
- يافا وبات يام… دمار يتجاوز الخيال: لم تقتصر الخسائر على الشمال. فقد أظهرت “مشاهد غير مسبوقة من الدمار في يافا المحتلة جراء سقوط صواريخ إيرانية”. كما وثقت “سقوط صاروخ إيراني بشكل مباشر على هدف في يافا وسط فلسطين المحتلة”، و”دمار كبير جراء سقوط صواريخ إيرانية في رحوفوت في يافا المحتلة”. وأظهرت “مشاهد نوعية من وصول الصواريخ الإيرانية إلى أماكن حساسة واشتعال الحرائق في عدة أماكن ضمن عمليات الوعد الصادق 3 في اليوم الثاني”، لتؤكد أن الأهداف تم اختيارها بدقة متناهية. ووصف إعلام العدو ما حدث في بات يام جنوب “تل أبيب” بالقول إن “إيران دمرت حي كامل في بات يام بصاروخ واحد”، جملة تختصر حجم الكارثة.
ونقلت “هآرتس” عن الشرطة الإسرائيلية أن “مشهد الدمار في بات يام جنوب “تل أبيب” ضخم، وهناك انقطاع للكهرباء جراء سقوط صاروخ إيراني”. وأفادت إذاعة العدو أن “عشرات المنازل والمباني تضررت في بات يام جنوب “تل أبيب” جراء الصاروخ الإيراني”، ليؤكد إعلام العدو أن “نحو 61 منزلاً في “بات يام” جنوبي “تل أبيب” تعرّضت لأضرار بينها 6 مبانٍ انهارت بشكل كلي”، وهو رقم لا يمكن تبريره أو التستر عليه. وفي هذا الصباح 15 يونيو بث الإعلام العبري صور لـ “بيت يام” و”بات يام” تظهر دماراً غير مسبوق في البنايات والبنية التحتية جنوب “تل أبيب”، لتشهد على عجز العدو.
- استهداف العقل المدبر: كشفت “نيويورك تايمز” عن استهداف العقل المدبر، معهد وايزمان تحت النيران، مؤكدة “تعرض معهد وايزمان للعلوم لأضرار جراء وابل من الصواريخ الإيرانية الأخيرة واندلاع حريق في مبنى يضم مختبرات داخل المعهد”، وهي ضربة رمزية ومادية لمركز الأبحاث الإسرائيلية. التلفزيون الإيراني أكد أن “مؤسسة وايزمان التي استهدفت في القصف الإيراني مؤسسة علمية في خدمة جيش العدو الصهيوني”، في تأكيد على أن الاستهداف كان دقيقاً ومخططاً له، ليستهدف نقاط القوة للعدو. وأظهر صوراً لآثار القصف الإيراني الثقيل على معهد وايزمان ومحيطه في مستوطنة “روحوفوت” وسط فلسطين المحتلة، ومشاهد للنيران والأضرار الكبيرة، تُبين أن لا حصانة لأي نقطة في الكيان.
- شريان الطاقة يتوقف: كشفت مصادر صهيونية عن “توقّف تدفّق الغاز من حقلي “ليفياثان” و”كاريش” إثر تعرّض خط أنابيب النقل التابع لشركة “بي إن” لأضرار جراء الصواريخ الإيرانية”، وهي ضربة اقتصادية إضافية تؤثر على إمدادات الطاقة للكيان. أغلقت وزارة الطاقة التابعة للعدو الإسرائيلي هذين الحقلين الأكبر للغاز الطبيعي البحري خشية الاستهداف الإيراني، بناءً على أوامر مباشرة كجزء من خطة الطوارئ وتحسباً لاحتمالات تعرض البنية التحتية الحيوية للتدمير.
*انهيار البورصة وشلل التجارة (الفاتورة الباهظة)
- بورصة “تل أبيب”.. مؤشر الخوف
انخفضت بورصة “تل أبيب”، اليوم الأحد (15 يونيو 2025)، في أول جلسة تداول منذ بدء “الوعد الصادق 3″، ووسط تصاعد التوترات الأمنية في المنطقة. سجّل مؤشر “تل أبيب 35” للأسهم القيادية تراجعاً بنسبة 1.5%، بينما هبط مؤشر “تل أبيب 125” الأوسع نطاقاً بنسبة 1.4%، وفق البيانات الإسرائيلية. وذكرت وسائل الإعلام العبرية أن التداولات افتتحت اليوم على انخفاض عام في الأسعار نتيجة التصعيد الأمني، مشيرة إلى أن مؤشر “تل أبيب 125” تراجع بنسبة 1.3% في التعاملات المبكرة. وفي السياق ذاته، أفاد إعلام العدو العبري بأن أسهم شركة الطيران الصهيونية “إل عال” انخفضت بشكل حاد بنسبة 3.5%، وذلك بسبب إغلاق المجال الجوي وتأثيراته المباشرة على قطاع الطيران، على خلفية الحرب.
- “بن غوريون” في سبات
أعلن إعلام العدو أن “مطار “بن غوريون” سيبقى مغلقا لليوم الثالث على التوالي”، وهو شلل لم يشهده المطار في تاريخه، ويعكس الخوف من استهدافات جديدة تنهي ما تبقى من حركة الطيران. كما أعلن مدير هيئة الطيران الصهيونية أن “سيستغرق الأمر أسابيع حتى يتمكن “الإسرائيليين” في الخارج من العودة”، مما يؤكد حجم الفوضى في حركة السفر. هذا الشلل الجوي، الذي لم يشهده الكيان من قبل، يعكس حقيقة أن إيران هي من تسيطر على زمام المبادرة، حيث أعلنت هيئة الطيران المدني الإيرانية “تمديد إغلاق المجال الجوي الإيراني حتى الساعة الثالثة عصراً من اليوم الأحد بالتوقيت المحلي”.
- جباية الضرائب لم تعد كافية
في مقابلة خاصة مع موقع Ynet، تطرق مدير مصلحة الضرائب، شاي أهارونوفيتش، إلى الوضع الداخلي الصعب قائلاً: “نتوقع أن تصل إلينا 12 ألف دعوى قضائية خلال اليومين الأولين فقط، وأن تصل قيمة الأضرار إلى مليار شيكل”. وفي الوقت نفسه، تُجري وزارة المالية مناقشات حول كيفية إدارة ميزانية الدولة في ضوء الأموال اللازمة لمنظومة الدفاع، وكذلك للاقتصاد الذي يعاني من شلل شبه تام. بدأت آثار الحرب مع إيران تظهر بالفعل في جميع قطاعات الاقتصاد تقريباً. ووفقاً للتقديرات الأولية، فإن شلل الاقتصاد والانقطاع التام للرحلات الجوية مع إسرائيل منذ يوم الجمعة قد أضرّ بالنمو بنسبة 0.1%، وقد يُؤدّي أسبوع من هذه الحرب الشديدة إلى انكماش النمو بنسبة 0.2%-0.3%، أي ما يقارب 10% من معدل النمو السنوي الحالي في إسرائيل، والبالغ 3.4%.
إن الضربة التي يتعرض لها النمو هي ضربة خطيرة لإيرادات الدولة من الضرائب، وهناك حاجة إلى إيجاد مصادر جديدة للتمويل، بما في ذلك زيادة الضرائب كما حدث بعد حرب السيوف الحديدية. وعن حجم الضرر، أكد أهارونوفيتش: “من السابق لأوانه تحديد أرقام دقيقة، بالطبع، لكن الأضرار هائلة ولا شك أن شدة الأضرار الناجمة عن الصواريخ التي أُطلقت من إيران تفوق بكثير شدة الأضرار الناجمة عن الصواريخ التي أُطلقت من غزة ولبنان. تشير تقديراتنا حتى الآن إلى أنه بعد يومين من إطلاق الصواريخ من إيران، سنتلقى حوالي 12 ألف دعوى قضائية.
من المؤكد أن الأضرار تبلغ بالفعل مئات الملايين من الشواقل، وأُقدّر أنها ستصل إلى مليار شيكل، وهو مبلغ كبير جداً بالتأكيد. أودّ التأكيد على أننا بعد يومين، بينما حتى الآن في كل حرب سيوف من حديد، قُدّمت 75 ألف دعوى تعويض، ودُفعت تعويضات بقيمة 2.5 مليار شيكل حتى الآن.” وفيما يتعلق بحجم الأموال في صندوق التعويضات (9.5 مليار شيكل حالياً) وإمكانية النقص، أفاد أهارونوفيتش بأن “من المقرر حالياً تحويل جميع ضريبة المشتريات في عام 2025 بالكامل إلى صندوق التعويضات. ونتوقع أن نجمع ما يصل إلى 8 مليارات شيكل. وفي حال وجود نقص فسيكون من الضروري إيجاد مصادر تمويل أخرى. ويجب دفع التعويضات.”
- استنزاف مستمر
بالإضافة إلى الخسائر المباشرة، يتحمل الكيان تكاليف باهظة للتصدي لموجات الصواريخ والطائرات المسيرة، فكل صاروخ أو طائرة اعتراضية تطلق تكلف ملايين الدولارات، هذا بالإضافة إلى تكاليف تشغيل القبة الحديدية والمنظومات الدفاعية الأخرى لساعات طويلة، مما يستنزف خزينة الكيان ويزيد من عجز الميزانية. ولم ينس العدو تكاليف نفقات معيشة 8 ملايين مستوطن يمكثون في الملاجئ لساعات وربما ليالي، وما يترتب على ذلك من خسائر في الإنتاج والعمل، وتكاليف الرعاية الصحية والنفسية.
*المدلل والمسؤول في مسرحية “صراع الهويات“
إن الاقتصاد الإسرائيلي يعتمد على المواطنة المرفهة والمدللة وعيش اللامبالاة، والتي لم يسبق لها أن تعرضت لأي نوع من أنواع الاحتياج أو حتى مجرد الشعور بالتأخير في تلبية ما يريد. لقد عاش المستوطنون عقوداً من الطمأنينة الزائفة، حيث كانت الجبهة الداخلية بعيدة عن أي تهديد مباشر، محاطة بسور من الوهم والتفوق المزعوم. هذا الوهم تبدد تماماً، ليحل محله شعور بالخوف والرعب لم يعرفوه من قبل.
لقد شهدت المدن المحتلة حالة من الهلع غير المسبوق، حيث أعلنت “القناة 14 الصهيونية” أن “مستشفى فولفسون في “تل أبيب” يعلن حالة طوارئ ويطلب من المرضى عدم الحضور”، ما يعكس حجم الضغط على القطاع الصحي نتيجة الإصابات، وحالة الفوضى التي عمت الشوارع. كما دوت صفارات الإنذار بشكل واسع، وأقر إعلام العدو أن “الطائرات المسيرة تربك منظومات الدفاع الجوي مع ترقب وصول دفعة جديدة من الصواريخ الإيرانية”. جيش العدو الإسرائيلي دعا “المغتصبين شمال ووسط الأراضي المحتلة للبقاء قرب الملاجئ”، وأعلن “رصدنا إطلاق صواريخ من إيران وعلى الجميع البقاء في الملاجئ”.
في المقابل، تقف المواطنة المسؤولة في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، والتي ألفت حياة التقشف وتعايشت مع موجات عنيفة من العقوبات والحصار وامتصاص الصدمات الاقتصادية وصناعة التعافي في أحلك الظروف. فبينما فشلت محاولة الكيان الصهيوني لضرب الأهداف الاقتصادية الإيرانية بعد استهداف مستودع نفط شهران وخزان وقود جنوبي طهران، حيث أكدت وزارة النفط الإيرانية أن “مصفاة طهران في حالة ممتازة ونشاطها مستمر دون انقطاع”، وتؤكد منظمة الطاقة الذرية الإيرانية أنها “ستواصل مسيرة تطوير التكنولوجيا النووية السلمية بقوة والهجمات الصهيونية لن توقف إرادتنا”. هذا التباين يكشف نقطة ضعف جوهرية في الكيان الصهيوني، الذي يعتمد اقتصاده وبقاؤه على رفاهية مستوطنيه، وهي رفاهية تتبدد مع كل صاروخ يخترق سماء كيانهم الواهي.
*تداعيات بعيدة المدى وحيرة الحامي الأمريكي
على المستوى السياسي، مثلت هذه الضربات الحيدرية غير المسبوقة تحولاً استراتيجياً عميقاً له تداعيات هائلة على المدى البعيد، لتغير وجه المنطقة وتعيد صياغة معادلات القوة، حيث وضع الرد الإيراني قواعد اشتباك جديدة، مفادها أن أي عدوان سيواجه برد قاسٍ ومباشر على العمق الإسرائيلي. موقع السيد علي الخامنئي، وفي تصريح يلخص روح المرحلة الجديدة وإصرارها على تحقيق العدالة، نشر مقطعاً بعنوان “ستلقون الويلات” مضيفاً “من المؤكّد أن القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية ستوجّه ضربات قاسية لهذا العدوّ الخبيث.”
وشدد وزير الخارجية الإيراني، على أن “الكيان الصهيوني تجاوز الخطوط الحمراء الدولية بالهجوم على منشآتنا النووية”، مؤكداً أن “ردنا على الكيان الصهيوني حق مشروع بحسب القوانين الدولية وهجماتنا ستتواصل”. وحذر من أن “أي تطور عسكري في منطقة الخليج يمكن أن يشعل المنطقة والعالم”، واصفاً “جر الحرب إلى منطقة الخليج خطأ استراتيجي وهدفه توسيع الحرب إلى كل المنطقة”. كما أكد قائد الجيش الإيراني اللواء أمير حاتمي “سنحمي أراضينا وسندافع عن البلاد حتى آخر نفس وهذا عهد علينا”، مضيفاً: “ستواصل قواتنا المسلحة التصدي للعدوان وتوجيه الضربات قاسية للكيان الغاشم”. وكشف قائد حرس الحدود الإيراني عن “تدمير وإسقاط 44 مسيرة صهيونية في عدد من المناطق الحدودية خلال اليومين الماضيين”.
وقد أكد قائد مقر “خاتم الأنبياء” العميد علي شادماني أن “عمليات القوات المسلحة الإيرانية ضد الكيان الإسرائيلي ستستمر بشكل أكثر تدميراً حتى نجعل العدو يندم ندماً شديداً”. وأضاف “دمرنا خلال الساعة الماضية 10 مسيّرات صهيونية في مختلف أنحاء البلاد”، مما يبرهن على القدرة الفائقة لإيران في صد الهجمات الجوية المعادية. المتحدثة باسم الحكومة الإيرانية فاطمة مهاجراني، أكدت أن “إيران كانت ماضية في عملية المفاوضات الدبلوماسية والحرب لم تكن خيارها بل فرضت عليها”، في إشارة واضحة إلى مسؤولية الغرب والكيان في تصعيد التوتر.
وفي سياق هذه التداعيات، وفي حيرة أمريكية غير مسبوقة، وجد حامي الكيان، الولايات المتحدة الأمريكية، نفسه في مأزق لم يسبق له مثيل، فالأعداء يتجهون إلى إزاحة أي عائق في هذه الأمة، لأنهم يريدون أن يحكموا السيطرة عليها. شبكة “سي إن إن” الأميركية نقلت عن مصادر أميركية وصهيونية أن “العملية العسكرية ضد إيران ستستمر لمدة أسابيع لا أيام”، مما يعكس حجم التورط والتعقيد الذي تواجهه واشنطن.
*خلاصة القول:
لقد دشنت عملية “الوعد الصادق 3” عصراً جديداً، عصر ما بعد الوهم الذي عاشه الكيان الصهيوني. لم تعد “إسرائيل” قوة لا تقهر، ولا محور المقاومة مجموعة من الأطراف المتفرقة. لقد أظهرت هذه الضربات أن إرادة الردع، والقدرة على إلحاق الألم بالمعتدي، هي السبيل الوحيد لإعادة التوازن في منطقة مزقتها عقود من العدوان. التداعيات على المدى البعيد ستكون حتماً لصالح الأمة، ولصالح الشعب الفلسطيني الذي كان أول المستفيدين من كسر هالة هذا الكيان الذي طالما اعتقد أنه بمنأى عن أي عقاب. أيام التشييع لشهداء الغارات الصهيونية (صباح يوم الثلاثاء في العاصمة طهران) ستكون بمثابة تأكيد على صمود إيران واستمرارها في هذا المسار الجهادي، مسار إعادة الكرامة والعزة لأمتنا، ولتظل هذه الضربات شاهدة على أن المقاومة هي السبيل الوحيد نحو الحرية والسيادة.
التعليقات مغلقة.