الصين تُعبّر عن استعدادها للتعاون العلمي والتقني مع إيران

أعرب نائب رئيس مجلس الوزراء الصيني، خلال لقائه مع نائب رئيس الجمهورية للشؤون العلمية والتقنية والاقتصاد القائم على المعرفة، عن رغبة بلاده في “بذل جهود مشتركة مع إيران لتنفيذ البرنامج الشامل للتعاون الصيني – الإيراني على أكمل وجه، وتعزيز التعاون عالي الجودة ضمن إطار مبادرة الحزام والطريق”.

 

وأكد دينغ زيشينغ، خلال لقائه مع حسين أفشين، على هامش المؤتمر الثاني لمبادرة “الحزام والطريق” الذي ركز على تبادل العلوم والتقنية، استعداد بلاده لتعزيز التعاون العلمي والتقني مع إيران ضمن إطار مبادرة “الحزام والطريق”.

 

وأكد نائب رئيس الوزراء الصيني، في هذا اللقاء، على أهمية الإتفاقيات المبرمة بين قادة البلدين، قائلاً: الصين ترغب في بذل جهود مشتركة مع إيران لتنفيذ البرنامج الشامل للتعاون الصيني – الإيراني على النحو الأمثل، ورفع مستوى التعاون عالي الجودة ضمن إطار مبادرة الحزام والطريق. كما أننا نرغب في إطلاق إمكانات التعاون في مجال العلوم والتكنولوجيا بشكل أكبر، لتقديم منافع ملموسة لشعبي البلدين.

 

* ستة مقترحات للتعاون التكنولوجي

بدوره، أعرب نائب رئيس الجمهورية للشؤون العلمية والتقنية والاقتصاد القائم على المعرفة عن أهمية خاصة لتعزيز العلاقات الثنائية مع الصين، مشيراً إلى أن إيران حريصة على تعزيز الروابط الشعبية مع الصين، وتتطلع إلى دفع البرنامج الشامل للتعاون قدماً، وتحقيق تقدم جديد في مجالات التعاون العلمي والتقني.

 

وفي كلمته بالمؤتمر، طرح أفشين ستة مقترحات استراتيجية للتعاون التكنولوجي على طريق الحرير مستنداً إلى القدرات الوطنية والخبرات التشغيلية والرؤية الإقليمية.

 

وأكد أفشين في كلمته: نحن اليوم لسنا في مؤتمر دولي فحسب، بل نقف على حافة تاريخ مضطرب حيث لم يعد قياس القوة الناعمة للدول بعدد ترساناتها أو آبار النفط، بل بمدى مشاركتها في بناء مستقبل تكنولوجي مستدام للبشرية جمعاء، ولقد علمتنا تحولات الأربعين عاماً الماضية أن مسار التنمية لا يُحقق بمفرده ولا يقتصر على إقليم معين، وقال: التنمية اليوم هي شبكة معقدة عالمية يعتمد بقاء كل عقدة فيها على جودة اتصالها بالعقد الأخرى، والعلم والتكنولوجيا هما محور هذا الاتصال. وأضاف: موضوع هذا المؤتمر حول التعاون العلمي والتكنولوجي والابتكاري للتنمية العالمية المشتركة يعكس هذه الحقيقة، إما أن نبتكر معاً، أو نبقى عالقين في انعزالنا. وفي عالم اليوم، لا تعرف التحديات حدوداً، ولا يجب أن تظل الحلول حبيسة الجغرافيا.

 

وتضمنت المقترحات الإيرانية التركيز على إنشاء منصات مشتركة للبحث والتطوير، وتعزيز نقل التكنولوجيا الخضراء، وتطوير البنية التحتية الرقمية المشتركة، وإطلاق برامج تدريبية مشتركة للكفاءات، وإنشاء صندوق استثماري مشترك للتكنولوجيا، وتطوير مشاريع ريادية عابرة للحدود. هذه الرؤية تضع العلم والتكنولوجيا كجسر للتواصل الحضاري على طريق الحرير الجديد مع التركيز على الحلول الملموسة التي تخدم شعوب المنطقة.

 

وأوضح أفشين: إن الجمهورية الإسلامية الإيرانية، مدعومة بتراث حضاري يمتد لآلاف السنين على طريق الحرير التاريخي، وبتجربة تستند إلى جيلين من سياسات العلوم والتكنولوجيا، مستعدة للعب دور أكثر فاعلية في تشكيل النظام التكنولوجي الجديد.

 

وأشار إلى أن الجيل الأول من هذه السياسات، منذ تسعينيات القرن الماضي، ركز على توسيع التعليم العالي وتطوير البنى التحتية العلمية وترسيخ مكانة إيران في إنتاج المعرفة العالمية. أما منذ عام 2010، فقد اتخذ التوجه نحو خلق قيمة اقتصادية من المعرفة منحى أكثر جدية. ولفت إلى أن أكثر من عشرة آلاف شركة معرفية تعمل اليوم في النظم البيئية للابتكار الإيرانية، وهذا الرقم ليس مجرد إحصائية، بل هو رمز لانتقال إيران من اقتصاد قائم على الموارد إلى اقتصاد قائم على المعرفة.

 

وشدد نائب رئيس الجمهورية للشؤون العلمية على أن الوقت قد حان الآن، عند تقاطع مبادرة الحزام والطريق مع الموجة الرابعة للثورة الصناعية، لأن يصبح هذا الطريق ليس مجرد مسار لتبادل البضائع، بل ممراً لنقل المعرفة والمهارات والتكنولوجيا والثقة بين الأمم.

 

وقدم نائب رئيس الجمهورية للشؤون العلمية ستة مقترحات استراتيجية تستند إلى القدرات الوطنية والخبرات العملية والرؤية الإقليمية، بهدف تعزيز الشراكات الفاعلة بين الدول المشاركة في المبادرة. وجاءت المقترحات كالتالي:

 

أولاً: إنشاء منصة BRI TechMatch لتوفيق التقنيات منخفضة التكلفة والقابلة للتوطين مع احتياجات الدول النامية. وأعرب عن استعداد إيران للتعاون مع الدول الشريكة لإطلاق هذه المنصة التي ستركز على تحديد وتبادل التقنيات المناسبة للظروف المناخية والبنى التحتية في الدول الشريكة، خاصة في مجالات الزراعة والصحة والطاقة والنقل.

 

ثانياً: تأسيس مركز إقليمي للدراسات المستقبلية ومراقبة التكنولوجيا في طهران لدول المبادرة. سيعمل هذا المركز بالشراكة مع الجامعات ومراكز الأبحاث في هذه الدول على رصد تطورات التقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الحيوية والطاقات المتجددة والتقنيات الكمية، وإصدار تقارير لدعم صنع القرار.

 

ثالثاً: إطلاق شبكة مختبرات مرجعية مشتركة BRI LabsNet، حيث أوضح أن هذه الشبكة متعددة الجنسيات ستختص باختبار وتقييم المعدات والتقنيات المنتجة في دول المبادرة، مما سيسهم في ضمان جودة التبادل التكنولوجي وخفض تكاليف الوصول إلى التقنيات، ويمثل خطوة نحو بناء الثقة المتبادلة وتسهيل التبادل التكنولوجي.

 

وأضاف أفشين تفاصيل المقترحين الرابع والخامس. والمقترح الرابع يتضمن برنامجاً تدريبياً إقليمياً لتنمية المهارات التكنولوجية للشباب في دول المبادرة، حيث يتم إنشاء برنامج مشترك للتعليم التقني الرقمي بالشراكة بين الجامعات التقنية ومنصات التعليم الإلكترونية في الدول الأعضاء. سيتم تقديم المحتوى التعليمي بلغات محلية وبأسلوب عملي تطبيقي يركز على احتياجات الشباب في الدول النامية.

 

أما المقترح الخامس فيهدف إلى إنشاء شبكة بنية تحتية عابرة للحدود تعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحسين قطاع النقل ضمن مبادرة الحزام والطريق. وتشمل الخطة تنفيذ مشاريع مشتركة لإنشاء أنظمة نقل ذكية بين الدول، وتطوير حلول لوجستية متقدمة، ونظم مراقبة وتحليل للمسارات التجارية. وسيشمل ذلك تبادل البيانات بين الأطراف، تطوير خوارزميات مشتركة، وتركيب أنظمة استشعار وتحليل على الطرق الرئيسية، مما سيسهم في تعزيز أمن وسلامة الممرات التجارية وزيادة كفاءتها.

 

أما المقترح السادس والأخير الذي اقترحه نائب رئیس الجمهورية للشؤون العلمیة، هو ميثاق التعاون التكنولوجي لدول مبادرة الحزام والطريق، حيث تضمنت المقترحات الإيرانية في ختام المؤتمر دعوة لصياغة ميثاق تعاون تكنولوجي بين الدول المشاركة في مبادرة الحزام والطريق يرتكز على مبادئ الأخلاقيات وحوكمة البيانات والنقل العادل للتكنولوجيا.

 

وأوضح المسؤول الإيراني أن هذا الميثاق الطوعي المشترك سيهدف إلى إرساء قواعد احترام التشريعات الوطنية للبيانات، وضمان نقل تكنولوجي متبادل، وحماية حقوق الملكية الفكرية، وتحقيق تنمية تكنولوجية مستدامة لضمان عدالة التنمية لجميع الدول الشريكة.

 

وأضاف أفشين في كلمته: نحن نقف اليوم على طريق لم يعد مجرد أرض، بل أصبح نوراً، وهذا الطريق لم يعد يعج بالقوافل، بل بالإشارات والأكواد والعقول التي لم تعد تنتظر المعجزة، بل أصبحت هي نفسها مصدراً للمعجزات. وتابع: نحن ورثة طريق كان ينقل قبل قرون الأقمشة والشاي والتوابل، وأصبح اليوم ينقل البيانات والمعنى والذكاء. وإذا كان طريق الحرير في الماضي مساراً لعبور الحضارات، فإنه يجب أن يصبح اليوم حضارةً تمكن البشر من العبور من الخوف إلى الحكمة، ومن التقليد إلى الابتكار، ومن التبعية إلى التصميم.

التعليقات مغلقة.