نائب الرئيس الأميركي يعلن نهاية الهيمنة الأمريكية.. ما علاقة اليمن؟!

موقع صنعاء سيتي – صحافة 

 

بعد فشل الولايات المتحدة في المواجهة مع اليمن، وانسحاب حاملة الطائرات الأميركية هاري ترومان، وتجاوزها مضيق جبل طارق، في طريقها للعودة، يعلن نائب الرئيس الأميركي جي دي هانس، أن “عصر الهيمنة الأميركية غير المتنازع عليها قد انتهى”.

وفي ما بدا أنه يقدم تفسيرًا وشرحًا لأسباب انتهاء هذا العصر، يضيف هانس: “يجب على المشرعين وكبار القادة العسكريين على حد سواء أن يتعلموا التكيف مع عالمٍ، حيث الطائرات دون طيار الرخيصة والمتاحة بسهولة، والصواريخ المجنحة والهجمات السيبرانية تُسبب أضرارًا بالغة لأصولنا العسكرية وأفراد خدمتنا”.

وبالحديث عن الطائرات المسيرة والصواريخ المجنحة، فإنه من الواضح جدًا، أنه يتحدث حصرًا عن اليمن، لأنه ببساطة لم تخض الولايات المتحدة أيَّ تحدٍّ من هذا القبيل، إلا في مواجهة القوات المسلحة اليمنية التي اشتبكت مع خمس من حاملات الطائرات الأميركية، تبادلت الانتشار في المنطقة على مدى عام ونصف، وكانت تهدف لمنع إسناد غزّة، وتأمين الملاحة الإسرائيلية، لكنّها انكفأت أخيرًا، وأعلنت الانسحاب، والهزيمة، مدّعية أنها انتصرت.

لقد كانت التكتيكات اليمنية فعالة بدرجة كبيرة، رغم استخدام أسلحة يصر بعض المراقبين والعسكريين على وصفها بالبدائية، وإن كان بعضهم الآخر يعتبر أنها متقدمة، لكنّها على كلّ حال، فرضت نفسها، وأسفرت عن تغييرات عميقة في العقيدة العسكرية ليس فقط للبحرية الأميركية، وإنما أصبحت مثار اهتمام كبريات مراكز الأبحاث في الشرق والغرب، ولاحظنا كيف أن وسائل الإعلام الصينية والروسية قد اهتمت بها لدرجة كبيرة، وسلطت الضوء عليها عبر عشرات التقارير.

أما أبرز نتائج العمليات اليمنية، فهي تتابع خمس حاملات طائرات، للعمل في بيئة عسكرية خطيرة، لم تشهدها البحرية الأميركية منذ الحرب العالمية الثانية، حسب تصريحات مسؤولين عسكريين أميركيين، وسقوط ثلاث طائرات حديثة من طراز أف 18، الأحدث في سلاح البحرية الأميركية. واحدة قيل إنها بنيران صديقة، واثنتان في أثناء هروب حاملة الطائرات ترومان، والابتعاد عن الضربات الصاروخية اليمنية، ما أدى إلى انعطاف حاد، وبالتالي سقوط الطائرات، المشار إليها. علاوة على ارتفاع تكاليف الانتشار العسكري واستخدام القذائف، والتي وصلت حسب آخر التقديرات إلى سبعة مليارات دولار.

أهمية تصريحات فانس، نابعة من موقعه كنائب للرئيس الأميركي، ويتحدث باسمه، ويشرح سياسته الجديدة، وأيضًا من كونها ضمن محاضرة ألقاها على خريجي البحرية 2025، والذين أُلقي على عاتقهم مسؤولية العمل بالنهج الجديد للبحرية الأميركية، والذي حسب تعبيره، سيكون “غير مألوف حتّى لأولئك الذين خدموا قبلكم”.

لكن، ما الذي تعنيه نهاية الهيمنة الأميركية؟ ولماذا يُشار إلى هذا المفهوم الجديد في السياسة الأميركية، على لسان نائب الرئيس الأميركي؟

يعرف عن جي دي فانس، أنه كان مع فكرة أميركا أولًّا، والتي يرفعها ترامب منذ ولايته الأولى، وكان معارضًا للغزو الأميركي للعراق، ويعتبر أن أميركا لا تحسن إدارة الحروب، وفي تعليقه بعد الانسحاب الأميركي من العراق أمام الكونغرس، قال: “رأيت عندما ذهبت للعراق أنني تعرضت للكذب، وأن الوعود التي قدمتها السياسة الخارجية كانت مجرد مزحة”.

في العدوان الذي شنته إدارة ترامب على اليمن، ووفقًا لتسريبات “ذ أتلانتيك”، في ما عرف بفضيحة تطبيق المراسلة سيجنال، فإن فانس، لم يكن متحمسًا، حيث شكك في مدى أهمية العملية، قائلًا: ” إن 3% فقط من التجارة الأميركية يمر عبر قناة السويس”، في ما “40% من التجارة الأوروبية يمر عبرها، وهذا يقلل من أهمية اهتمام الولايات المتحدة بحرية الملاحة، وأضاف: “أكره ببساطة إنقاذ أوروبا مرة أخرى”.

في خطابه لخريجي البحرية، يضيف فانس متحدثًا عن رحلة ترامب للمنطقة: “ركزت معظم العناوين الرئيسية في الإعلام على تريليونات الدولارات من الاستثمارات الجديدة التي تم تأمينها لبلدنا في الوقت الحاضر من السعودية وقطر والإمارات، وهذا بالطبع أمر مهم.. لكنني أعتقد أن الجزء الأكثر أهمية في تلك الرحلة هو أنها دلت على نهاية النهج الطويل الأمد في السياسة الخارجية والذي أعتقد أنه كان بمنزلة قطيعة مع السابقة التي وضعها آباؤنا المؤسسون”.

هكذا، فإن فانس يختصر المسألة، ويؤكد التحول الكبير في السياسة الأميركية، نحو التخفيف من الحضور في المنطقة، مدفوعًا بنهاية عصر التفوق، وأيضًا بأمثلة من الفشل الأميركي الذي دفع ثمنه الاقتصاد الأميركي ترليونات الدولارات، ودفعه أفراد الخدمة الذين خدموا سابقًا، ثمّ من أتوا بعدهم تحملوا ذلك أيضًا، وتحملوا معه نتائج الفشل السابق، حسب فانس.

إنه، إذن، عصر الانكفاء الأميركي، وانتهاء ما وصفها بـ “سياستنا الخارجية التي استبدلت الدفاع الوطني والحفاظ على تحالفاتنا ببناء الأمة والتدخل في شؤون الدول الأجنبية حتّى عندما لا يكون لتلك الدول الأجنبية علاقة تذكر بالمصالح الأميركية”.

من المتوقع أن تبقى السياسة الجديدة لواشنطن، على حالها في ما يخص الكيان “الإسرائيلي”، بل وستسعى بكلّ شكل من الأشكال ليكون جزءًا من المنطقة وتوسيع اتفاقيات التطبيع، وقبل ذلك دعم أميركي كامل لمواصلة جريمة الإبادة في غزّة، فنائب الرئيس الأميركي جي دي فانس، يعتبر من داعمي الكيان، ودائمًا ما يدعو إلى دعم قوي لـ”إسرائيل” حتّى “تهزم” حماس، ويرى أن هذه “الهزيمة” هي التي ستسمح بفتح بوابة التطبيع “الإسرائيلي” مع العرب.

 

*العهد الاخباري: علي الدرواني

التعليقات مغلقة.