الإنسانية المسلحة !

موقع صنعاء سيتي- صحافة

 

في الكوارث والحروب، لا تخضع عمليات الغوث والمساعدة للابتزاز والمساومة، ومتاهات ودهاليز المفاوضات، وينظر المنكوبون لمراكز المساعدات كملاذات آمنة لهم، لكنها في قطاع غزة لم تكن كذلك، بعد أن غدت مصائد للجياع، وساحة رماية للقناصة من الجنود المرتزقة، الذين جلبتهم الولايات المتحدة لإدارة ما أطلق عليها “مؤسسة غزة الإنسانية”، وهي التي أظهرت الشواهد المرئية أنها أبعد ما تكون عن الإنسانية، وأقرب إلى كونها لواءً من ألوية القتل والتدمير، تضطلع بمهمة التجويع، ونصب أفخاخ الطعام لاستدراج الجائعين وابتزازهم في وجع أمعائهم لإعدامهم، قبل أن يتمكنوا من استلام ما يقيم أودهم وأود أطفالهم.

 

تتحمل الولايات المتحدة كامل المسؤولية عما يتعرض له الجياع من قتل يومي، وهي القادرة على تحييد المساعدات عن عمليات المساومة، بترك الأمر للجهات ذات الخبرة مثل “الأونروا”، التي تذهب للجياع ولا يأتون إليها في رحلة إجبارية محفوفة بالمخاطر، ومكشوفة أمام قطيع الذئاب الذي يتربص بهم.

 

في تعقيبه على ما تعرض له الجياع أمس من إطلاق نار، أنحى الناطق باسم الجيش الإسرائيلي باللائمة على الضحايا، زاعماً أنهم  شكلوا خطراً على القوات المدججة بأحدث أنواع الأسلحة، وهو تبرير أشد قبحاً من فعل القتل العمد لعشرات الجياع، فكيف يمكن للجائعين المنهكين من وعثاء المشي الطويل، والعطش الشديد، في منطقة مكشوفة أمام المسيّرات التي تنتشر فوقهم كالحشرات، أن يشكلوا خطراً؟ وإذا كان ثمة مسلحون بين الجائعين، فهم بالتأكيد من المتعاونين معها، ولا علاقة لحماس بهم، ذلك أن المسيّرات التي رصدتهم أمس لم تشتبك معهم، ما يؤكد أن المشهد معدٌّ مسبقاً لتسويقه للعالم على نحو مغاير للحقيقة، ولتبرير قتل المزيد من الزاحفين على بطونهم، أمام مراكز يديرها من يفتقدون لأدنى المشاعر الإنسانية، ويخاصمون القيم والأخلاق، وينتهكون الأعراف والقوانين الدولية.

التعليقات مغلقة.