“لن يتبقى لهم سوى مساحة أريكة”.. خطط الإجلاء الإسرائيلية تهدف لحصر السكان في منطقة صغيرة بغزة

موقع صنعاء سيتي – صحافة

 

نشرت صحيفة “فايننشال تايمز” تقريرا أعدته أديتي بانداري وميهول سيرفستافا حللا فيه أوامر الإخلاء التي تقول إسرائيل إنها من أجل إبعاد مليوني فلسطيني في غزة عن الأذى والقصف، أما سكان القطاع فيرونها نذيرا للتشريد والمعاناة المستمرة والانتقال من مكان إلى آخر.

 

وتأتي التحذيرات للهروب فجأة: ملصقات طائرة من الجو ورسائل نصية لآلاف الهواتف وخرائط مربكة على منصات التواصل الاجتماعي توجه السكان لمزيد من الأنقاض واليأس.

 

ويطلق الجيش الإسرائيلي عليها “أوامر إخلاء” لكن سكان غزة يرونها رسالة نحو المعاناة والرحيل مع أبنائهم والكبار في العمر والمشي البطيء المهين نحو زاوية أخرى مدمرة من القطاع.

 

ويقدم تحليل “فايننشال تايمز” لمئات الأوامر منها 30 أمرا منذ خرق إسرائيل لوقف إطلاق النار في آذار/مارس الطريقة التي أمرت فيها إسرائيل جيشها باحتلال كامل القطاع، وكيف غيرت شكل غزة حيث لم تترك إلا مساحات قليلة من الأرض للفلسطينيين.

 

ووجدت الصحيفة أن خمسة أرباع غزة والتي كانت قبل الحرب من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم قبل الحرب التي اشتعلت بسبب هجوم حماس على إسرائيل في تشرين الأول/أكتوبر، أصبحت محاور عسكرية ومغطاة بأوامر الإجلاء.

 

وجدت الصحيفة أن خمسة أرباع غزة والتي كانت قبل الحرب من أكثر المناطق كثافة سكانية في العالم قبل الحرب، أصبحت محاور عسكرية ومغطاة بأوامر الإجلاء.

لكن إسرائيل لم تنته بعد، فقد اقترح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أنه يريد حصر السكان في زاوية صغيرة من الأرض على طول الحدود مع مصر، وحظر بقية القطاع عنهم. وحذر مراقبون دوليون من أن إجبار سكان غزة على النزوح جنوبا بهذه الطريقة وإلى أرض صحراوية قاحلة بلا مياه جارية أو كهرباء أو حتى مستشفيات، يعد تطهيرا عرقيا.

 

ويخشى الفلسطينيون أن يكون هذا تمهيدا لطردهم من غزة نهائيا. وفي مؤتمر في أيار/مايو قال وزير المالية الإسرائيلي المتطرف، بتسلئيل سموتريتش: “خلال أشهر ستدمر غزة” و”سيتركز الغزيون في الجنوب”.

 

ووسعت إسرائيل منطقتها الآمنة من 300 متر إلى كيلو متر. وأصدرت إسرائيل، منذ 18 آذار/مارس، أوامر إخلاء ووسعت المنطقة العازلة العسكرية. ولا تشكل المناطق “الآمنة” المتبقية سوى نسبة 20% من مساحة غزة الأصلية. وتعتبر أكثر من 60% من المساحة المبنية في غزة، بما في ذلك تلك التي يجبر الفلسطينيون على النزوح إليها، متضررة بشدة إن لم تكن مدمرة.

 

وأنشأ الجيش الإسرائيلي في نيسان/أبريل ممرا في جنوب غزة اسمه موراغ. ويقترح قادة إسرائيل أنهم يريدون تشريد ما تبقى من الفلسطينيين جنوبي موراغ. وقد دمرت إسرائيل معظم شمال غزة، ولكن القوات الإسرائيلية تقوم ومنذ عدة أسابيع بتدمير وتسوية المنطقة الواقعة جنوب موراغ، حيث سمي باسم مستوطنة إسرائيلية أنشئت عام 1972 وحتى 2005.

 

وما تبقى من المنطقة خال من المصادر الضرورية للعيش، وأصبحت مدينة رفح التي كانت مرة مزدهرة قرب الحدود أنقاضا، والمناطق الرملية حولها بدون أشجار وعارية ولا توجد مياه صحية أو كهرباء. وفي الوقت الحالي يفصل ممر موراغ أنقاض رفح عن مدينة كبرى أخرى وهي خان يونس والتي أجبرت إسرائيل سكانها على الرحيل.

 

وتكشف الأقمار الاصطناعية بأن إسرائيل تحضر المناطق جنوب الممر لانتشار طويل الأمد، وقد تم تنظيف مساحات واسعة وتبدو كنقاط عسكرية محمية بسواتر رملية ومركبات متوقفة حولها. وتظهر خرائط زودت القوات الإسرائيلية الصحيفة بها ثلاث مناطق توزيع للمساعدات ضمن الخطة المثيرة للجدل والتي يتولاها مرتزقة أجانب وتشرف عليها إسرائيل.

 

وحذرت الأمم المتحدة من أن هذا الأمر ينذر بنزوح جماعي، إذ إن تركيز نقاط التوزيع على طول الممر سيجبر الأسر الجائعة على التخلي عن أراضيها في الشمال والقيام برحلة محفوفة بالمخاطر إلى الجنوب. وما ينتظرهم هو اكتظاظ خانق، وأحد أكثر التجمعات البشرية كثافة في العالم. فعلى عكس المناطق الحضرية المكتظة بالسكان، مثل الأحياء الفقيرة في جنوب آسيا، لا يوجد صرف صحي ولا مياه جارية.

 

وحتى في الحساب المتساهل فإن سكان غزة الذين أنهكتهم الحرب لن يكون لهم مكان مدني أقل من مساحة غرفة صغيرة للعيش عليها. وإذا استثنينا الأراضي غير الصالحة للاستخدام، التي تشغلها الأنقاض والمستنقعات والطرق ومكبات النفايات، فإن المساحة المتبقية لكل فلسطيني قد تكون أقل بكثير. وفي أسوأ الحسابات، قد لا تتجاوز مساحة أريكة في غرفة معيشة.

 

وتعلق الصحيفة أن حشد السكان بهذه الطريقة هو من أجل تحقيق هدف يسعى إليه اليمين الإسرائيلي المتطرف، وهو دفع السكان على الخروج من وطنهم وللأبد. وقال سموتريتش: “سيفهمون أنه لم يعد هناك أمل ولا شيء لهم في غزة” و”سيصبحون يائسين كليا” وسيبحثون عن مكان آخر.

 

*“القدس العربي”

التعليقات مغلقة.