“مادلين”.. وصلت الرسالة ولم تصل السفينة

موقع صنعاء سيتي – متابعات – 15 ذو الحجة 1446هـ

 

طريقة اقتحام سفينة “مادلين” تحمل تسويقاً إسرائيلياً لصورة إنسانية زائفة لمنع كسر الحصار عن غزة.

محمد جودة: “مادلين” بالرغم من اعتراضها تُشكّل نقطة انطلاق فعلية لتحركات دولية شعبية وإنسانية مماثلة مستقبلاً.

 

د. رائد الدبعي: وجود شخصيات عالمية على متن السفينة منح الحدث زخماً إعلامياً هائلاً ووضع حكومات الغرب في موقف محرج.

سليمان بشارات: سفينة “مادلين” أحيت الدور الدولي الشعبي في التضامن مع الفلسطينيين وسوف تلهم تحركات مماثلة.

د. سعيد شاهين: اختيار اسم “مادلين” للسفينة يحمل دلالات رمزية عميقة ويمثل رسالة تضامن مع الفلسطينيين خاصة أطفال غزة.

طلال عوكل: هذه المحاولة لن تكون الأخيرة وهناك تحضيرات مكثفة لتكرارها بأشكال مختلفة بهدف التضامن مع غزة وكسر الحصار

إمعاناً في حصارها المطبق على قطاع غزة، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي يوم الاثنين الماضي، سفينة “مادلين” التابعة لأسطول الحرية، واستولت عليها، واحتجزت طاقمها المكون من 12 شخصًا، ومنعتها من مواصلة الإبحار إلى القطاع، الذي يتعرض لحرب إبادة وتجويع منذ عشرين شهراً، لكن رسالة المتضامنين وصلت، رغم اعتقالهم.

ويقول كتاب ومحللون سياسيون ومختصون وأساتذة جامعات، في أحاديث منفصلة مع “ے”، إن اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي سفينة “مادلين” جاء بأسلوب دعائي، حيث حاولت إسرائيل تقديم صورة “إنسانية” زائفة بعيداً عن استخدام العنف، من خلال تجنب العنف وتقديم الطعام والمشروبات لطاقم السفينة، في خطوة تهدف إلى نزع الشرعية الرمزية عن رسالة المتضامنين.
ويؤكد الكتاب والمحللون والمختصون وأساتذة الجامعات أن سفينة “مادلين” التي حملت اسم الفتاة الغزية مادلين كلّاب، أول صيادة سمك صغيرة بالعمر في غزة، جاءت كرمز للمقاومة المدنية والتضامن الإنساني، ولتسليط الضوء على إنسانية الإنسان في غزة وحقه في الحياة.

ويرون أن السفينة، بالرغم من اعتراضها، نجحت في إعادة تسليط الضوء على معاناة القطاع المحاصر، ما قد يشكل نقطة انطلاق لتحركات شعبية دولية جديدة لدعم غزة وكسر حصارها.

سحب البساط من تحت أقدام المتضامنين:
يقول الكاتب والمحلل السياسي د. أحمد رفيق عوض إن اقتحام قوات الاحتلال الإسرائيلي لسفينة “مادلين” واحتجاز طاقمها البالغ عددهم 12 شخصًا تم بأسلوب “دعائي”، موضحًا أن إسرائيل أرادت تقديم نفسها بصورة “إنسانية ناعمة” بشكل زائف، وذلك من خلال الامتناع عن استخدام العنف وتقديم الطعام والمشروبات للطاقم.

ويشير عوض إلى أن هذا التكتيك الإعلامي الجديد يهدف إلى سحب البساط من تحت أقدام المتضامنين ونزع الشرعية الرمزية عن رسالتهم، التي تحمل تضامنًا إنسانيًا مع قطاع غزة.

ويوضح عوض أن إسرائيل تعلمت من تجاربها السابقة مع سفن التضامن، ومنها السفينة التي فجّرتها في مالطا، وسفينة “مافي مرمرة” التركية عام 2010، والتي قوبلت بانتقادات دولية واسعة بسبب استخدام القوة المفرطة ضد نشطاء مدنيين.

ووفقًا لعوض، فإن إسرائيل حاولت هذه المرة تقديم صورة مغايرة، تُظهر قدرتها على “الاحتواء” دون التخلي عن هدفها الرئيسي المتمثل في منع أي محاولة لكسر الحصار البحري المفروض على قطاع غزة.

ويوضح عوض أن ما جرى ليس فقط اقتحامًا أمنيًا، بل هو استعراض إعلامي محسوب، لأن إسرائيل أرادت من خلاله أن تُظهر أنها تصرفت بمهنية وضبط نفس، لتبدو أمام العالم وكأنها لا تعادي الإنسانية، بل تحمي أمنها.

رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي:
ويشدد عوض على أن الهدف الحقيقي من هذا التصرف الإسرائيلي يبقى هو نفسه: ترسيخ الحصار، سواء كان من البحر أو البر أو الجو، وإيصال رسالة واضحة إلى المجتمع الدولي بأن أي مبادرة مستقبلية مشابهة ستُمنع بالقوة.

ويثني عوض على طاقم السفينة “مادلين”، واصفًا مهمتهم بأنها “مسيرة ضمير ووجدان”.
ويؤكد عوض أن هؤلاء النشطاء – رغم قلتهم العددية ووسائلهم المحدودة – حملوا معهم رسالة إنسانية عالمية تعبر عن مواقف شعبية متقدمة تفوقت في شجاعتها وصدقها على كثير من الحكومات والنخب والهيئات الدولية.

ويقول عوض: “هؤلاء حملوا معهم المحبة والتضامن، ودفعوا ثمنًا للموقف الأخلاقي، وهم يدركون تمامًا المخاطر التي قد تصل حد القتل”.

ويشير عوض إلى أن السفينة، رغم بساطتها، جذبت اهتمام الإعلام العالمي، الذي تابع حركتها بوصفها تعبيرًا عن بُعد إنساني عميق، ورسالة تضامن مع شعب محاصر يُحرم من الغذاء والدواء.

ويبيّن عوض أن إسرائيل، رغم محاولاتها لتحسين صورتها أمام المجتمع الدولي، ما زالت تُحكم الخناق على غزة، وتستخدم المساعدات كسلاح سياسي.

ويشيد عوض باسم السفينة “مادلين”، التي حملت اسم فتاة غزية شابة كانت أول صيادة سمك، تحب الحياة، وهو ما يؤكد أن السفينة “مادلين” تحمل رمزية إنسانية عميقة.

ويؤكد عوض أن هذا الربط سيكون له أثر مستقبلي في استمرار الحراكات التضامنية، مشدداً على أن “العالم ما زال بخير إلى حد كبير، وأن هذه السفينة حملت في قلبها وجدانًا عالميًا لن يتوقف عند هذا الحد”.

“مادلين” أعادت تسليط الضوء على معاناة غزة:
من جانبه، يقول الكاتب والمحلل السياسي محمد جودة أن سيطرة قوات الاحتلال الإسرائيلي على سفينة “مادلين”، التي كانت ضمن أسطول الحرية المتوجه لكسر الحصار عن قطاع غزة، تُعدّ استمراراً لسياسة الحصار البحري والبري المفروض على أكثر من مليوني فلسطيني.

ويوضح جودة أن هذه الخطوة تُبرز إصرار إسرائيل على منع أي مبادرة إنسانية، مهما كانت سلمية، معتبرةً إياها تهديداً لمشروعها الهادف إلى خنق غزة سياسياً واقتصادياً.

ويربط جودة هذا الاعتداء على السفينة بسياسات العقاب الجماعي التي تتبعها إسرائيل، مشيراً إلى أن السيطرة على السفينة تُظهر بوضوح نظرة الاحتلال إلى أي تحرك إنساني كتحدٍ لسيطرته.

ويرى جودة أن هذا العمل يندرج ضمن سياق أوسع من الانتهاكات التي تهدف إلى عزل غزة وإدامة معاناة سكانها، الذين يواجهون ظروفاً معيشية قاسية جراء الحصار المستمر منذ سنوات طويلة.

ورغم اعتراض إسرائيل السفينة، يشير جودة إلى أن هذه الرحلة قد تُشكّل نقطة انطلاق فعلية لتحركات دولية شعبية وإنسانية مماثلة مستقبلاً.

ويوضح جودة أن السفينة، التي حملت متضامنين من جنسيات متعددة، نجحت في إعادة تسليط الضوء على معاناة غزة، مما ألهب الرأي العام وأيقظ الضمير العالمي.

ويستند جودة إلى التجارب التاريخية، مؤكداً أن مثل هذه المحاولات، حتى لو قُوبلت بالقمع، تترك أثراً عميقاً في تعبئة الدعم الدولي للقضية الفلسطينية.

كسر الصورة النمطية للضحية السلبية:
ويرى جودة أن الرمزية العميقة لاختيار اسم “مادلين” للسفينة، تيمناً بالفلسطينية الصيادة مادلين كلّاب، كسرت الصورة النمطية للضحية السلبية.

ويصف جودة، مادلين بأنها رمز للمقاومة المدنية والإصرار على الحياة رغم الحصار، مشيراً إلى أن اختيار هذا الاسم ليطلق على السفينة يعكس رسالة النشطاء المبحرين بأن النضال الفلسطيني متعدد الأوجه: عسكري، وسياسي، وإنساني، يقوده الأطفال والنساء والكبار على حد سواء.

ويؤكد جودة أن هذه الرمزية تُضفي طابعاً شعبياً وإنسانياً على الكفاح ضد الحصار، مما يُقرّب القضية من قلوب الشعوب العالمية، بعيداً عن أروقة صناع القرار.

ويرى جودة أن التركيز على قصص مثل مادلين يعزز من تجذر المعركة ضد الحصار في الوجدان العالمي، مانحاً إياها بعداً إنسانياً يصعب تجاهله. ويؤكد جودة أن هذه الرمزية القوية ستُلهم المزيد من التحركات المماثلة، مما يُعزز التضامن الدولي ويُبقي قضية غزة حية في الوعي العالمي.

تحدٍّ إسرائيلي سافر للقانون الدولي:
بدوره، يؤكد رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، د. رائد الدبعي أن اعتراض قوات الاحتلال الإسرائيلي لسفينة “مادلين” في المياه الدولية، وفقاً لشهادات الطاقم، يتجاوز كونه مجرد حادثة بحرية، ليحمل دلالات سياسية وإنسانية بالغة الخطورة.

ويوضح الدبعي أن هذه العملية تُظهر إصرار حكومة اليمين الإسرائيلي المتطرف على منع أي جهود إنسانية أو إغاثية لكسر الحصار المفروض على غزة منذ عام 2007، حتى لو كانت السفينة تحمل شخصيات عالمية بارزة مثل الناشطة غريتا ثونبرغ والنائبة الأوروبية ريما الحسن.

ويشير الدبعي إلى أن هذا الاعتراض ليس رفضاً لمساعدات فحسب، بل تحدٍ سافر للقانون الدولي وإعلان صريح من إسرائيل بعدم الاعتراف بقرارات المجتمع الدولي.

ويؤكد الدبعي أن توقيت الاعتداء يكتسب أهمية خاصة، حيث يتزامن مع استمرار إسرائيل في حرب الإبادة ضد الفلسطينيين في غزة، ومنعها للغذاء والماء والدواء عن المدنيين، مما يعكس سياسة خنق جماعي ممنهجة.

ويشير الدبعي إلى أن هذا الحادث يأتي بعد أسابيع من هجوم منسوب لإسرائيل بطائرتي درون على سفينة إنسانية قرب مالطا، مما يكشف عن تصعيد بحري متعمد ضد كل أشكال التضامن الدولي مع غزة.

ويؤكد الدبعي أن هذه السياسة تهدف إلى إجهاض أي محاولة لكسر الحصار، وتعزيز عزلة القطاع عن العالم الخارجي.

عودة حصار غزة إلى صدارة الأجندة الدولية:
من الناحية الإعلامية، يوضح الدبعي أن وجود شخصيات عالمية على متن السفينة منح الحدث زخماً إعلامياً هائلاً، مما وضع الحكومات الغربية في موقف محرج أمام شعوبها، التي تطالب بتفسير صمتها أو اتخاذ خطوات فعلية لاستعادة مواطنيها.

ويعتقد الدبعي أن هذا الحدث أعاد القضية الفلسطينية، وتحديداً حصار غزة، إلى صدارة الأجندة الدولية في وقت تتفاقم فيه مؤشرات المجاعة بالقطاع.

ويؤكد الدبعي أن سفينة “مادلين”، التي تُعد المحاولة رقم 36 لأسطول الحرية منذ 2008، أثبتت أن التضامن العالمي مع فلسطين لا يزال حياً وجريئاً، وسيُؤسس لمرحلة جديدة من التحركات البحرية التضامنية، مستفيدة من الوثائق والأدلة التي يمكن أن تُستخدم لمساءلة إسرائيل أمام القضاء الدولي.

وحول اختيار اسم “مادلين”، يؤكد الدبعي أنه قرار رمزي عبقري، مستوحى من مادلين كلّاب، أول شابة فلسطينية احترفت الصيد في غزة.

مادلين كلّاب أيقونة نسوية ومجتمعية:
ويوضح الدبعي أن مادلين، التي قاومت قيود الاحتلال لعقد كامل، وخسرت والدها وقاربها في عدوان 2023، تُجسد الصمود والمقاومة المدنية، وتُمثل أيقونة نسوية ومجتمعية.

ويشير الدبعي إلى أن تسمية السفينة باسمها تُحول القضية من خطاب سياسي نظري إلى سرد إنساني ملموس، يُبرز أن ضحايا الحصار ليسوا “مقاتلين” كما يدعي الاحتلال، بل نساء وأطفال وآباء يناضلون من أجل الحياة والمستقبل.

ويؤكد الدبعي أن هذا الاسم يكسر احتكار إسرائيل لصورة “الضحية”، ويقدم سردية فلسطينية بديلة تُظهر شعباً مناضلاً، بقيادة نسائه، في مواجهة الاحتلال.

ويرى الدبعي أن رمزية “مادلين” تُوسع النضال الفلسطيني ليصبح خطاباً عالمياً، يتقاطع مع حركات حقوق الإنسان والمناخ والعدالة الجندرية، مما يُعزز بناء تحالفات دولية.

ويتوقع الدبعي أن يُلهم هذا النموذج تحركات مستقبلية تحمل أسماء أطباء أو معلمات أو أمهات، لإعادة إحياء أصوات الناس العاديين المنسيين.

ويؤكد الدبعي أن اختيار “مادلين” أعاد لفلسطين وجهها الإنساني، مؤكداً حقها في الحياة والحرية، ومُحرجاً الحكومات المتواطئة بصمتها أمام هذا النضال “المؤنسن” الذي يهز ضمائر الشعوب.

إسرائيل تمنع كل صوت وكل رواية غير سرديتها:
من جهته، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي سليمان بشارات أن اعتراض قوات الاحتلال الإسرائيلي لسفينة “مادلين”، التي كانت ضمن أسطول الحرية المتجه لكسر الحصار عن قطاع غزة، يعكس إصرار إسرائيل على فرض سرديتها الوحيدة حول القضية الفلسطينية، خاصة الحرب المستمرة على غزة منذ أكثر من 19 شهراً، ومن أجل تكميم صوت التضامن مع غزة.

ويوضح بشارات أن إسرائيل تسعى لمنع العالم من سماع أي صوت أو رواية غير سرديتها، معتبراً أن وصول السفينة إلى غزة كان سيُمثل “مسماراً” يُفكك الرواية الإسرائيلية، ويفتح الباب أمام تضامن دولي واسع مع الفلسطينيين، مما يُعرقل مخططات إسرائيل لتثبيت سيطرتها على القطاع.

ويشير بشارات إلى أن إسرائيل كانت على دراية تامة بأن السماح للسفينة بالوصول سيُعزز حضور المتضامنين الدوليين في غزة، ويُعيد إحياء الاهتمام العالمي بالقضية الفلسطينية، التي تحاول إسرائيل طمسها.

ويرى بشارات أن هذا الاعتراض لم يكن مفاجئاً، حيث أظهرت المؤشرات المسبقة عزم الاحتلال على منع السفينة من الوصول، لأن نجاحها كان سيُشكل تهديداً مباشراً لروايتها التي تُبرر الحصار والحرب بذريعة الأمن القومي.

ويوضح بشارات أن إسرائيل واجهت اختباراً دقيقاً في التعامل مع سفينة “مادلين”، خاصة في ظل اهتزاز صورتها الدولية مؤخراً.

ويشير بشارات إلى أن المواقف الأوروبية بدأت تتحول تدريجياً لصالح الفلسطينيين، رغم أن هذه المواقف لم تُترجم بعد إلى قرارات سياسية ملموسة.

قوات الاحتلال حرصت على تجنب العنف المفرط:
ويشير بشارات إلى أن إسرائيل تجنبت استخدام العنف المفرط في التعامل مع السفينة، خوفاً من تعزيز الانتقادات الدولية وتحويل المواقف الأوروبية إلى قرارات سياسية تحت ضغط الرأي العام، وبدلاً من ذلك، سارعت إسرائيل إلى نشر فيديوهات تُظهر تعاملها “السلمي” مع السفينة.

ويلفت بشارات إلى أن إسرائيل تحاول تصوير الرحلة على أنها “استعراض إعلامي” وليست جهداً إنسانياً حقيقياً لإغاثة غزة، بهدف التقليل من تأثيرها.

ومع ذلك، يؤكد بشارات أن هذه السفينة، رغم اعتراضها، أعادت وضع الحرب على غزة في صدارة الأولويات الشعبية والجماهيرية عالمياً.

وبحسب بشارات، فإنه بعد قرابة 20 شهراً من الحرب وتراجع الاهتمام الدولي، نجحت السفينة في إحياء الدور الدولي الشعبي في التضامن مع الفلسطينيين، وألهمت تحركات مماثلة، مثل القافلة التي انطلقت من تونس وستمر عبر عدة دول عربية إلى معبر رفح، حاملة رسالة رمزية تُعبر عن رفض الشعوب العربية والدولية لاستمرار الحرب و”عملية الإبادة” بحق الفلسطينيين.

تجسيد الحالة الإنسانية في غزة:
ويؤكد بشارات أن اختيار اسم “مادلين”، تيمناً بالفتاة الغزية مادلين كلّاب، أول صيادة أسماك صغيرة السن، يحمل دلالات رمزية عميقة، حيث أن هذا الاسم يُجسد الحالة الإنسانية في غزة، ويُبرز أن الفلسطيني ليس مجرماً أو قاتلاً كما تُصوره إسرائيل، بل إنساناً يمتلك المواهب والطموحات ويستحق الحياة.

ويوضح بشارات أن الفتاة مادلين، التي كانت تنتظر الصيد أمام البحر، تُمثل أيضاً انتظار الفلسطينيين للأمل والتحرر من الاحتلال.

ويشير بشارات إلى أن منظمي أسطول الحرية اختاروا هذا الاسم ليُعيدوا تعريف الحياة اليومية الفلسطينية، بعيداً عن الصورة النمطية التي فرضها الاحتلال على مدى عقود.

ويؤكد بشارات أن هذه الرمزية تُشكل نقطة تقاطع مشتركة بين مختلف الثقافات والأيديولوجيات، حيث تُجمع الشعوب على أن الفلسطيني يستحق الحياة والحرية.

ويتوقع بشارات أن تُشكل رحلة “مادلين” أرضية لإعادة تموضع القضية الفلسطينية وحرب غزة في قلب الاهتمامات الشعبية والجماهيرية على المستويات العربية والإقليمية والدولية.
ويؤكد بشارات أن هذه المبادرة، رغم ما واجهته، ستُلهم المزيد من التحركات لكسر الحصار، وستُعزز التضامن العالمي مع الفلسطينيين، مُعيدة إحياء الدور الشعبي في مواجهة الاحتلال وسياساته العدوانية.

رسائل ترهيب إلى كل من يدعم القضية الفلسطينية:
ويقول أستاذ الإعلام السياسي في جامعة الخليل، د. سعيد شاهين إن الاعتداء الإسرائيلي الأخير على سفينة “مادلين”، التي كانت ضمن أسطول الحرية المتجه لكسر الحصار عن قطاع غزة، يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي الإنساني ومساً خطيراً بحقوق الإنسان.

ويوضح شاهين أن هذا الاعتداء يأتي كجزء من نهج إسرائيلي مستمر في تحدي القوانين والقرارات الدولية منذ نكبة 1948، مستفيدة من دعم الولايات المتحدة الذي يوفر لها حصانة من المساءلة والعقاب.

ويشير شاهين إلى أن إسرائيل، التي تعتبر نفسها فوق القانون، واصلت على مدار أكثر من 19 شهراً حرب الإبادة والتجويع والتعطيش ضد مليوني فلسطيني في غزة، مستخدمة ذريعة “الدفاع عن النفس” وحماية أمنها القومي لتبرير انتهاكاتها.

ويصف شاهين الاعتداء على سفينة “مادلين” واحتجاز طاقمها، حيث كانت تحمل متضامنين دوليين يسعون لكسر الحصار ودعم الشعب الفلسطيني، بأنه محاولة إسرائيلية لإرسال رسائل ترهيب إلى كل من يدعم القضية الفلسطينية.

ويوضح شاهين أن هذا العمل يهدف إلى ردع الناشطين عن مواصلة جهودهم لرفع الظلم عن أهالي غزة، مشيراً إلى أن المتضامنين الـ12 على متن السفينة تم اقتيادهم إلى ميناء أسدود، مع تهديدات بسجنهم في زنازين منفردة بناءً على دعوة وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي المتطرف إيتمار بن غفير.

ويؤكد شاهين أن اختيار اسم “مادلين” للسفينة يحمل دلالات رمزية عميقة، حيث يمثل رسالة تضامن مع الفلسطينيين وخاصة الأطفال الذين يعانون من ويلات الحرب الإسرائيلية، التي أودت بحياة أكثر من 18 ألف طفل في غزة حتى الآن.

ويوضح شاهين أن هذا الاسم يعبر عن التزام المتضامنين بالوقوف إلى جانب القضية الفلسطينية ورفض الإبادة المستمرة التي ترتكبها “آلة القتل الصهيونية”.

استنفار أكبر للناشطين والمؤيدين للقضية الفلسطينية:
ويؤكد شاهين أن إسرائيل، بدلاً من احترام القانون الدولي، لجأت إلى اعتراض السفينة، مما يكشف زيف ادعاءاتها بالديمقراطية واحترام حقوق الإنسان.

ويشير شاهين إلى أن هذا السلوك لن يوقف الاحتجاجات العالمية المناهضة لإسرائيل، بل على العكس، سيؤدي إلى تصعيد التضامن الدولي مع فلسطين، خاصة مع إطلاق قوافل جديدة من دول مثل تونس، والجزائر، والمغرب، وليبيا لدعم غزة.

ويؤكد شاهين أن التغطية الإعلامية الواسعة، سواء عبر الإعلام التقليدي أو الجديد، لهذا الحدث، إلى جانب التفاعل الهائل من الجمهور العالمي، ستعزز من جهود كسر الحصار.

ويتوقع شاهين أن يؤدي هذا الاعتداء إلى استنفار أكبر للناشطين والمؤيدين للقضية الفلسطينية، مما سيضاعف من حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) ويكشف سرديتها الزائفة.

ويعتقد شاهين أن إسرائيل، التي تبدو مرتبكة وخائفة من تنامي الاحتجاجات العالمية، لن تستطيع منع موجة التضامن المتزايدة مع فلسطين وحقوق الإنسان.

قرصنة متوقعة وتعكس هوية دولة الاحتلال:
من جانبه، يؤكد الكاتب والمحلل السياسي طلال عوكل أن اعتراض الجيش الإسرائيلي لسفينة “مادلين”، التي حاولت كسر الحصار عن قطاع غزة، كان متوقعاً، ليس فقط بسبب سوابق مثل الاعتداء على سفينة “مرمرة” في ظروف أقل حدة، بل لأنه يعكس هوية دولة الاحتلال الجوهرية.

ويوضح عوكل أن هذا السلوك، الذي يتجاهل القوانين الدولية والإنسانية، يكشف طبيعة إسرائيل وخصائصها العدوانية، مؤكداً أن الاعتراض يُظهر بوضوح القيم التي تقود دولة الاحتلال ووظيفته في قمع الفلسطينيين.

ويشير عوكل إلى أن الاعتداء على “مادلين” يُضاف إلى سلسلة من الانتهاكات التي تُبرز إسرائيل كدولة تتحدى المعايير الدولية، مُقدماً دليلاً آخر على جوهرها الاستعماري.

ويؤكد عوكل أن هذه المحاولة لن تكون الأخيرة، حيث تُجرى تحضيرات مكثفة لتكرار مثل هذه المبادرات بأشكال مختلفة، بهدف التضامن مع غزة، وتحدي الحصار، وكسره.

ويشير عوكل إلى أن آلاف المتطوعين في طريقهم من تونس إلى معبر رفح، إلى جانب وفود شعبية أخرى وصلت بالفعل، مما يعكس زخماً دولياً متصاعداً لدعم القضية الفلسطينية.

ويؤكد عوكل على الدلالات العميقة لاختيار اسم “مادلين” للسفينة، مشيراً إلى أنه يُجسد أهداف الرحلة بالكامل.

ويوضح عوكل أن الاسم، المستوحى من الفتاة الغزية مادلين كلّاب، يرمز إلى التضامن مع أطفال فلسطين، والبحث عن سبل العيش رغم الحصار، ورفض حرب الإبادة الجماعية والتجويع التي تشنها إسرائيل.

ويؤكد عوكل أن هذه الرمزية تُعزز رسالة التحدي والصمود، وتُلهم المزيد من التحركات الشعبية لمواجهة الظلم المفروض على غزة.

التعليقات مغلقة.