موقع صنعاء سيتي – متابعات – 1 ذو الحجة 1446هـ
بلغ الصراع بين جامعة هارفارد، وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب ذروته الثلاثاء، في المعركة التي أطلقها ترمب في 11 نيسان الماضي، عندما قرر البيت الأبيض حرمان أقدم جامعة في الولايات المتحدة ،التي أنشأت قبل قيام الولايات المتحدة ب140 عام، من التمويل، وذلك بعد رفض هارفارد مطالب الإدارة بالسيطرة على سياسات الجامعة وموظفيها ومناهجها الدراسية، خاصة ملاحقة الطلاب الذين شاركوا في الاحتجاجات المناصرة للقضية الفلسطينية.
وصرّح الرئيس دونالد ترمب في 25 أيار بأنه يريد معرفة “أسماء ودول” الطلاب الأجانب المسجلين في الجامعة لتحديد “عدد المتطرفين والمشاغبين الذين لا ينبغي السماح لهم بالعودة إلى بلادنا”. كما قال إنه يدرس إنهاء المنح والعقود الفيدرالية المتبقية مع الجامعة.
يشار إلى أن إدارة ترمب استهدفت العديد من الجامعات المرموقة، بما فيها هارفارد، ظاهريًا بسبب تعاملها مع الاحتجاجات الطلابية المتعلقة بحرب غزة، ومبادراتها في مجال “التنوع والمساواة والشمول DRI”.
وكانت إدارة ترمب قد أعلنت في نيسان الماضي أنها قررت منع جامعة هارفارد من تلقي منح سنوية بقيمة 2.2 مليار دولار وعقد متعدد السنوات بقيمة 60 مليون دولار، وذلك لرفضها الامتثال لمطالب الإدارة التي فرضتها على المؤسسة، في ملاحقة الطلاب الذين احتجوا ضد حرب الإبادة الإسرائيلية على غزة.
وصرح رئيس جامعة هارفارد، آلان جاربر، بأن الجامعة لن تمتثل لسلسلة من التوجيهات التي تتوافق مع الأجندة السياسية للإدارة للتعليم العالي، والتي تُعرّض استقلال المؤسسة للخطر.
وقال جاربر في رسالة سابقة إلى الطلاب والخريجين: “إن قرار الإدارة يتجاوز سلطة الحكومة الفيدرالية. فهو ينتهك حقوق هارفارد المنصوص عليها في التعديل الأول للدستور الأميركي، ويتجاوز الحدود القانونية لسلطة الحكومة بموجب الباب السادس من قانون الحريات المدنية لعام 1964”. وأضاف: “لا ينبغي لأي حكومة أميركية – بغض النظر عن الحزب الحاكم – أن تُملي على الجامعات الخاصة ما يُمكنها تدريسه، ومن يُمكنها قبوله وتوظيفه، ومجالات الدراسة والبحث التي يُمكنها متابعتها”.
وردًا على ذلك، رفعت جامعة هارفارد دعوى قضائية ضد إدارة ترمب مُعترضةً على قرار الحكومة بتجميد تمويل الجامعة. وقال غاربر آنذاك إن إدارة ترمب، بتجميدها الأموال، قد “عرّضت للخطر” أبحاثًا تشمل جهودًا لتحسين فرص نجاة الأطفال من السرطان، وفهم كيفية انتشار السرطان في الجسم على المستوى الجزيئي، والتنبؤ بانتشار تفشي الأمراض المعدية، وتخفيف آلام الجنود الجرحى في ساحة المعركة.
من جهتها، كانت وزارة التعليم قد فصٌلت ما تتوقعه من جامعة هارفارد، للحصول على تمويل فيدرالي، في رسالة موجهة إلى غاربر في 11 نيسان الماضي. وتضمنت القائمة تقليص صلاحيات الطلاب وأعضاء هيئة التدريس غير الملتزمين بالتغييرات التي أوصت بها الإدارة، وتوظيف جهة من خارج الجامعة للتدقيق فيما إذا كان هناك “تنوع في وجهات النظر” وتقديم التقرير إلى الحكومة الفيدرالية، واعتماد سياسات توظيف وقبول قائمة على الجدارة، وإبلاغ وزارة الأمن الداخلي عن أي طالب أجنبي يرتكب انتهاكًا للسلوك، ووقف أي برامج للتنوع والمساواة والشمول.
وادعت الإدارة عندئذ ، أنه بسبب المخاوف بشأن المضايقات المعادية للسامية، طلبت الإدارة من الجامعة أيضًا توظيف شخص من خارج الجامعة – بموافقة الحكومة – لإصلاح كلية اللاهوت، وكلية الدراسات العليا للتربية، وكلية الصحة العامة، وكلية الطب، وبرنامج الدين والحياة العامة، ومركز FXB للصحة وحقوق الإنسان، ومركز دراسات الشرق الأوسط، ومركز كار لحقوق الإنسان، وقسم لغات وثقافات الشرق الأدنى، وعيادة حقوق الإنسان الدولية بكلية الحقوق بجامعة هارفارد.
وقال جاربر إن مطالب الحكومة لا تتعلق بمنع معاداة السامية بقدر ما تتعلق بـ “التنظيم الحكومي للظروف الفكرية في هارفارد”.
وأضاف جاربر: “لن تتحقق هذه الغايات من خلال ادعاءات السلطة، المنفصلة عن القانون، للسيطرة على التدريس والتعلم في هارفارد وإملاء كيفية عملنا. إن معالجة أوجه قصورنا، والوفاء بالتزاماتنا، وتجسيد قيمنا، هي مسؤوليتنا كمجتمع أكاديمي؛ نحن نحددها ونحن نتعهد بها”.
يشار إلى جامعة كولومبيا رضخت الشهر الماضي لمطالب الإدارة بإصلاح سياساتها المتعلقة بالأمن والاحتجاجات، بالإضافة إلى إعادة النظر في قسم دراسات الشرق الأوسط، وملاحقة المناصرين للقضية الفلسطينية، بعد تهديدها بحجب 400 مليون دولار من التمويل الفيدرالي. وتواجه العديد من الجامعات الأخرى في جميع أنحاء الولايات المتحدة حاليًا تحقيقات فيدرالية قد تؤدي إلى مطالب مماثلة بتغيير السياسات الأكاديمية أو الاجتماعية أو الثقافية.
وكانت إدارة ترمب قد أعلنت في آذار الماضي، أنها تُراجع التمويل الفيدرالي لجامعة هارفارد البالغ 9 مليارات دولار. تدعم المنح الأبحاث في الجامعة و11 مستشفى تابعًا لها، بما في ذلك مستشفى ماساتشوستس العام، ومعهد دانا فاربر للسرطان، ومستشفى بوسطن للأطفال. وقد أدت الأبحاث في الجامعة مباشرةً إلى تطوير لقاحات وعلاجات وسياسات وبرامج مُنقذة للحياة لملايين الأشخاص في الولايات المتحدة وحول العالم.
ووفقًا لموقعها الإلكتروني، “تُعدّ جامعة هارفارد موطنًا لأحدث الأبحاث الطبية والعلمية والتكنولوجية في العالم”. بدون تمويل فيدرالي، سيتوقف هذا العمل في منتصفه، وسيفتقر الباحثون إلى الموارد اللازمة لإكمال المشاريع الجارية أو لتمويل مشاريع جديدة في المجالات العديدة التي تدعمها جامعة هارفارد، بما في ذلك السرطان، وأمراض القلب، والأمراض العصبية ، والسمنة والسكري، والأمراض المعدية، وزراعة الأعضاء.
وأعلنت وزارة الأمن الداخلي في وقت سابق من شهر أيار الجاري أنها ألغت اعتماد جامعة هارفارد بموجب برنامج الطلاب وتبادل الزوار، وجردت الجامعة من صلاحياتها في رعاية تأشيرات الطلاب الأجانب للعام الدراسي 2025-2026. وسارعت الجامعة على الفور تقريبًا إلى رفع دعوى قضائية للطعن في هذه الخطوة.
وقال جاربر في رسالته للطلاب وموظفي ومدرسي جامعة هارفارد: “يُمثل هذا الإلغاء استمرارًا لسلسلة من الإجراءات الحكومية الانتقامية ضد جامعة هارفارد لرفضنا التنازل عن استقلالنا الأكاديمي والخضوع لسيطرة الحكومة الفيدرالية غير القانونية على مناهجنا الدراسية وأعضاء هيئة التدريس وطلابنا”. وأضاف: “ندين هذا الإجراء غير القانوني وغير المبرر”. بعد ساعات فقط من رفع جامعة هارفارد الدعوى القضائية، أوقف قاضٍ فيدرالي مؤقتًا محاولة إدارة ترمب منع هارفارد من تسجيل الطلاب الأجانب .
*سعيد عريقات
التعليقات مغلقة.