موقع صنعاء سيتي – متابعات – 7 ذو الحجة 1446هـ
طالبت أبرز الاتحادات النقابية في قطاع الطاقة البرازيلي، الحكومة الفيدرالية، بفرض حظر فوري على تصدير النفط الخام ومشتقات الطاقة إلى دولة الاحتلال الإسرائيلي، احتجاجًا على ما وصفته بـ”الإبادة الجماعية الجارية ضد الفلسطينيين في قطاع غزة”.
جاء ذلك في رسالة رسمية مشتركة، اطلعت عليها وكالة “قدس برس”، اليوم، وجهها كل من الاتحاد الوطني لعمال النفط (FNP) والاتحاد الموحد لعمال النفط (FUP) إلى الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا وعدد من الوزراء والمسؤولين الحكوميين.
وأكدت الرسالة أن “مواقف الحكومة البرازيلية المعلنة والمنددة بجرائم الحرب الإسرائيلية ضد المدنيين الفلسطينيين، وعلى رأسها تصريحات الرئيس لولا، مهمة، لكنها لا تكفي وحدها”، داعية إلى اتخاذ خطوات عملية تتماشى مع الالتزامات القانونية الدولية للبرازيل، وقرارات محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة.
ووفقاً للرسالة، فقد صدّرت البرازيل إلى إسرائيل نحو 2.7 مليون برميل من النفط الخام خلال عام 2024، وهو ما يمثل نحو 3.3% من إجمالي استهلاك الاحتلال من النفط سنويًا. كما أشارت إلى أن البرازيل مسؤولة عن 9% من مجمل صادرات النفط الخام إلى إسرائيل منذ اندلاع العدوان على غزة في تشرين الأول/أكتوبر 2023.
ووصفت النقابات استمرار تصدير النفط بأنه “تواطؤ مادي مع جريمة الإبادة الجماعية”، مشددة على أن “البترول المصدَّر يغذي الماكينة العسكرية الإسرائيلية من دبابات وطائرات ومركبات، ويُستخدم أيضًا في تشغيل معدات الهدم التي تستهدف البنية التحتية في غزة والضفة الغربية”.
ودعت الرسالة الحكومة البرازيلية إلى اتخاذ خطوات فورية تشمل تعليق تصدير النفط الخام ومشتقات الطاقة إلى إسرائيل، ووقف المشاريع المشتركة مع الشركات الإسرائيلية في قطاع الطاقة، إضافة إلى دعم العقوبات الدولية والإجراءات الرامية لمحاسبة دولة الاحتلال على جرائم الحرب.
وختمت الرسالة بالقول إن “البرازيل، بوصفها دولة ملتزمة بالقانون الدولي وحقوق الإنسان، مطالبة اليوم بالوقوف في الجانب الصحيح من التاريخ، وترجمة مواقفها السياسية إلى إجراءات اقتصادية واضحة تضع حدًا للتواطؤ مع الاحتلال”.
وفي تصريحات أدلى بها باولو نيفيس، مدير الاتصال في الاتحاد الموحد لعمال النفط (FUP)، أكد أن موقف الاتحاد نابع من “قناعة راسخة بأن هذه المأساة التاريخية الفظيعة يجب أن تنتهي”، مشيرًا إلى أن الاتحاد عبّر عن موقفه “بشكل حازم وواضح من خلال الرسالة التي أُرسلت إلى الرئيس لولا، والتي نطالب فيها بفرض حظر على تصدير المشتقات النفطية إلى إسرائيل”.
وأوضح نيفيس خلال مقابلة مصورة لـمنصة /TVT News/ البرازيلية رصدتها “قدس برس”، أن الاتحاد تلقى في العام الماضي استفسارات من حركات يسارية وتقدمية بشأن استمرار شركة “بتروبراس” في تصدير النفط إلى إسرائيل، وأن الرد الرسمي من إدارة الشركة كان بأن “بتروبراس لا تصدّر النفط لإسرائيل. لكنه استدرك قائلاً: “لكن البرازيل، كدولة، كانت ولا تزال تقوم بهذا النوع من التصدير”.
وأرجع نيفيس ذلك إلى عملية “الخصخصة وكسر احتكار الدولة لقطاع النفط”، موضحًا أن “أي شركة يمكنها اليوم شراء حقل للتنقيب واستخراج النفط وتصديره كما تشاء، وهذه هي الشركات التي تقوم فعليًا بعملية التصدير”.
وأشار إلى أن حجم التصدير إلى إسرائيل لا يتجاوز 0.75% من إجمالي صادرات البرازيل من النفط، “لكن رغم ضآلته، يكفي أن نعلم أن هذا النفط يُستخدم في تشغيل آلة الحرب الإسرائيلية التي تواصل ارتكاب المجازر، حتى نتخذ موقفًا مبدئيًا برفض استمرار هذه الصادرات والدعوة الفورية إلى فرض الحظر”.
واختتم نيفيس تصريحاته بالقول إن “هذا الموقف ليس سياسيًا فقط، بل إنساني وأخلاقي في المقام الأول، يهدف إلى وقف نزيف الدم الفلسطيني، وإنقاذ حياة الأبرياء، من نساء وأطفال يُقتلون يوميًا في هذه المأساة الإنسانية التي نشهدها جميعًا”.
في السياق ذاته، أوضح الكاتب والصحفي المتخصص في الشؤون الدولية، إدواردو فاسكو، أن الميزان التجاري بين البرازيل و”إسرائيل” يظهر انحيازًا اقتصاديًا طويل الأمد لصالح الأخيرة، مشيرًا إلى أن العجز التجاري مع إسرائيل هو حالة دائمة منذ عام 1997، وفقًا لبيانات وزارة التنمية والصناعة والتجارة البرازيلية.
وبيّن فاسكو أن البرازيل كانت في عام 2024 الشريك التجاري الثاني عشر لدولة الاحتلال الإسرائيلي على مستوى العالم، والأول في أمريكا اللاتينية، والثاني في القارتين الأميركيتين بعد الولايات المتحدة، بنسبة بلغت 2.1% من إجمالي تجارة الاحتلال الخارجية.
وأوضح فاسكو أن بعض شركات النفط متعددة الجنسيات مثل “Shell وTotalEnergies” نفت مسؤوليتها المباشرة عن بيع النفط لإسرائيل، إلا أن التحقيقات أظهرت أن البرازيل أرسلت، منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 وحتى تموز/يوليو 2024، نحو 65 شحنة من النفط الخام والوقود إلى إسرائيل، أي ما يعادل 9% من إجمالي واردات النفط الإسرائيلية خلال تلك الفترة.
كما كشف فاسكو، استنادًا إلى بيانات رسمية، أن صادرات النفط البرازيلي إلى إسرائيل ارتفعت في 2024 بنسبة 55% مقارنة بعام 2023، لتتجاوز قيمتها مليار ريال برازيلي (نحو176.2 مليون دولار أمريكي). وفي بعض فئات مشتقات الطاقة، مثل الزيوت المعدنية، بلغ الارتفاع 12,380% مقارنة بالعام السابق، في حين سجلت صادرات 2025 (حتى نيسان/أبريل) قفزة بلغت 44,300% مقارنة بعام 2023.
وختم الكاتب تحليله بالإشارة إلى أن هذا الواقع الاقتصادي يشكل، برأيه، سببًا إضافيًا يدعو إلى إعادة تأميم شركة “بتروبراس” البرازيلية، وإعادتها إلى السيطرة الشعبية، مع استعادة الاحتكار الوطني للدولة في مجال استخراج النفط، مشددًا على أن الشركات متعددة الجنسيات التي تستغل الموارد البرازيلية تساهم فعليًا في تمويل آلة الحرب الإسرائيلية.
يُذكر أن مجلس الشيوخ البرازيلي، قد صوّت في 21 أيار/مايو 2025، لصالح مشروع قانون يقضي بإقرار يوم 12 نيسان/أبريل من كل عام يوماً لـ”الصداقة بين البرازيل وإسرائيل”، وهو القرار الذي أثار موجة واسعة من الانتقادات، خاصة داخل الأوساط اليسارية، وضمن حزب العمال الحاكم (PT)، بسبب تمريره بصمت كتلة الحزب في المجلس، رغم المواقف المعلنة للرئيس لولا دا سيلفا وحزبه ضد العدوان الإسرائيلي المتواصل على قطاع غزة.
ويُشار إلى أن الرئيس البرازيلي لويس إيناسيو لولا دا سيلفا كان قد أعرب في مناسبات سابقة عن إدانته الشديدة للعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، واصفاً ما يجري بأنه “إبادة جماعية لا يمكن تبريرها”.
وأضاف في تصريحات على حساباته على مواقع التواصل الاجتماعي، نهاية أيار/مايو الماضي، أن “ما نشهده في غزة لم يعد يتعلق بالدفاع عن النفس أو مكافحة الإرهاب، بل هو انتقام جماعي يستهدف المدنيين العزّل، وخصوصاً النساء والأطفال”.
وتابع لولا: “مقتل تسعة من أبناء الطبيبة الفلسطينية آلاء النجار في غارة إسرائيلية، ونجاة طفل واحد وزوجها في حالة حرجة، يجسّد بوضوح فظاعة هذا الصراع، الذي تحوّل إلى حملة لطرد الفلسطينيين من أرضهم ومنعهم من أبسط مقومات الحياة”.
وبدعم أميركي، ترتكب إسرائيل، منذ السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023، جرائم إبادة جماعية في غزة، خلّفت أكثر من 179 ألفا بين شهيد وجريح فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء، وما يزيد على 11 ألف مفقود.
التعليقات مغلقة.