نشرت صحيفة “غلوبس” العبرية تقريرًا مطولًا كشفت فيه أن “التهديد الجديد الذي أطلقه أنصار الله تجاه موانئ حيفا شمال الأراضي المحتلة تسبب في إرباك واسع داخل المنظومة الملاحية الإسرائيلية، وترك أثرًا نفسيًا واقتصاديًا يذكّر بشلل ميناء “إيلات” ومطار “بن غوريون”.

وذكرت الصحيفة أن تصريحات المتحدث باسم القوات المسلحة اليمنية، العميد يحيى سريع، التي حذّر فيها الشركات المتجهة إلى ميناء حيفا واعتبارها “أهدافًا مشروعة”، دفعت مسؤولي الموانئ إلى التواصل مع شركات الشحن الدولية لطمأنتها، في اعتراف ضمني بتأثير التحذير اليمني.

ووفق التقرير، فإن “ميناء حيفا يُعد من أهم الموانئ الإسرائيلية، لا سيما خلال فترة الحرب، ما يجعل إدخاله ضمن بنك الأهداف تطورًا نوعيًا في مسار المواجهة. ورغم محاولة سلطات العدو التخفيف من حدة القلق، إلا أن بياناتها تشير إلى انخفاض بنسبة 40% في حركة الشحن بميناء الخليج الذي تديره الصين، وانخفاض آخر بنسبة 25% في أحواض بناء السفن، وهي مؤشرات على تصدع حقيقي في المنظومة اللوجستية بفعل التهديد اليمني”.

وأوضحت الصحيفة أن “ما يُقلق الاحتلال أكثر هو أن أنصار الله، الذين تسببوا مسبقًا بشلل ميناء “إيلات” وإغلاق المجال الجوي الإسرائيلي أمام عدة شركات طيران كبرى، يتجهون الآن لتوسيع نطاق الحصار ليشمل البحر المتوسط، ما يعني أن اليمن قد انتقل إلى مرحلة جديدة من فرض المعادلة في عمق الكيان.

وتضيف الصحيفة أن “الموانئ المستهدفة لا تملكها “إسرائيل” بشكل مباشر، بل تديرها شركات صينية وهندية، وهو ما يثير تساؤلات حول مدى شمولية الضربات اليمنية وما إذا كانت ستراعي هذه المصالح، في ظل ما وصفته الصحيفة بـ”ترابط المصالح” بين إيران – والصين متناسية ان اليمن ليس بتابع لأي جهة وعندما يتعلق الأمر بالقضية الفلسطينية لا يضع اي حسابات مهما كانت.

وأكدت غلوبس أن “صنعاء سبق وأن أبلغت الصين وروسيا بشكل غير مباشر أن سفنهما آمنة في البحر الأحمر، ما يعكس وعيًا سياسيًا متقدمًا في إدارة الاشتباك البحري. كما لفتت إلى أن شركة كوسكو الصينية العملاقة أوقفت بالفعل رحلاتها إلى “إسرائيل” منذ مطلع العام، وهو ما اعتُبر نتيجة مباشرة للتهديدات اليمنية المتصاعدة”.

ضغوط كبرى على “ميزانية ” الكيان

وتشهد المالية العامة في كيان العدو ضغوطًا غير مسبوقة بفعل استمرار العمليات العسكرية وتكاليفها، وسط مؤشرات على دخول اقتصاد الكيان في مرحلة تراجع واسعة النطاق.

وفقًا لتحليلات صدرت مؤخرًا في الصحف العبرية، حذّرت صحيفة “هآرتس” العبرية من أن “فجوة العجز في الميزانية ستتسع بشكل مقلق، نتيجة استدعاء قوات الاحتياط، وتمديد فترة التجنيد الإجباري، والارتفاع الحاد في الطلب على الذخائر والمعدات العسكرية”.

مصادر عبرية مطّلعة أفادت للصحيفة ذاتها أن “الإنفاق على الحرب بلغ خلال عام 2024 نحو 168.5 مليار “شيكل”، ما يمثل أكثر من 8.4% من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة بـ 98.1 مليار “شيكل” فقط في العام السابق. هذا الارتفاع الهائل في النفقات ترافق مع تراجع في الإيرادات الضريبية، نتيجة الانكماش الاقتصادي بنسبة 1.5%، وانخفاض الصادرات والاستثمارات”.

 

“وزارة المالية” في كيان العدو تجد نفسها أمام واقع جديد فرضه استمرار الحرب، يتمثل في عجز مالي يُقدّر بما بين 15 و25 مليار “شيكل”، أي ما يعادل نحو 4 إلى 7 مليارات دولار، وهو ما قد يدفع “حكومة ” العدو إلى رفع الضرائب وتقليص الخدمات الاجتماعية”، بحسب ما ذكرته هآرتس.

في السياق ذاته، كشفت القناة 12 العبرية أن القصف المتكرر الذي تنفذه أنصار الله من اليمن بات يشكّل عامل ضغط اقتصادي إضافي، خاصة بعد استهداف مطار “بن غوريون”، مما تسبّب في تعطل حركة الملاحة وتكبيد كيان العدو خسائر يومية، إلى جانب اضطرار ملايين المستوطنين للالتزام بالملاجئ لفترات طويلة، وتأثر الحياة اليومية والمؤسسات الإنتاجية بشكل مباشر”.

وعلى خلفية هذه التطورات، “شهد اجتماع مشترك بين وزارتي “المالية” و”الدفاع” توترًا لافتًا، حيث وجّه “وزير المالية ” الصهيوني “بتسلئيل سموتريتش” انتقادات حادة لضباط “جيش” الاحتلال، متهمًا إياهم بـ”التصرف من دون شفافية مالية”، وبالإنفاق بشكل غير منضبط.

الصحف العبرية نقلت عن الصهيوني ” سموتريتش” استياءه من غياب التنسيق المالي، ورفضه المطالبات المتزايدة برفع مخصصات “وزارة الدفاع” في “حكومة” العدو.

من جهتها، تدفع “المؤسسة العسكرية” في كيان العدو باتجاه توسيع الميزانية العسكرية، بدعوى الحاجة إلى تغطية التكاليف المتصاعدة للعمليات في غزة، والتأهب على جبهات أخرى. وتُعد هذه المواجهة بين “الوزارتين” استمرارًا لسلسلة من الخلافات السابقة، حيث اتهم الصهيوني “سموتريتش” قيادة “جيش” العدو في وقت سابق بـ”إخفاء معلومات استراتيجية عن القيادة السياسية”.

وتُظهر المؤشرات الاقتصادية الأبرز أن العجز الحالي في الكيان يتغذى من عدة عوامل مترابطة منها تكاليف استدعاء قوات الاحتياط: وتشمل رواتب وتعويضات وتعطّل قطاعات مدنية والإنفاق العسكري المرتفع: خاصة ما يرتبط بتعويضات الحرب وتوريد الذخائر. والركود الاقتصادي الذي أدى إلى تراجع الاستهلاك الداخلي والصادرات، ما قلّل من حجم الإيرادات الضريبية”.